قال تحليل أمريكي "إن الاطماع الانفصالية في جنوب اليمن من المرجح أن تؤدي مستقبلاً إلى مزيد من الانقسام في دول الخليج العربي، مع اعتراض عمان أيضًا على تقسيم الدولة القومية اليمنية بعد عام 1990".
أضاف موقع «Gulf State Analytics» في تحليل ترجمة "يمن شباب نت" أن الانقسام سيكون على خلفية دعم الإمارات للانفصاليين الجنوبيين وعسكرة جنوب اليمن التي تثير قلق قيادة سلطنة عُمان، في الوقت الذي تسعى السعودية إلى قياس نفوذ مسقط في الأراضي اليمنية.
وأشار التحليل "أن التداعيات الجيوسياسية الإقليمية لإصرار الانتقالي على السلطة معقدة بالنظر الى أن حقيقة تحالف حكومة هادي والانتقالي مع التحالف العربي لازالت تحمل العديد من التناقضات".
وتابع "وبالإضافة إلى هذه النقطة، فقد خلقت ديناميكية المصالح المتضاربة تلك داخل التحالف مصدراً للتنافس بين القوتين المهيمنتين داخل التحالف العربي الذي الحوثيين وهما أبو ظبي والرياض".
ولفت التحليل "بينما السعوديون يقاتلون دفاعًا عن شرعية هادي، فإن علاقة حكومة هادي غير ودية مع ولي العهد الأمير محمد بن زايد، حاكم الإمارات العربية المتحدة الفعلي، الذي اتهمه هادي بالتصرف كمحتل في اليمن".
نص التحليل التحليل الأمريكي الذي ترجمه "يمن شباب نت"
في جنوب اليمن، لازالت المظالم المستمرة منذ عقود دون معالجة حيث يعتبر الكثير من اليمنيين الجنوبيين أنفسهم ضحايا استغلال القيادة في الشمال. وقد تزايدت حدة ذلك الاستياء عقب استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014 وتوغلهم العسكري في الجنوب. كما ساهم فشل حكومة اليمن المعترف بها دولياً في توفير السلام، أو أي شكل من أشكال القانون والنظام، أو الخدمات الحكومية الأساسية في المحافظات الجنوبية في البلاد، في تزايد المطالب لاستعادة جنوب اليمن كدولة مستقلة.
وبالتالي، فإنه ومنذ تأسيسه في أبريل 2017 (بعد 25 شهرًا من دخول التحالف الذي تقوده السعودية اليمن)، اكتسب المجلس الانتقالي الجنوب نفوذاً أكبر، سواء من حيث القوة العسكرية أو الناعمة. ويبدو أنه بات لدى الانتقالي الجنوبي القوة الكافية للتأثير بشكل كبير على نتائج الحرب الأهلية في اليمن، لدرجة أن تجاهل مطالبه سيجعل السلام في البلد الذي مزقته الحرب مسألة أكثر صعوبة.
فبعد أن قاتل بشكل مثير للإعجاب ضد كل من القوات الحوثية والسلفية الجهادية ممثلة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية، حظي الانتقالي الجنوبي بدعمً أقوى من الإمارات العربية المتحدة، التي ينظر مسؤولوها لفكرة وجود دولة مستقلة فعلياً في جنوب اليمن تتلوا انقشاع غبار الحرب في الدولة التي مزقتها الحرب ـ باعتبارها خدمة لمصالح أبو ظبي الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية.
ففي إطار مكافحة المجموعات التي تصنفها كل من الإمارات وحكومات الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية، دعمت واشنطن أجندة الإمارات لمكافحة الإرهاب في جنوب اليمن، بما في ذلك دعم أبو ظبي للمجموعات العاملة تحت مظلة الانتقالي الجنوبي.
وفي النهاية، فإن بلورة مشهد سياسي موالي للإمارات في جنوب اليمن هي مسألة تدور في فلك المصالح الاستراتيجية لإمارة أبو ظبي فيما يتعلق بحقول شبوة النفطية، ومحطة النفط في الشحر، المصنع اليمني الوحيد لتسييل الغاز والذي يقع في بلحاف، بالإضافة إلى موانئ اليمن جنوبا، بحيث أنه ومن خلال إنشاء يمن جنوبي كدولة عميلة فعلية تديرها أبو ظبي ودبي، فإن القيادة الإماراتية ترى بأنها ستكون بمثابة منطقة ذات قيمة إستراتيجية يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة الانطلاق منها توسيع نفوذها الجغرافي الاقتصادي إلى إفريقيا.
