قال مركز دراسات "إن سقوط مأرب أو تطويقها من الحوثيين، لا يعني تضرر موقف الحكومة الشرعية فقط وعرقلة عملية السلام، بل يعني تمزق اليمن وتشظيها".
وتشتد المعارك حول مدينة مأرب (شمال شرق اليمن)، منذ نحو عام حيث يحاول الحوثيون السيطرة على المدينة التي تعد اهم معاقل الحكومة الشرعية، وخلال الأشهر الماضية زادت وتيرة الهجمات الحوثية، في ظل صمود قوات الجيش مسنودين بالقبائل في منع محاولات السيطرة على المدينة.
وفي خلاصة دراسة نشرها مركز أبعاد للدراسات تقول "تنبئ تحركات أطراف الحرب الأخرى مثل "المجلس الانتقالي الجنوبي" نحو شبوة ووادي حضرموت، وقوات "طارق صالح" في تعز، أنها تستعد للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي عقب سقوط مأرب لتوسيع دائرة سلطتها بمبرر تعزيز الموقف التفاوضي".
وأشارت أن هذا "ما سيدفع إلى نشوء حروب صغيرة مع المجتمعات المحلية قبائل تعز، وقبائل تهامة، وحلف قبائل حضرموت، وقبائل المهرة وسقطرى، وقبائل شبوة وأبين".
ولفتت الدراسة - التي نشرت بعنوان "تحديات وفرص مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن" - أنه "لا يملك أي طرف بما في ذلك الحوثيون القدرة على فرض سيطرته على باقي الأطراف، ما يؤسس لتقسيم للبلاد إلى أكثر من دولة، وإذا ما تجاهل المبعوث الأممي "غروندبرغ" لهذه المعركة فإن أي اتفاق لاحق لن يؤدي إلى سلام مستدام".
وذكرت "مالم تعد الحكومة اليمنية إلى الداخل وترتب أوراقها السياسية والاقتصادية والعسكرية، فإنها ستخسر تدريجيا على الأرض وتقل قيمتها في أي اتفاق مستقبلي لصالح ميلشيات تتوسع أكثر على حسابها".
وقالت الدراسة "من الأهمية بمكان إيجاد حلول سريعة لانهيار الاقتصاد اليمني، وغلاء المعيشة، ومعالجة الإحباطات التي يعاني منها اليمنيون قبل إيجاد حلّ شامل فمثل هذه العوامل يمكنها أن تزيد تعقيد الصراع وتتسبب بظهور عوامل عسكرية وسياسية جديدة تطيح بأي جهود سلام".
تهديد للرياض
ووفق خلاصة الدراسة "على الرياض أن تدرك أن حدودها مهددة مع وجود ميلشيات تمتلك سلاحا استراتيجيا وتحكم مساحة واسعة في الجوار، وأنها لن تكون في مأمن مالم ينكسر المشروع الإيراني في اليمن".
وقالت "الحوثيين لن يذهبوا لسلام شامل مالم يكن هناك ضغط عسكري يجبرهم على ذلك، وهذا يجعل السعودية أمام مسئولية منع أي انهيار عسكري لحلفائها على الأرض قبل أي اتفاق، بل مسئولة عن ردم الهوة بينهم وترتيب أوراقهم على الأرض بشكل تكاملي".
وترى الدراسة "أن التسريع من وتيرة الاتفاق بين المجتمع الدولي وإيران من جهة، وأيضا بين السعودية وإيران خاصة وأن طهران استخدمت الحوثيين ورقة من أوراقها في المفاوضات، وهو ما جعل واشنطن إلى اعتبار اليمن هدية لشجيع إيران الاندماج في مفاوضات الاتفاق النووي بعد رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب".
في 21 سبتمبر، التقى مسؤولون من السعودية وإيران، في مطار بغداد في الجولة الرابعة من المحادثات التي تهدف إلى تحسين العلاقات، وقد جرت ثلاث جولات أخرى من المحادثات المباشرة في عهد الرئيس الإيراني حسن روحاني، كانت هناك فجوة قصيرة في أغسطس عندما تولى الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي منصبه، ولكن في الأسابيع الأخيرة، ظهر زخم جديد.
