اعتبر مركز أبحاث استخباراتي أوروبي، أن رغبة الرياض في الإسراع بإنهاء الصراع اليمني، والتي تبدوا نواياها صادقة في ذلك، قد دفعت الحوثيين إلى مزيد من التعنت والسعي لتحقيق مطامعهم بالسيطرة على المشهد السياسي لليمن، وفقا للتقرير.
وقال التقرير الذي نشره مركز أوروبي للدراسات الجيوسياسية والاستخبارات «GIS» - ترجمة "يمن شباب نت"، "بأن الصراع على النفط لايزال يدفع لاستمرار القتال بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، برغم امكانية أن تنشط العلاقات الدبلوماسية المتجددة بين إيران والمملكة العربية السعودية، محادثات السلام".
يعتبر قطاع 18 واحدًا (يقع بمحافظتي مأرب والجوف) من أكثر حقول النفط إنتاجًا في البلاد، وهي منطقة من المتوقع أن يتضاعف ناتجه المحلي الإجمالي ثلاث مرات من 1.8 تريليون دولار إلى 6.1 تريليون دولار بحلول عام 2050. بحسب التقرير.
الحقل يعمل بالكاد والظروف الأمنية محفوفة بالمخاطر، النفط هو المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة اليمنية، المدعومة من السعودية، لدعم جهودها الحربية ضد المتمردين الحوثيين، الذين تدعمهم إيران، تحتل اليمن المرتبة 53 فقط بين الدول في إنتاج النفط، بحوالي 70 ألف برميل يوميًا.
أجزاء أخرى من الاقتصاد في حالة يرثى لها، تستورد اليمن ما يقرب من 90 في المائة من قمحها وجميع أرزها، وتم تأمين قروض مالية، بما في ذلك 300 مليون دولار من صندوق النقد الدولي ومليار دولار من صندوق النقد العربي، ومع ذلك يذهب معظمها لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية والجيش.
كما يريد المتمردون الحوثيون الذين يقاتلون الحكومة الاستفادة من عائدات النفط، بما في ذلك دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في المناطق التي يسيطرون عليها، وبدون تقاسم الإيرادات فإنهم يهددون بمواصلة مضايقة الناقلات العملاقة التي تقترب من الساحل اليمني، وبالتالي يكمن الخطر النهائي في احتمالية أن يقطع الحوثيون طريق الشحن الدولي عبر البحر الأحمر.
كيف تؤثر المعادلة اليمنية تؤثر سوق الهيدروكربونات العالمية؟
رغم إنتاجها المتواضع، فإن المعادلة اليمنية تؤثر على سوق الهيدروكربونات العالمية، بالنظر إلى مشاركة كلاً من المملكة العربية السعودية، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وإيران الغنية بالغاز.
ونظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة ميناء الحديدة، حاولت الحكومة اليمنية تنفيذ المرسوم رقم 49 الذي يقضي بدفع الرسوم الجمركية في البحر قبل أن ترسو السفن، فشل تطبيق المرسوم زلم يتم نقل النشاط الاقتصادي إلى موانئ أخرى فحسب، بل عزز الحوثيون نموذجهم في الحكم، وهو مزيج من الإدارة والأعمال، ويأتي معظم دخلهم من بيع الوقود المستورد، الذي يوزعونه في سوق موازية (السوق السوداء) ووفقًا للتقديرات المحلية، فإن ميناء الحديدة يدر ما بين 30 مليون دولار و40 مليون دولار شهريًا.
وعلى الرغم من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومؤسساتها، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من الشمال الغربي في البلاء، إلا أن الوصول إلى الوقود الأحفوري لا يزال يمثل تحديًا، وعلى الرغم من فشل هجومهم الأخير للسيطرة على المواقع النفطية في مأرب، إلا أنهم لا يستسلمون، مقتنعين بأن هذه هي الاستراتيجية الصحيحة.
إن تهديد البنية التحتية النفطية طريقة لجذب انتباه المجتمع الدولي الذي سئم من هذا الصراع الذي لا نهاية له. كما أنه أيضًا رسالة قوية من القادة الإيرانيين، الحليف الرئيسي للحوثيين، لتذكير المجتمع الدولي بمقدرتهم على التأثير على سوق الهيدروكربونات العالمية.
عندما ضربت طائرات مسيرة تابعة للحوثيين مصنع بقيق التابع لشركة أرامكو السعودية في عام 2019، انخفض المعروض العالمي بنسبة 5 في المائة وارتفع سعر البرميل لفترة وجيزة بنحو دولارين. وتستهدف هجمات المتمردين مرافق موانئ ردم وقنا (شبوة) والشحر (حضرموت). كما يتم استهداف صهاريج تخزين شركة بترول أبو ظبي الوطنية، وتستهدف طائرات الحوثي المسيرة ومتفجرات متسكعة ناقلات عملاقة تقترب من الساحل اليمني الذي تسيطر عليه القوات الحكومية.
