خلال الأيام القليلة الماضية، شهد اليمن حدثين بارزين من شأنهما أن يغيرا ملامح المرحلة الصعبة التي يمر بها اليمنيون منذ نحو عامين، الأول القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي بنقل البنك المركزي من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وأنصار صالح، إلى مدينة عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، وأكثرها أهمية من نواح سياسية واقتصادية وغيرها، والثاني انتقال حكومة أحمد عبيد بن دغر بكامل أعضائها إلى عدن أيضاً، حيث تم التمهيد لذلك القرار من قبل الرئيس هادي والتحالف العربي الذي يرى أن وجود حكومة في أراض يمنية يكتسب أهمية على صعيد المعارك السياسية والعسكرية التي يخوضها اليمنيون بالتنسيق مع التحالف لإنهاء انقلاب الحوثيين.
القراران متكاملان من حيث التوقيت والأهداف، وقد جاءت خطوة عودة الحكومة إلى عدن تزامناً مع قرار نقل البنك المركزي، وهي خطوة كانت ضرورية بعد أن بدا أن الحوثيين وأنصار الرئيس السابق استخدموا أموال الدولة للمجهود الحربي وللإنفاق على التعيينات التي جرت لأنصارهم خلال العامين المنصرمين، إضافة إلى أن قيادة البنك، وتحت ضغط الحوثيين، حاولت التعاقد مع جهات أجنبية، روسيا على وجه التحديد، لطبع أوراق نقدية جديدة، وهو ما كان سيسبب تضخماً نقدياً هائلاً يزيد من الأعباء المالية على الناس.
عودة الحكومة كان ضرورياً بعد أن بدأت الانتقادات تستهدف بقاءها في الخارج أكثر من عامين، على الرغم من وجود مناطق محررة، بخاصة الجنوبية منها، إضافة إلى محافظة مأرب في الشمال، وسيكون تواجد الحكومة فرصة لإعادة ترتيب أوضاع المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وإعادة الحياة إليها، من بينها الكهرباء والمياه، وبقية الخدمات الضرورية، بعد سنوات من الحرمان.
لن يكون بمقدور المناطق المحررة التقدم خطوة كبيرة في إطار تطبيع الحياة فيها، ما لم تكن قوة الدولة موجودة، وقوة الدولة لن تحضر إلا بممارسة أعضاء الحكومة لمهامهم بشكل كامل، فإدارة الدولة من الخارج لن يكتب لها النجاح، والخطوة التي أقدمت عليها الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح، فعدن، على سبيل المثال، ازداد الوضع فيها سوءاً في الجانب الخدمي، بخاصة الكهرباء، على الرغم من الدعم الإماراتي الكبير لتحسينها، وذلك يعود إلى كون الشبكة متهالكة وزادتها الحرب سوءاً على سوء.
بالحدثين البارزين، وهما عودة الحكومة ونقل البنك المركزي في آن إلى مدينة عدن، ستكون المرحلة المقبلة مملوءة بالتحديات، وأمام الرئيس هادي فرصة لإعادة بث الأمل من جديد لليمنيين للخروج من دوامة الأزمات التي يعانونها، وتأثرت بها مختلف مناطق البلاد، بخاصة أن هناك وعوداً بضخ أموال إلى البنك ليكون قادراً على تحمل مسؤولياته الحكومية والأخلاقية بتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، الذين أفقدتهم الحرب كل مداخيلهم ومدخراتهم، وقد حان الوقت لتكون عودة البنك إلى عدن طوق النجاة لهم ولأسرهم.
*الخليج الإماراتية
اقراء أيضاً
المغامرون في باب المندب
زيارة غير بريئة!
الخوف من التغيير