في 22 نوفمبر، عرض الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون رؤية بكين لمستقبل اليمن بعد انتهاء الصراع. وفي بيان رسمي، دعا تشانغ جون المجتمع الدولي إلى تقديم "مساعدة مخصصة" لتحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني، وسلط الضوء على اليمن كنموذج لموقف الصين المتمثل في أن التنمية هي طريق فعال للسلام والاستقرار للبلدان التي تواجه الصراعات الداخلية.
وقال موقع المونيتور في تقرير له -ترجمه "يمن شباب نت"- كان بيان تشانغ جون حول اليمن جديراً بالملاحظة لأنه كان أكثر وضوحاً من دعوات بكين الغامضة تقليدياً للحوار بين اليمنيين والحل السياسي للحرب في اليمن. وتتزامن تعليقات الممثل الصيني مع توسيع أوسع لمشاركة الصين في اليمن.
وبما أن الصين تمتلك شراكات استراتيجية شاملة مع المملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة، فقد دعمت الصين بحذر حكومة اليمن المعترف بها دولياً، مع الحفاظ على خطوط الاتصال مع الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وبحسب التقرير "وقد عززت الصين هذه العلاقات الدبلوماسية الوثيقة مع الفصائل اليمنية المتحاربة لتوسيع وجودها الاقتصادي في اليمن وبالتالي تعزيز نفوذها على البحر الأحمر".
منذ المراحل الأولى من الحرب الأهلية في اليمن، أيدت الصين رسمياً شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي. فقد صوتت الصين لصالح قرار مجلس الأمن رقم 2216 في أبريل 2015، الذي أدان الانقلاب الحوثي، واتفقت مع موقف المملكة العربية السعودية من وحدة اليمن وسيادته في بيان مشترك صدر في يناير 2016.
للمزيد إقرأ أيضاً..
الصين واليمن
كما التقى المسؤولون الصينيون بانتظام مع أعضاء تحالف هادي، مثل نائب الرئيس علي محسن صالح، وتعاونوا دبلوماسياً مع الإصلاح، الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين.
إن موقف الصين من التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن يقع في مكان ما بين الموقفين الروسي والأمريكي، حيث رفضت تقليد الانتقادات التي وجهتها موسكو للسلوك السعودي، ولكنها أعربت أيضًا عن شكوك أكبر من صانعي السياسة الأمريكية بشأن جدوى الحملة العسكرية.
على الرغم من دعمها لشرعية هادي، فقد أقامت الصين أيضًا علاقات ودية مع الحوثيين والانتقالي الجنوبي. مارب الورد، -صحفي يمني- يتابع عن كثب علاقة الصين باليمن، قال للمونيتور إن السفير الصيني لدى اليمن كانغ يونغ يجتمع بانتظام مع ممثلي الحوثيين.
عززت الصين علاقاتها الودية مع ممثلي الحوثيين لإقناع الجماعة بقبول اتفاق تقاسم السلطة مع حكومة هادي بدلاً من إنشاء مؤسسات دولة موازية.
يتعزز حضور الصين في اليمن بشكل أكبر من خلال جهود التواصل مع الانتقالي الجنوبي التي تشبه إلى حد كبير علاقاتها مع الحوثيين، حيث أن علاقات الصين مع الانتقالي الجنوبي لها سوابق تاريخية. وصرح الدبلوماسي اليمني السابق أحمد عاطف للمونيتور بأن "الارتباط الأيديولوجي الخاص لرئيس جنوب اليمن سالم الماوي" خلال السبعينيات وضع الأساس لعلاقة الانتقالي الحالية الوثيقة مع الصين، فيما ممثل الانتقالي الجنوبي في الرياض عادل الشبحي منخرط بشكل دوري مع المسؤولين الصينيين.
إن علاقة الصين بالانتقالي الجنوبي لم تكن بمثابة دعم لاستقلال جنوب اليمن، بل تتوقف على تشجيع بكين على دعم اتفاق الرياض لتقاسم السلطة مع حكومة هادي.
إقرأ أيضاً..
