تخوض مدينة تعز في المرحلة الراهنة معركة مصيرية، تستهدف القضاء على العصابات المسلحة المسؤولة عن اغتيال العشرات من جنود الجيش الوطني، بما يؤدي إلى بسط الأمن وتطبيع الحياة في الأحياء المحررة شرقي المدينة، وهي الأحياء التي بقيت رهينة الفوضى والخوف بسبب انتشار العصابات المسلحة فيها، والتحرك فيها بكل أريحية، لممارسة نشاطها الإجرامي في قتل وإرهاب المواطنين.
وإذا كان أبناء المدينة نجحوا في توحيد الجبهة الداخلية في مواجهة الغزو الانقلابي، ودحروه من مناطق واسعة كان يسيطر عليها، فإنهم سينجحون بنفس القدر، في دحر العناصر الإجرامية التي نخرت في جسد المدينة طويلا، وأصبحت تنوب عن الميليشيا الانقلابية في مهمتها القذرة داخل المدينة.
عانت مدينة تعز كثيراً من الانفلات الأمني، ودفعت ثمن ذلك خيرة شبابها، مدنيين وعسكريين، ممن قضوا خلال الفوضى المسلحة أو الاغتيالات الممنهجة، ومن الملاحظ أن العناصر الموتورة ضاعفت استخدامها للعبوات الناسفة في عملها القذر لاستهداف أمن المدينة والمدنيين، وإزهاق الأرواح، ويقع على عاتق السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية، العمل الدؤوب لبسط الأمن والاستقرار في كل شبر محرر من مدينة تعز، وتجنب "اللامبالاة"التي لا تزال تعز تعاني من نتائجها الكارثية حتى يومنا هذا، كما يتطلب الوضع الأمني مزيد من اليقظة الأمنية لأبناء المدينة، والوقوف جنبا إلى جنب مع المؤسسة العسكرية والأمنية، من أجل تحقيق الأمن والأمان، وإفشال المخططات التي تحاول تمزيق المدينة من الداخل بعد أن عجزت عن اجتياحها من الخارج.
لا يخفى على أحد أن المدينة تعيش منذ ثلاث سنوات تحت وطأة الحرب والحصار والخذلان، وما أفرزته من تداعيات مأساوية طالت مناحي الحياة الاقتصادية والأمنية والعسكرية والإنسانية، وهذه المرحلة الحرجة تتطلب مزيد من الاصطفاف والتكاتف لما فيه مصلحة المدينة وأبنائها، التي هي جزء من مصلحة الوطن اليمني الكبير.
خلال ثلاث سنوات، كانت تعز مسرحا كبيرا للكثير من المؤامرات، التي باءت بالفشل، وارتدت على أصحابها خيبة وحسرة، وخلال ثلاث سنوات كانت تعز ولا تزال بقعة ضوء في محيط يسوده ظلمة حالكة، إنها تعز التي تعرف جيدا موقعها في المعادلة الوطنية، وترفض العبث والفوضى والارتهان للمشاريع الصغيرة.
حاول الحوثيون اقتحامها والسيطرة عليها، ففشلوا، بل خسروا الكثير مما كان في قبضتهم من المناطق والأحياء، تحت وطأة ضربات أبطال الجيش الوطني، السياج الحديدي الذي تحطمت على عتباته طموحات الميليشيا، وأصبحت سرابا لا مكان له على أرض الواقع، وفي هذا درس بليغ لعصابات الداخل التي تحاول تفخيخ المدينة، وجرها إلى صراعات عبثية، خدمة لأجندات داخلية وخارجية.
ستبقى تعز عظيمة بجيشها الوطني، وحاضنته الشعبية، وهي تخوض معركة الكرامة، التي دخلت عامها الرابع، بعد ثلاث سنوات نجحت المدينة فيها في إحباط الكثير من المؤامرات والدسائس، وعلى عتباتها تحطمت أمنيات العدو، في كسر صمودها من الداخل.
كم هي عظيمة هذه المدينة، وهي تسير بخطوات واثقة نحو تعزيز الدولة، متغلبة على كثير من الصعاب، بفضل الله، ثم بفضل جيشها الوطني، ووعي أبناءها الذي أفشل كل محاولات الأعداء في جر المدينة إلى مربعات العنف، وإدخالها في دوامة صراع لا تنتهي.
يوما بعد آخر، تسير تعز بخطى واثقة نحو تعزيز مشروع الدولة، وتكريسها في الحياة العامة، من خلال بناء المؤسسات العسكرية والأمنية وفق أطر وطنية، غير أن هناك الكثير من العقبات التي تقف في مواجهة مشروع الدولة، منها ما هو موجود داخل المدينة، ويعمل بكل ما أوتي من قوة على الدفع بالفوضى إلى أحياء المدينة، وأزقتها، مستخدما في ذلك أدوات متعددة، وبدعم أطراف داخلية وخارجية.
ستبقى تعز قوية بجيشها الوطني، ووعي أبنائها، رغم كل مؤامرات الأعداء خارج وداخل المدينة، ومن يعتقد أن بإمكانه جر المدينة إلى الفوضى، فعليه ألا يغامر في معركة محكومة بالخسران سلفا.
اقراء أيضاً
سطا الحوثيون على قريتي... فصرنا غرباء
الجريمة في ظل اللادولة
موسم الهجرة القسرية