من خلال النظر إلى تطورات الأوضاع في اليمن بشكل مجمل وبعد أكثر من عام ونصف العام من الصراع يمكننا القول إن الخطط والأوراق التي أدار بها كل طرف معركته ضد الآخر لم تستطع حسم المعركة لصالح أيا منهما سوى انها قربت الجميع من معركة الحسم بعد فشل كل الخيارات السلمية .
وعلى الرغم من نجاح اجتماع جده في دفع الأطراف إلى العودة مجددا إلى طاولة المفاوضات بغية التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بحسب ما اعلن عنه إلا أن السعودية باعتقادي هدفت من ورائه إلى اقناع الامريكيين والبريطانيين الذين يبدون مترددين من الحل العسكري من خلال جعلهم في صورة التهديدات التي تتعرض لها الحدود الجنوبية للمملكة من قبل قوات الحوثيين وصالح وهو ما بات يشكل خطرا للسعوديين يجب ازالته وتامين حدودهم الجنوبية.
وبالنسبة للأمريكيين فان مبادرة وزير الخارجية الامريكي جون كيري التي قدمها لحل الازمة في اليمن والتي تضمنت تشكيل حكومة وحدة وطنية والانسحاب من المدن وتسليم السلاح لطرف ثالث فإنه يمكن قراءتها من زوايا عدة أهمها أن الامريكان وإن كانوا اعلنوا عن رغبتهم في تحقيق السلام وانهاء الحرب في اليمن الا انهم يريدون سلاما يتم تفصيله وفق رؤية تضمن مصالحهم بدرجة اساسية.
ولهذا فانهم لا يفضلون حسم الأمور عسكريا وهزيمة الحوثيين لعدة أسباب أولا أن حسم الأمور عسكريا سيقضي على قوة الحوثيين وهو ما لا يرغب فيه الامريكان لأن ذلك سيفقدهم القدرة على المناورة في الحالة السياسية اليمنية لذا يريد الأمريكان الابقاء على قوة الحوثي لعدة أمور أهمها تكريس الطائفية في اليمن وتقويتها من خلال بنود اتفاق يمنح الحوثيين مكاسب اكبر من حجمهم الحقيقي كما هو الحال في الحالة اللبنانية .
ثانيا ان الابقاء على قوة الحوثيين سيمكنهم من لعب دور اكبر في المنطقة يمكن من خلاله ابتزاز دول المنطقة وعلى راسها المملكة العربية السعودية العدو اللدود للحوثي.
ثالثا لا يوجد لدى الأمريكان موانع في التعامل مع الحوثيين و الاعتماد عليهم كحليف أساسي يمكن استدعائه كلما اقتضت الحاجة لذلك.
وإذا كانت المبادرة الامريكية قد اجلت قرار الحسم لدى دول التحالف والحكومة الشرعية على الأقل في الوقت الحاضر إلا أنها ستعطي مساحة اوسع لحصول تأييد كبير وواسع لدول التحالف والحكومة الشرعية لحسم الامور عسكريا في حال رفض الحوثي وصالح القبول بالحل السلمي لإنهاء الانقلاب .
وختاما يمكن القول إن اجتماع جده وإن كان نحج في دفع الاطراف من العودة مجددا للمفاوضات إلا انه وقياسيا للمفاوضات السابقة لا يمكننا التكهن في تحقيق اختراق سياسي يفضي إلى انهاء الحرب.
وفي اعتقادي أن الذهاب إلى جولة جديدة من المفاوضات لن يكون سوى فرصة اخيرة تمنح للحوثيين لإنهاء الانقلاب والقبول باتفاق وفق المرجعيات الثالث مالم فان خيار المواجهة بالنسبة لهم سيكون بمثابة الانتحار الجماعي لقواتهم والزج بهم في معركة خاسرة لا محالة إذ لا قبل لهم بمواجهة جيش يفوق قدراتهم العسكرية ولديه اسناد جوي كبير ومتطور.
اقراء أيضاً
صالح لم يعد قادر على اللدغ
إلى صديق خلف القضبان
عن مجد سبتمبر العظيم