وبحسب مصادر أمنية، فقد حفر الحوثيون قناتين صغيرتين لإخفاء زوارق سريعة يمكن أن تظهر في عرض البحر وتشن هجمات خاطفة على حركة الملاحة البحرية، ومنذ انتهاء وقف إطلاق النار في 22 أكتوبر/ تشرين الأول، شن الحوثيون هجومين بطائرات مسيرة على محطات نفطية في حضرموت وشبوة.
وقد أدانت الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي مرارًا هذا "التهديد غير المقبول للتجارة البحرية الدولية وحرية الملاحة". لكن الشركات العالمية، التي اعتادت على تدهور البيئات الأمنية، تتجاهل الأمر. وقد أوقفت شركة كالفالي بتروليوم الكندية أنشطتها في حضرموت، فيما تريد شركة توتال الفرنسية مغادرة اليمن في محاولة لتقليل خسائرها.
السعوديون اظهروا بوادر حسن نية خاصة في الموضوع الانساني وهو كارثي، إذ يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة والحماية، وعمليات إزالة الألغام في الريف جارية لتدمير الألغام المضادة للأفراد والذخائر غير المنفجرة التي تهدد المدنيين باستمرار.
تبدو رغبة الرياض في حل النزاع صادقة. يقول وزير الخارجية السعودي إنه يؤمن بإمكانية التوصل إلى حل تفاوضي، قد تكون الخطوة الأولى منه توقيع اتفاق جديد لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، فإن هذه الرغبة في الإسراع بإنهاء الصراع دفعت المتمردين الحوثيين إلى مزيد من التصلب والعناد. دور إيران في هذه العملية غير واضح، وليس هناك ما يشير إلى أن حليفتها الصين سترحب بتحريك طهران للحوثيين لإغلاق مضيق هرمز أو مفاقمة حالة انعدام الأمن في البحر الأحمر.
ويطالب المتمردون الحوثيون بدفع رواتب الموظفين العاملين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولا سيما في العاصمة صنعاء. إنهم يريدون حكومة معاد هيكلتها بالكامل لتولي السلطة في اليمن بحيث يسيطرون على المشهد السياسي.
ويبقى المجهول متمثلاً بمرونة الأطراف المتحاربة وحلفائها. قبل عام 2014، كانت اليمن دولة فقيرة، وهي اليوم تعاني من فقر مدقع، يسحقها صراع بين الأشقاء لم يسلم منه أحد ويهدد بتدمير الدولة، لقد انضمت البلاد إلى مجموعة الصراعات المنسية التي لا تحسد عليها.
سيناريوهات محتملة
في السيناريو الأول، تتوقف الحرب بينما تضغط السعودية وإيران من أجل إنهاءها، فبعد فشلهم في السيطرة على حقول النفط، يمكن للمتمردين الحوثيين السعي إلى زيادة استقلاليتهم السياسية، البلاد منقسمة بشكل كبير وقد يكون قرار المجلس الانتقالي الجنوبي بإعلان نفسه مستقلاً ذاتيًا في عام 2020 قرارًا لا رجوع فيه، حيث تتعايش منطقتان اقتصاديتان.
حيث يستخدم الحوثيين الريال القديم في مناطقهم فيما لدى الحكومة اليمنية أوراق نقدية جديدة طبعها البنك المركزي في عدن. ويمكن أن يوافق أشقاء اليمن المتحاربون على وقف إطلاق النار الذي يعيد البلاد إلى تقسيم عام 1967 عندما كان اليمن الجنوبي مستقلاً.
في السيناريو الثاني، الأكثر احتمالاً تتوصل الأطراف المتحاربة المنهكة إلى اتفاق حول توزيع عائدات النفط، ويمكن للحوثيين وحليفهم الإيراني تقديم هذا السيناريو على أنه انتصار، وتأمل طهران في أن تعزز مثل هذه الصفقة وجودها في خليج عدن، الذي يمر من خلاله 10 في المائة من حركة النقل البحري في العالم.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 29 مارس, 2023
حذر من مخاطر قبول تسوية زائفة.. معهد أمريكي: لن تجلب الصفقة السعودية الحوثية سلاماً دائماً في اليمن
الجمعة, 24 مارس, 2023
ستبني سياجا بطول 900 كلم.. موقع أمريكي يكشف خطط سعودية لإغلاق الحدود تمامًا مع اليمن
الاربعاء, 22 مارس, 2023
ما أبرز النتائج المتوقعة للاتفاق الإيراني السعودي بملف إنهاء الحرب في اليمن؟ (تحليل خاص)