جيدة هي الدعوات الى المصالحة والسلام، ولكن حينما تصدر، هذه الدعوات، عن مسعري الحرب تكون - حسبما يلاحظ - مثيرة للعجب والغضب معا.
العجب: لأن "أبطال السلام" هؤلاء كانوا طبول حرب ابتداء.
والغضب : لأن هؤلاء ينتقلون، في مواقفهم، من النقيض إلى النقيض، دون تبرير أو تفسير.
ليس مطلوبا بالطبع أن يظل هؤلاء على مواقفهم، المؤيدة للحرب: تحريضا، تحشيداً، تهييجا، وتأجيجا.. ولكنهم مدينون، على أية حال، بتفسير، لضحايا الحرب، التي أيدوها وحرضوا عليها وحشدوا لها .. وللأموات منهم قبل الأحياء.
ولأن الدعوات إلى المصالحة، والى السلام عموما، تقوم - أو يجب أن تقوم - على أساس أخلاقي سليم ومتين، فعلى هؤلاء - أخلاقيا - وقد استفاقوا فجأة من غيهم، أن يقروا بخطأ مواقفهم المؤيدة للحرب والمحرضة عليها، وأن يعتذروا عنها، وأن يظهروا بعض الندم والأسف،كشرط إجرائي، أولي وضروري، لدعواتهم لإيقافها.
أما الانقلاب الفجائي في المواقف، والانتقال بين طرفي نقيض، دون تبرير أو تفسير، فليس له من معنى، سوى تعزيز الشك بأننا إزاء شخصيات انتهازية تدور مع مصالحها الذاتية الأنانية، حيث دارت، فاستهترت بأرواح الناس وحياتهم ودمائهم ابتداء، واستهانت بعقولهم وذاكراتهم وافتقدت الاحترام الواجب لذكائهم انتهاء.
هذا إذا ما أراد هؤلاء لدعواتهم أن تسمع، أما إذا أرادوا التطهر من مواقفهم السابقة حقا، فيلزمهم فوق ذلك - وأخلاقيا أيضا - اعتزال العمل العام وإفساح المجال لجيل آخر، جديد، لم يتلوث بعد، لا خطأ ولا عمداً.
فبهذا، وبهذا فقط، تتجسد أخلاق المسئولية، على نحو يعطي الكلمات - والدعوات - معنى وأثر.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
إذا يدك تحت الحجر اسحبها ببصر
نقطة فوضى!!
وسيلتان للخلاص