Notice: Trying to access array offset on value of type null in /home/n971475/public_html/article.php on line 21

Notice: Trying to access array offset on value of type null in /home/n971475/public_html/article.php on line 22

Notice: Trying to access array offset on value of type null in /home/n971475/public_html/article.php on line 23

«لن ننصر الأقصى» قالها وبكل عنجهية أحد أشباه الرجال في مداخلة مع أحد البرامج التلفزيونية عندما سأله المذيع معتبًا عليه أن الأقصى اليوم يناديكم فهل أنتم ناصرونه؟! فكانت إجابته التي أشعلت ثورة بداخل المذيع واستفزت مشاعره من العنجهية والجبن والهوان الذي وصل إليه هؤلاء القوم ومن دار في فلكهم من صهاينة العرب ومنافقيهم. والذين هم وأمثالهم السبب الأول لضياع الأمة وشتاتها وشقائها وهوانها أمام أعدائها فَلَولا النعاج لما كانت الذئاب ذئابًا.


(الأعرابُ أشد كفرًا ونفاقًا) كما قال الله تعالى في كتابه الكريم. وما وصلت الأمة العربية الإسلامية إلى ما هي عليه الآن من التخلف والضعف والاستكانة؛ إلا لنفاقهم وفسادهم ومتاجرتهم بمقدسات الأمة حاكمًا تلو الآخر، وبقيت قصة أرض الزيتون صفحة العار العربي، شاهدة ما بقي التاريخ على ذلك. وهي تحكي عن قصتها جيلًا بعد الآخر وتشكي حالها المثخن بالجروح وآلامها المتجددة دون أن تسمع صدى لأوجاعها. فصلاح الدين الكردي لن يتكرر ويعيد مجد الأقصى إلى حاضرة المسلمين بكل إباء. ويمنح الحرم المقدسي مكانته الاعتبارية في عقيدة كل المسلمين ويجرع الصليبيين السم الزعاف إن هم هموا ثانية بالمساس بقبلة الإسلام الأولى. ولن يعود مجددًا سيف الدين قطز الماجد وابن الإسلام البار ليصنع معركة عين جَالُوت أُخرى، تعطي الإسلام منعة وقوة، وتمسح دمعات المصلين على أبواب المسجد الأقصى، وينتصر للنساء والشيوخ الذين انتهكت كرامتهم على أعتاب الأقصى ومنعهم من الوصول للصلاة فيه، وتلك المقدسية العظيمة بكل تحدٍ ويقين وقوة مستمدة من عقيدتها في وجه قوات الاحتلال تجسد البطولة النضالية لنساء الأقصى قائلة «لن أمنحكم من بلدي شبرًا واحدًا»، فلن تعود حتمًا كل تلك البطولات التي سطرها التاريخ ويبدو أن لا يمكن تكرارها، لقد مضى زمن البطولة وانتهت صكوك الرجولة وبقيت مسمياتها الفخرية.


لقد رد ذلك المذيع المتألم لمشهد الأمة التي باعت كل ما تملك وما لا تملك فكان رده ممزوجًا بحسرة وأسى قائلًا له «إن الأقصى لا يحتاج لأمثالكم لينصروه» فأنت ابن أمة تشتري يومها بدماء أبنائها وأوجاعهم، وتبيع ما لا تملكه. وتفرط في المجد الذي منحها كيانًا قائمًا في محفل العالم. فهي أمة تاريخها أوله حروب داحس والغبراء والبسوس ونهايتها ممزقة مشتتة. هزمت في أول محاولة لإبراز مجدها وسيادتها على أراضيها فكانت هي المرة الأخيرة تذكرت كرامتها ولن تفعل مرة أخرى. فهي ما زالت تحمل عار 67 حينما احتشد العرب بقضهم وقضيضهم في مواجهة كيان هش محتل يدعى إسرائيل لم يمض على وجوده عقدان من الزمن فابتلع الجيوش العربية واحتل أجزاءً واسعة من الجسد العربي فوق ما كان يحلم وخلدها التاريخ في الذاكرة العربية نكسة 1967.