ويتعرض الانتقالي الجنوبي لانتقادات واسعة من الأصوات التي تشكك في دوافع أبو ظبي، وذلك بحجة أن الإمارات تعمل في جنوب اليمن فقط لتحقيق مصالح أبو ظبي الخاصة بها، وليس بما يحقق مصالح الجنوبيين في بلدهم حيث يكمن التحدي الذي يواجه جنوب اليمن في الاستفادة من الشراكة مع الإمارات دون السماح لها بإقامة يمن جنوبي يرجح ان يكون دولة تابعة لها.
ويضاف إلى تلك المعادلة اهتمام دولة الإمارات بتمكين القوات اليمنية التي تعارض بشدة حزب الإصلاح وتتشارك مصالح أبو ظبي في تأسيس يمن خال من الإخوان المسلمين مستقبلا. وفي الوقت الذي ضمنت فيه هذه المواقف للانتقالي الجنوبي دورًا مهمًا للغاية في سياسة أبو ظبي الخارجية الخاصة باليمن، فإن هذا التحالف مع الإمارات نجم عنه مشاعر معادية نمت ضده من قبل إسلاميين محليين مثل الإصلاح والفصائل الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي بالإضافة للسلفية الجهادية الارهابية. وقد دخل هؤلاء الفاعلون في اشتباكات عنيفة مع الجماعة الانفصالية الجنوبية.
أما بخصوص الزيارة التي قام بها عيدورس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى لندن حيث خاطب البرلمانيين البريطانيين، فتوضح كيف يبحث الانفصاليون الجنوبيون عن شركاء خارج شبه الجزيرة العربية، سعيا لاستخدام نفوذهم للضغط على اللاعبين الدوليين والإقليميين والمحليين كي يقدموا التنازلات.
إن توجه الزبيدي إلى روسيا بعد فترة وجيزة من زيارته للمملكة المتحدة يؤكد على اهتمامات المجلس الانتقالي الجنوبي بمسألة إبعاد القوى الشرقية والغربية عن بعضها البعض بأسلوب الحرب الباردة الكلاسيكي. وقد أكد الزبيدي أنه بدون معالجة الأمم المتحدة لمظالم الانتقالي الجنوبي، فإن القوة الانفصالية الجنوبية ستلجأ للقوة من أجل الدفاع عن أراضيها.
ومع ذلك، لم تشمل العملية التي تقودها الأمم المتحدة المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تعتبره حكومة هادي غير مقبول بالنظر إلى هدفها المتمثل بالحفاظ على الوحدة بين الشمال والجنوب. ومع ذلك، يخبر الانتقالي الجنوبي الوسطاء الخارجيين المؤثرين أنه إذا تم تجاهل مطالبه، فلن تنجح أي خطة سلام ترعاها الأمم المتحدة، حيث من الناحية الواقعية، يتمتع الانتقالي الجنوبي بالقوة الكافية على أرض الواقع ليلعب دور المخرب في حال تبين له فشل أي تسوية سلمية في تلبية مطالب اليمنيين الجنوبيين.
التداعيات الجيوسياسية الإقليمية لإصرار الانتقالي على السلطة معقدة بالنظر الى أن حقيقة تحالف حكومة هادي والانتقالي مع التحالف العربي لازالت تحمل العديد من التناقضات. وبالإضافة إلى هذه النقطة، فقد خلقت ديناميكية المصالح المتضاربة تلك داخل التحالف مصدراً للتنافس بين القوتين المهيمنتين داخل التحالف العربي الذي الحوثيين وهما أبو ظبي والرياض، حيث بينما السعوديون يقاتلون دفاعًا عن شرعية هادي، فإن علاقة حكومة هادي غير ودية مع ولي العهد الأمير محمد بن زايد، حاكم الإمارات العربية المتحدة الفعلي، الذي اتهمه هادي بالتصرف كمحتل في اليمن.
