يقف العالم بذهول حيال ما تتعرض له أقلية الروهينغيا المسلمة في إقليم أراكان على أيدي الجيش البورمي والمليشيات البوذية المتطرفة من جرائم قتل جماعي وحرق للمنازل وتجريف للأراضي الزراعية وتهجير عرقي وصفته منظمات حقوقية دولية بأنه جرائم ضد الإنسانية.
ويعيد هذا الفصل من الاضطهاد الديني للأذهان ما وثقته كتب التاريخ من أعمال بربرية وجرائم وحشية ارتكبها النصارى عبر محاكم التفتيش بحق المسلمين عقب سقوط غرناطة – آخر قلاعهم في إسبانيا- عام 1492 وامتدت حملة التطهير من آثارهم لتشمل إبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان.
ورغم كل هذه الفظائع التي تقرّ بها الأمم المتحدة نفسها، إلا أن موقف المجتمع الدولي مخجل وساقط أخلاقيا ومعيب بحق دول تدّعي تحضّرها وبلوغها مرتبة عالية في احترام حقوق الإنسان والدفاع عنه ومعاقبة الدول التي تنتهك تعهداتها واتفاقياتها الدولية.
يفشل الغرب مجددا في اختبار شعاراته ومبادئه الإنسانية في مأساة الروهينغيا ويطغى الموقف السلبي الصامت والمندد على استحياء على أغلبية دوله ومن بقي منها يتحرك دبلوماسيا بمجلس الأمن بحثا عن كلمات إدانة ومناشدة لا تفيد المضطهدين شئيا.
أما العالم الإسلامي فهو ميت محسوب على الأحياء ولم يعد هناك من يأمل صحوة ضميره ودوله غارقه بحروب داخلية واضطهاد لا يقل بشاعة عما يتعرض له الروهنغيا باستثناء تحرك دبلوماسي وإنساني نادر لتركيا وأقل منه لدول كماليزيا.
هذا الحال انعكس على شعوبها التي باتت مشغولة في أوضاعها المعيشية الصعبة ومخنوقة بالقمع والكبت والقبضة الأمنية على أن الإنصاف يقتضي التذكير بأنها تعيش أوجاع الروهينغيا ولكنها عاجزة عن نصرتهم حتى بالتظاهر عدا تحركات محدودة في بعض الدول.
وفي البلدان العربية تبدو الصورة قاتمة وأكثر بؤسا وعجزا إذ لم بمقدور المغرد التعبير عن مشاعره حيال شقيقه القريب منه فكيف سيكون حاله إذا تضامن مع شقيقه البعيد وهو يرى السجون تعج بالأحرار وحتى من اختاروا الصمت بعدما أصبح الكلام ممنوعا لكن حتى الصمت أصبح ممنوعا للأسف.
ذاكرتنا اليومية وليس إرشيف الماضي تحفل بمجازر لا تتوقف من مجزرة السيسي في رابعة بمصر إلى مجازر الحوثيين وصالح بتعز كمثال لا الحصر إلى فطائع الأسد بسوريا كلها جرائم على اختلاف من يقومون بها تذكرنا بعصر الطغاة الذي نعيشه منذ ما بعد الاستقلال من الاستعمار الأجنبي.
مهما اختلفت الأسلحة فالموت والفقد واحد لم تعد تتسع له الأرض ما لم تحدث يقظة وصحوة جديدة تصحح مسار ثورات الربيع العربي وتنهي زمن الاستبداد والطغيان وتأسيس دول تطلق الحريات وترعى مصالح الناس في ظل القانون.
اقراء أيضاً
هل يُعتم القمر؟
على ماذا نخاف؟
ثغرة نور