في اجتماع الحكومة الأخير، الذي جرى اليوم السبت، في العاصمة المؤقتة عدن، والذي تم تخصيصه، لمناقشة الوضع الاقتصادي، برئاسة رئيس الوزراء، وضم وزير المالية ومحافظ البنك المركزي- بحسب وكالة سبأ الحكومية - تم الحديث كثيراً عن جوانب الإصلاح النقدي والمالي، وتحسين مستوى الإيرادات، من أجل إعادة التعافي للوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد، لكنّ هناك نقاط تتجاهلها الحكومة، باستمرار، عند الحديث حول الإصلاحات الاقتصادية، رغم يقيني أن الحكومة لا تجهل أهمية هذه الخطوات، في إعادة الاستقرار للوضع المعيشي في البلاد، وتحسين قيمة العملة المحلية.
تدرك الحكومة قبل غيرها، أين تكمن الاختلالات، وحجم التشوهات في بنية المؤسسات الحكومية، والقطاعات الاقتصادية، وعدم وجود خطة واضحة، تسير عليها الجوانب الاقتصادية والمالية والإدارية، لكنها تذهب بعيداً أثناء الحديث عن ضرورة إصلاح الأوضاع، وتقفز على المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني، منذ سنوات.
قبل الحديث عن أي دعم خارجي، أو طلب دعم مالي، لإنقاذ البلاد، من كارثة إنسانية، ومن أجل إعادة التعافي لقيمة العملة اليمنية، ثمة أشياء بديهية ينبغي أن تبادر الحكومة للقيام بها وتنفيذها على الأرض، بدلا من الركون على الدعم الخارجي، دون إصلاح الاختلالات الموجودة في المؤسسات وفي بنية الاقتصاد اليمني في الوقت الراهن.
غفلت الحكومة، عن مسألة تفعيل الصادرات اليمنية، وإيجاد مصادر مستدامة من النقد الأجنبي للبنك المركزي اليمني، وتوحيد الموارد والإيرادات، إلى البنك، وإغلاق الحسابات الحكومية، الموجودة في البنوك الخارجية والمصارف المحلية، على الرغم من أن مسألة الموارد المستدامة للدولة من النقد الأجنبي، هي الركيزة الأساسية، التي ينبغي أن تعتمد عليها أي حكومة، في التزاماتها أمام المواطنين، قبل الحديث عن أي دعم إقليمي ودولي، والبحث عن مصادر تمويل أخرى.
لم يتم التطرق إلى مسألة توريد إيرادات النفط الحالية، إلى البنك المركزي، بدلا من بقائه في حسابات الحكومة في الخارج، وعدم استفادة السوق المحلية، من هذه العوائد، التي يمكن أن تترك أثراً ملحوظاً في الجانب الاقتصادي، والمعيشي، إذا ما تم الالتزام بتوريدها إلى الداخل، ووقف صرفها على المسؤولين في الخارج كنفقات وإعاشة شهرية، وبمبالغ خيالية، بالعملة الصعبة، على طوابير من مسؤولي وموظفي الدولة، لا يؤدون أي مهام.
كما لا يمكن أن تتجاهل الحكومة مسالة إعداد الموازنة العامة للدولة، وتفعيل المالية العامة، طالما وهي ناقشت خلال اجتماعها الأخير تفعيل مبادئ الشافية والحوكمة، ومكافحة الفساد، فأين الشفافية في عمل حكومة تعمل بلا موازنة ولا وتقارير مالية أو حسابات ختامية؟
تجاهلت الحكومة، مناقشة تجفيف منافذ ومنابع استنزاف النقد الأجنبي، في البلاد، ومن أبرزها وأهمها، التوسع في عملية الاستيراد، خصوصا استيراد المشتقات النفطية، حيث تتكفل مناطق الشرعية، بتوفير كافة احتياجات البلاد من الاستيراد، بما فيها المناطق الواقعة ضمن مناطق سيطرة الحوثيين، وهذا ما يُفسر تنامي نشاط المضاربة والطلب على العملة الصعبة، في ظل الانقسام النقدي والمصرفي، الذي هو الآخر يلقي بآثار سلبية، على استقرار أسعار الصرف، وعلى قيمة العملة المحلية.
هناك أشياء كثيرة، غفلت عنها الحكومة من ضمنها إصلاح النظام المصرفي، القائم، وتشتت الموارد المحلية، وبقاء موارد وإيرادات قطاعات حيوية، خارج سيطرة الحكومة، مع إدراكنا أن هذه الاختلالات مرتبطة، بتداعيات الحرب العسكرية، والتعقيدات الأمنية في البلاد.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
مغامرة حوثية نحو الانفصال الاقتصادي
اختلال قطاع الطاقة.. إصرار حكومي على الفساد
الحوالات المعلقة