"فورين بوليسي" الأمريكية تكشف: طائرة "صينية" بدون طيار تابعة للإمارات قتلت "الصماد".. وهذه هي العواقب (ترجمة خاصة)
وعلى عكس البلدان الأخرى التي تبنت مقاربة متعددة العوامل للحرب الأهلية اليمنية، مثل عمان وروسيا، لم تستغل الصين علاقاتها الوثيقة مع العديد من الأطراف المتحاربة في اليمن لتولي دور الوساطة أو الحوار. وبدلاً من ذلك، استفادت الصين من هذه العلاقات الدبلوماسية لتقحم نفسها كمستثمر في الاقتصاد اليمني.
أصبحت المصالح الاقتصادية للصين مقننة في السياسة الرسمية، حيث تدعم بكين إدراج اليمن في مبادرة الحزام والطريق وذكرت أنها "مستعدة" للمشاركة في إعادة البناء الاقتصادي لليمن.
تتواصل جهود الصين لإشراك اليمن في مشروع الحزام والطريق إلى حد كبير عبر جنوب اليمن، الذي يعمل كجسر بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي. من أجل حماية هذه الاستثمارات، تعمل الصين على تعزيز علاقاتها الوثيقة مع حكومة هادي والانتقالي لتوسيع دورها كمزود أمن على ساحل اليمن على البحر الأحمر.
وأشار مأرب الورد إلى أن صانعي السياسة الصينيين يتطلعون إلى إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية، بالقرب من مدخل مضيق باب المندب، كجزء من "رؤيتهم لتعزيز وجود بكين على البحر الأحمر".
لاستكمال هذه الاستثمارات في البنية التحتية، أولت الصين اهتماماً أكبر لاحتياجات التنمية الاقتصادية في اليمن. وللمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، قدمت الصين مساعدات غذائية، والتي تضمنت نقل شحنتين من الأرز بقيمة 1200 طن بين مارس ومايو 2019. كما حثت الصين الجهات المانحة الدولية على تقديم 2.6 مليار دولار من المساعدات التي تم التعهد بها في مؤتمر فبراير 2019.
وقد حدثت جهود الصين لتخفيف حدة الفقر المدقع في اليمن بالتوازي مع الاستثمارات التي تسهل تنويع الاقتصاد اليمني الذي مزقته الحرب. وقال محمد باهارون، المدير العام لمعهد بحوث، وهو ومعهد أبحاث السياسات في دبي، للمونيتور إن الصين تستكشف استثمارات في "مصافي التكرير ومشاريع تحلية المياه".
وجادل با هارون بأن هذه الاستثمارات لديها فرصة جيدة للنجاح، حيث أن الشركات الصينية كانت تحظى بالاحترام في اليمن بسبب "سرعة التسليم والأسعار التنافسية". كما رحبت الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة بالاستثمارات الصينية في قطاع النفط والغاز وسعت إلى إحياء اتفاقياتها السابقة مع الصين في هذه المجالات.
يزيد استعداد الصين للاستثمار في اليمن خلال فترة الأزمة السياسية من قوتها الناعمة في جميع أنحاء البلاد ويعزز علاقاتها الوثيقة مع جميع الفصائل المتحاربة الرئيسية في اليمن.
وعلى الرغم من أن الصين تدعم رسمياً شرعية حكومة هادي، فإن ارتباط بكين بالحوثيين والانتقالي الجنوبي يرتبط ارتباطًا وثيقًا برغبتها في توسيع وجودها الاقتصادي في اليمن. ففي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وتأكيد نفسها كقوة عظمى في منطقة البحر الأحمر، من المرجح أن تعمق بكين تدخلها في اليمن في الأشهر القادمة.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 07 أغسطس, 2019
مركز أبحاث اقتصادي يكشف: نفط اليمن ما زال يغذي الصين والنمسا بـ 38 ألف برميل يومياً (ترجمة خاصة)
الأحد, 03 فبراير, 2019
السفير الصيني: التأريخ اليمني ملئ بالشواهد على قدرة الشعب على تجاوز الصعوبات
الجمعة, 19 أكتوبر, 2018
الرئيس هادي يتطلع لإعادة الاستثمارات الصينية في مجال النفط والغاز باليمن