جاءت المحادثات بعد شهر واحد فقط من مؤتمر بغداد الدولي للتعاون والشراكة الذي جمع ممثلين من المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا ومصر وغيرها لمناقشة المخاوف الأمنية الإقليمية، إذ تعتبر المملكة العربية السعودية وإيران، بطبيعة الحال، محوريتين في الأمن الإقليمي، لكنهما وجدا نفسيهما بانتظام على طرفي نزاع في النزاعات الإقليمية.
"غروندبرغ" ومسار السلام
تولى هانز غروندبرغ، السفير السابق للاتحاد الأوروبي في اليمن، منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في 5 سبتمبر 2021، في الوقت التي كثف الهجمات العسكرية من قبل الحوثيين، الذين يرفضون الدخول في أي مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب في ظل دعوات دولية واسعة.
في العادة عندما يستعصي حلّ صراع كالذي في اليمن، فإن حله يكون على مراحل: الضغط على الأطراف، وبناء الثقة، ثم الدفع لمشاورات سلام بين الأطراف، لكن هذا الحل غير مجدي في اليمن، لذلك فإن مسار "غروندبرغ" نحو تقديم مبادرة لتسوية شاملة، قد تمكنه من التقدم. كان أبرز أسباب فشل سلفه "غريفيث" هو تجزئة الحل. وسبب تقدم مسار "إسماعيل ولد الشيخ" كان تقديم رؤية حلّ شاملة في مشاورات الكويت (2016)، وفق الدراسة.
وقالت الدراسة "عند تقديم أي مبادرة حل للصراع في اليمن، على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والولايات المتحدة فهم ما يعنيه وجود دولة ممزقة على الحافة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وقرب مضيق باب المندب يتزايد فيها نشاطات الجماعات المسلحة والإرهابية".
ولفتت "ان فتح حوار جدي مع الإمارات لمعرفة حدود طموحها في اليمن، وتضمين مصالحها ومصالح الخليج في اي اتفاقيات قادمة لضمان الحصول على تأييدها لاتفاق سلام من خلال ضغطها على أطراف الحرب التي ترعاها وأطراف سياسية أخرى تدعمها بالذات المجلس الانتقالي".
وتابعت "سيكون من الضروري الحصول على الدعم والتأييد الروسي؛ ليس فقط في الأمم المتحدة، وإنما أيضًا لإقناع طارق صالح – الذي يقود قوات المقاومة الوطنية على ساحل البحر الأحمر- بأن أفضل ما يخدم مصالحه هو أن يكون جزءًا من دولة يمنية موحدة".
وسافر طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، مؤخرًا لموسكو لإجراء مشاورات هناك. على عكس معظم الدول، لم تسحب روسيا سفارتها من صنعاء في أعقاب استيلاء الحوثيين على السلطة في أواخر عام 2014، وبدلاً من ذلك، عززت روسيا علاقاتها مع علي عبد الله صالح، الذي كان آنذاك حليفًا للحوثيين، ولم تغلق سفارتها إلا بعد مقتله في عام 2017. وتتطلع روسيا اليوم لإعادة تكرار علاقتها مع عائلة صالح من خلال طارق.
واختتمت الدراسة الخلاصة بالقول "على الحوثيين إدراك أن هذه الحرب وتداعياتها السياسية والاقتصادية والإنسانية على اليمن والمنطقة، بسبب خياراتهم المسلحة في السيطرة على السلطة وفرض واقع على الأرض باستخدام القوة والعنف، ولذلك لن تنتهي هذه الحرب إلا بتراجعهم عن تلك الخيارات الدموية والقبول بالخيارات السياسية".
أخبار ذات صلة
السبت, 02 أكتوبر, 2021
"فيضان قاتم من القتال منذ أشهر".. واشنطن بوست: في مأرب معركة "محورية" على الأراضي الوعرة
الثلاثاء, 12 أكتوبر, 2021
اسوشتيد برس: الهجوم على مأرب يسلط الضوء على استخفاف الحوثيين بالنساء والأطفال باليمن
السبت, 09 أكتوبر, 2021
"الدعم السعودي غير كاف".. تقرير أمريكي: مأرب تحمي حكومة هادي من نزّع شرعيتها محلياً ودولياً