أبدى خبير دولي مرموق، متخصص في الشئون اليمنية، تفاؤله، ولكن بقدر من الحذر، حول مسألة تنفيذ الإتفاق المعلن مؤخرا بخصوص تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية، والمتمردين الحوثيين. خلال لقاء مع شبكة (NPR) الأمريكية، ركز على هذه المسألة بشكل خاص.
جاء ذلك، على خلاف توقعات الكثيرين المتشائمة دائما، خصوصا حينما يتعلق الأمر بجزء تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين طرفي الصراع في اليمن، والتي لم تنتهِ أي منها إلى التنفيذ العملي على أرض الواقع.
"إن أي إتفاق يحدث بين الجانبيين المتحاربين في اليمن يعد أمرا نادرا، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل الحذر بشأن ما أعلن عنه نهاية هذا الأسبوع حول خطة تبادل الأسرى بين الحكومة المدعومة من السعودية، وبين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران". بهذه الكلمات التشكيكية أستهلت مذيعة الشبكة، "أودي كورنيش"، لقائها مع الخبير الدولي المتخصص بالشأن اليمني.
وتحدث الخبير الدولي بيتر سالزبري، وهو كبير المحللين في شؤون اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية، لشبـكة NBR الأمريكية، عما تعنيه هذه اللحظة بالنسبة للصراع في اليمن، الذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، لافتـاً الى فرص نجاح تنفيذ الإتفاق من فشله في ظل إخفاق تنفيذ العديد من الاتفاقات السابقة بين الأطراف اليمنية.
في البداية، وردا على سؤال المذيعة بشأن ما يعرفه عن هذه الصفقة التي أبرمتها الأمم المتحدة إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دون أن تعلن الكثير عن تفاصيلها، قــال ساليزبري: "ما نعرفه حتى الآن عن اتفاق تبادل الأسرى، هو أنه وبعد ثلاثة اجتماعات جرت على مدار العام ونصف العام تقريبًا، اتفق الجانبان حقًا على أنهما سيتبادلان بعض السجناء، وهو الأمر الذي سبق وأن قالوا إنهم سيقومون به في المرة الأولى في ديسمبر 2018."- في إشارة إلى توقيع "اتفاق ستوكهولم" الذي تضمن جزءً خاصا بتبادل الأسرى، لم ينفذ منه شيء حتى الأن.
وأضاف "وما نحن بصدده الآن هو أنهم توصلوا أخيرا إلى اتفاق حول الحزمة الأولى من إطلاق المعتقلين، الذين قد يصلون إلى بضعة مئات، والبعض يتحدث عن 1,400 من هذا النوع. لذلك، مع قليل من التوفيق، سنرى هذا يحدث خـلال الأسابيع القليلة القادمة".
مع أنه أكد على أن المشكلة المستعصية "التي نواجهها باستمرار مع طرفي الحرب هذين، هي أنهما يكونان جيدين عند الموافقة على هذه الأمور مع بعضهما البعض، لكنهما لا يكونان كذلك عندما يتعلق الأمر بتحويل تلك الاتفاقات إلى أفعال على أرض الواقع".
إلا أنه يستدرك بالقول "لذلك يتوجب علينا أن نحبس أنفاسنا في انتظار تنفيذ هذا الأتفاق أيضا، ونرى ما الذي سيحدث فعلا".
وتسائلت المذيعة بشأن ما إذا كان التصعيد الأخير في علاقات إيران والولايات المتحدة سيعّقد المضي قدما ًبالنسبة لنجاح عملية التبادل، أو على الأقل حتى الأن؟ لاسيما في ظل وجود جانب مدعوم من إيران، فيما الآخر مدعوم من التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتدعمه الولايات المتحدة؟
في هذا الخصوص، يقول سالزبري، بأنه: كما هو الحال مع كل شيء في الشرق الأوسط، فإن الأمر معقد أكثر قليلا هنا من مجرد وجود مجموعة تدعمها إيران، وأخرى تدعمها السعودية.
ويضيف: فما هو أكثر إثارة للاهتمام، ربما، بالنسبة لي في الوقت الراهن، هو أن هذا قد حدث فعلاً، على الرغم مما نشهده من تصعيد في القتال بين القوات الحكومية المدعومة من السعودية والقوات الحوثية في شمال البلاد، وفي وقت يحاول فيه السعوديون والحوثيون التفاوض بشكل منفصل تقريبا على هدنة في الحدود، حيث كان الحوثيون يطلقون طائرات مسيرة وصواريخ على البنية التحتية السعودية، والسعوديون يردون بشن غارات جوية ضد الحوثيين، وكلاهما يرسلان قوات لمحاربة بعضهم البعض عبر الحدود.