العروبة لن تنتصر للأقصى؛ لعجزها الحتمي وفشلها في حماية نفسها أولًا. ثم لأنها تتحكم بها سلطات بقايا احتلال منهزمة نفسيًا ومضطهدة فكريًا وجيوسياسيًا فهي بذلك خاوية من أي تأثير قيمي يمنحها وسام البطولة لأن حماية مقدسات الأمة والذود عنها شرف عظيم ومجد خالد لا يستحقونه. فهم أقل من أن توكل إليهم مهمة الدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها أو أن يذكر لهم التاريخ جميلًا قط، فهم اعتادوا أن يكونوا ذيلًا في رأس. ثم إنهم لا يملكون قرارهم، فالعرب أصبحوا كشاة القطيع التي لا يهم الذئب إلا بها! وعلاوة على ذلك كله فإذا كانت فلسطين جزءًا من الجسد العربي – الممتهن والمغتصب وهي قابعة تحت الاحتلال الإسرائيلي والعروبة تكتفي بالفرجة كيف يصطاد ذئب الصحراء المفترس فريسته البريئة دون أية ممانعة أو إبداء موقف – فالأقصى قيمة إسلامية تخص من يملك ضميرًا حيًا، ويحمل في قلبه هم الإسلام ومقدساته، يئن لوجعها، ويلبي نداءها، فالأقصى هو قبلة المسلمين الأولى، ويحتل مكانةً ساميةً في قلب كل مسلم في أقصى الأرض أو أدناها، ولن يسلم أمره إلى عرب الصحراء ليخذلوه، ليقدموا جميلًا لإخوانهم الصهاينة ويبيعون موقف عروبتهم بما يملؤون كروشهم ويشبعون غرائزهم فقد قيل فيهم هم أهواء كأس وغانية وما القول عنهم ببعيد!


إن الحرم المقدسي الشريف حرٌ في قلوب جميع المسلمين، وسيهب الجميع لنصرته، وإن الذي هزم الأكاسرة والجبابرة قادرٌ على أن يخمد نار إسرائيل كسابقاتها، وإنما هي مرحلة تمايز وفرز لأصحاب الحق وأتباع الباطل، لأهل الحق أن يثبتوا وأصحاب الباطل أن يوغلوا في الصد عن دين الله، ويستحقوا الْخِزْي والهوان في الدنيا قبل الآخرة. إن الرهان الفعلي على أولئك الأوفياء المخلصين المرابطين على حدود المقدسات القائمين في حق الله والمدافعين عن كرامة الأمة. هم العز وفيهم عزة الأمة وشرفها لن يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، امتلأت قلوبهم صدقًا وامتزجت بعدل قضيتهم يقينًا وزادهم ثباتهم إيمانًا. فهم قطعة من الأقصى، التحمت أجسادهم بترابه، وانحنت نواصيهم رباطًا في حدوده وإعدادًا لنصرته وحمايته. لقد أصبح الأقصى بالنسبة لهم جزءًا من أرواحهم ونفسًَا من أنفاسهم، فقد تعلقت به قلوبهم المخلصة قبل أجسادهم علاقة المحب الوفي لحبيب ودود. فلهم مع المقدسات قصة ملهمة خالدة مليئة بالنضال، حتى وصار النضال جزءًا منهم، والله غالب على أمره وسينتصرون بفضل الله وسينتصر الأقصى ويخسر المتآمرون والمتخاذلون. والتاريخ مليء بقصص أمثالهم لقد بقيت الكعبة وانتهى أبو طالب حينما قال أنا رب إبلي وللبيت ربٌ يحميه، ويعيد التاريخ نفسه بصورة مطابقة حين يقول العرب نحن أرباب كراسينا وملكنا وللأقصى ربٌ يحميه. وحتمًا سينتهون ويبقى الأقصى في أبهى مجده سنة الله في الأولين والآخرين.
 

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر