الشعب اليمني يقدس البطولات ويحب الأبطال ويلتف حول رمزية البطل المنقذ بصرف النظر عن توجهه أو التزامه، المهم ان يكون بطلا.
لقد عرف عن المواطن اليمني في الماضي ان أول كتاب يقرأه بعد أن يتعلم مبادئ القراءة والكتابة وقصار سور القرآن هو قصة "الزير سالم"، او سيرة "عنترة بن شداد"، او قصة "المياسة والمقداد" كأول مادة ثقافية يرى من خلالها الفرد اليمني ذاته البطولية.
وفي سبيل دعم الشعب اليمني للأبطال وعشقه لروح البطولات هتف للزعيم عبد الناصر، واعلى من شان السلال، وأحب الحمدي، وانبهر بصدام، واستهواه أسامة بن لادن، وغيرهم من الابطال والمغامرين، ولم يحرم من هذا الفيض اليمني المحب للأبطال والمعظم لروح البطولات أحد من الابطال الذين قدموا أنفسهم للشارع اليمني والعربي كأبطال بصرف النظر عن حظ كل منهم من البطولة او المغامرة، وبصرف النظر عن مدى استلهامهم لمعاني ومبادئ البطولة الحقيقية.
المهم هو ان بين الشعب اليمني والابطال عقد وثيق من الولاء والدعم والاسناد والمناصرة يتجلى في المشهد السياسي العام كحقيقة ساطعة بمجرد تقديم البطل نفسه للمجتمع كبطل ومنقذ، سواء كان من ابطال الحرب، او من رواد السلام، ولعل هذه الظاهرة تكاد تكون منتشرة في العديد المجتمعات العربية الا انها في اليمن تتجلى بشكل ابلغ واوضح كسلوك لصيق بالشخصية اليمنية.
اذا حصل وان غاب رمز البطل الحاضر من المشهد السياسي لاي سبب من اسباب الغياب وحدث وان انقسم الامر، وتجزأت السيادة، واعتلى الأمر بعض ممن لا يعبر عن حقيقة البطل المثالي واخضع الشعب قهرا لمن يدّعون البطولة، يضطر المواطن اليمني حينها ان يمنح هؤلاء المتصدرين للمشهد، والمتقمصين لدور الابطال ولاءات مؤقتة، وبصكوك مؤقته لجلب السلامة وتمرير الوقت حتى يظهر البطل الحقيقي، ولذا لاحظنا ان المواطن اليمني هنا يلوذ برمزية عفاش، وبجانبه يدق صدره للحوثي، وهناك يهز راسه للانتقالي، وبينهما يمد يد المصافحة لمكونات الشرعية حتى يستبين امرها، كل ذلك في اطار من الولاءات المؤقتة دون ان تصل هذه الصكوك المؤقتة للتسليم للحوثي بالإمامة، ولا لمنح عفاش حق العودة من جديد بعد الذي حدث، للانتقالي بالانفصال، ولا للشرعية بالولاء المطلق.
نستطيع القول ان 80% من ميزان قوة الشعب الاستراتيجية مودعة في هذه الولاءات المؤقتة القابلة للاسترداد لمصلحة البطل الحقيقي، و20% موزعة كولاءات مصيرية لهذه الاشكال المتقمصة لدور البطل.
الاحداث والمتغيرات والاهتزازات وحركة الانتقال من الحرب الى السلم والعكس، وكذا تغيير حلقات الصراع المقرونة باعتمالات دولية واقليمية وحدها التي عادة ما تكون سببا في مراجعة قائمة هذه الولاءات المؤقتة واعادة توزعها، او حسمها لصالح بطل مفترض انتهز المتغيرات وعصر شاربه، ومن ثم أقدم بكل بسالة في اتجاه لم شتات هذه الولاءات المؤقتة والانتصار للقضية الوطنية.
للتأمل:
وما الخير إِلا في السيوف وهزها
والقائها في الهام أو في الحواجب
وحمل الفتى للسيف في اللّه ساعة
كستين عاماً من عبادة راهب
فمالي إِلا السيف حصن ومفزع
إِلى أن ألاقي السيف والسيف صاحبي
"ابراهيم بن قيس الحضرمي"
*من صفحة الكاتب على "فيسبوك"
اقراء أيضاً
قضية قحطان
الحوثيون جماعة إرهابية ويبقى الموقف الدولي
وحدة اليمن واستقلال اريتريا: اهم ثوابت النظام العالمي