ويقول إن هذا يضفي، في الوقت ذاته، أكثر من إشارة على أن هذا المسار- المفاوضات بين الحوثيين والسعوديين- يمضي بالشكل الصحيح. فالسعوديين على ما يبدو كانوا في غرفة المفاوضات (مع الحوثيين) هذه المرة، وهو ما لم يحدث في الاجتماعات السابقة. لذا فإن نوعية هذا المسار تتحسن، في حين أن العلاقات بين الحوثيين وحكومة هادي آخذة في التدهور، وهو أمر حيوي مهم للغاية معرفته في الوقت الراهن.
ومع استمرار الضربات الجوية، حيث شهد الأسبوع الماضي فقط ضربة جوية للتحالف بقيادة السعودية أدت إلى مقتل أكثر من 30 مدنيا، وفقًا للأمم المتحدة..، يسأل المذيع، ما إذا كان ذلك سيؤثر على رؤية الناس عند هذه اللحظة، إلى هذا الاتفاق بأي تفاؤل حقيقي؟
يقول ساليزبري "أخشى ألا يحدث ذلك حقًا، ببساطة لأننا رأينا الكثير من الاتفاقات تأتي وتذهب. وبهذا الاتفاق، أعلن أن الأطراف اتفقت على تحديد الفترة الزمنية للقيام بالأمور التي اتفقوا عليها بالفعل. لذا، مرة أخرى، أعتقد أن الناس ينتظرون رؤية الدليل على استعدادهم فعليا للقيام بهذا الأمر، أولاً وقبل كل شيء".
ولكن لماذا تعتقد أن هذه اللحظة قد حانت الأن؟ خلافا عن كل المرات السابقة.. تسأله المذيعة، فيرد الخبير الدولي، بالإشارة مجددا إلى ذلك "التحول الذي نشاهده، والمتثمل بإنخراط السعوديين هذه المرة في المفاوضات المباشرة"، الأمر الذي يعتقد أنه "من المحتمل أن تكون هذه إشارة إلى أن السعوديين والحوثيين يمضون قدما في تحسين علاقاتهم".
وكشف ساليزبري على أن الطرفان (السعودي والحوثي) بداءوا "بالنقاشات مع بعضهم البعض بشكل مباشر منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي"، لافتا إلى أن هذه المحادثات الثنائية "تم تكثيفها بالفعل إثــر الهجوم الكبير على البنية التحتية للنفط السعودي في سبتمبر الماضي، والتي طالت منشأة بقيق النفطية، وكادت أن تزلقنا إلى نقطة نشوب حرب إقليمية بين الولايات المتحدة والسعودية من طرف، وإيران من طرف آخر".
واستدرك: غير أن ذلك، أيضا، منح الحوثيين والسعوديين هذا النوع من التروي حيث فكر كليهما، جيدا، بأنه ربما يكون من الأفضل لهما عقد صفقة مع بعضهم البعض مما يؤدي إلى إخراج اليمن من دائرة المواجهة، الأمر الذي يعني عدم انشغالنا بقتال بعضنا البعض.
وتابع بالقول "وبهذا تكون السعودية قد قلصت إلى حد ما أحد الأمور المقلقة بالنسبة لها، والذي يمنع اليمن من التورط أكثر في أي صراعات إقليمية".
وخلص ساليزبري الى القول: "ولذلك فنحن اليوم نرى أن الحفاظ على هذه المصالح لازال مستمراً كجزء من هذه المحادثات." ـ على حد تعبيره.
أخبار ذات صلة
الأحد, 16 فبراير, 2020
الأمم المتحدة تعلن اتفاق الأطراف اليمنية على إتمام أول عملية تبادل للأسرى والمحتجزين
الإثنين, 17 فبراير, 2020
مسؤول حكومي: تبادل الأسرى يشمل الكل مقابل الكل والتنفيذ سيتم قريبًا
الإثنين, 17 فبراير, 2020
مصدر أممي: الاتفاق على إطلاق سراح أكثر من 1400 أسير ومختطف