وبنظرة مستقبلية فإنه من المرجح أن تؤدي مسألة الاطماع الانفصالية لجنوب اليمن إلى مزيد من الانقسام في دول الخليج العربي، مع اعتراض عمان أيضًا على تقسيم الدولة القومية اليمنية بعد عام 1990. وعلى خلفية دعم الإمارات العربية المتحدة للانفصاليين الجنوبيين وعسكرة جنوب اليمن التي تثير قلق قيادة السلطنة، تسعى المملكة العربية السعودية إلى قياس نفوذ مسقط في الأراضي اليمنية التي كانت ذات يوم تابعة لجمهورية اليمنية.
وبعبارة الطف، يمكن القول بأن سلوك المملكة العربية السعودية في المهرة يثير قلق المسؤولين العمانيين، نظراً لأن اليمنيين في المهرة مرتبطون ارتباطًا عميقًا بالعائلة والعرق والقبيلة واللغة والدين والثقافة مع السنة في عُمان عبر الحدود في ظفار، ولذا فإن التخطيط للمشاريع الإسلامية التي ترعاها السعودية، بما في ذلك إنشاء مركز ديني في "مدينة قشن"، يثير مخاوف إمكانية احتضان السكان المحليون في المهرة للفكر السلفي الأكثر تطرفاً، حيث لا يروق هذا التطور بشكل جيد مع عُمان ، خاصة في الوقت الذي يستعد فيه المسؤولون في مسقط لمواجهة مصادر عدم الاستقرار في الجنوب والتي قد تغذي مشاكل أكبر في فترة ما بعد قابوس.
وبلا شك، ففي الوقت الذي تنقسم فيه الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بشكل متزايد حول مجموعة من القضايا الأمنية الإقليمية، بدآ من الحصار على قطر إلى الحرب الأهلية السورية والأزمة في اليمن، فإن مستقبل المهرة وبقية جنوب اليمن سيواصل تأجيج الاحتكاكات بين أبو ظبي والرياض ومسقط.
إن احتمالات قيام دولة مستقلة جديدة ناشئة في الجنوب سيفسح المجال امام مجموعة كبيرة من الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والأجنبية لتواجه مخاطر كبيرة، والتي قد يفرضها مثل هذا التطور بينما سيسعى آخرون - وخاصة الانتقالي الجنوبي ومؤيديه في الإمارات - إلى استغلال الحقائق الجديدة التي قد يؤدي فيها تفكك اليمن الموحد الذي وُلد عام 1990 إلى تغيير خطوط الصدع الجيوسياسية، لتصل إلى مدى أبعد من ذلك في الشرق الأوسط الفوضوي.
ومما لا شك فيه، فإنه ومع وجود معظم ثروات اليمن النفطية في المناطق الجنوبية، ستكون استعادة جنوب اليمن المستقل بطبيعة الحال على حساب وصول الشماليين إلى ثروة البلاد من الموارد الهيدروكربونية. ومع ذلك، فإن هذا العامل يدفع أكثر في الجنوب إلى تفضيل الاستقلال عن الشمال، معتبرين أن هذا الاستراحة بالانفصال عن بقية البلاد تمثل فرصة ثمينة لتحقيق تنمية بشرية أكبر في فترة ما بعد الصراع، باستخدام الثروة النفطية لصنع استثمارات كبيرة دون تخصيص عائدات النفط لجميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المجتمعات التي تعتبر معادية للمصالح الأساسية للجنوبيين.
وكدولة فاشلة شابتها حرب أهلية مستمرة منذ أربع سنوات ونصف بين حكومة هادي المدعومة من المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين الذين ترعاهم طهران، فإن مستقبل وحدة أراضي اليمن على المحك حيث لا يمكن تجاهل مسألة استقلال الجنوب الذي يهدد بقلب وحدة عام 1990 من قبل أولئك الذين يسعون إلى حل الصراع.
وما زالت المشكلات التي دفعت بالكثيرين في جنوب اليمن، والتي تدعمها بشكل رئيسي أبو ظبي، لضمان نفوذها واستخدامها كورقة لعب للمضي قدماً في تنفيذ اجندتها أو استعادة جنوب اليمن لازالت دون حل، مما يوحي بأن الانفصالية الجنوبية ستواصل الظهور كواحدة من التيارات البارزة للحرب الأهلية.
*كاتب التحليل جورجيو كافييرو: المدير التنفيذي ومؤسس جلف ستيت أناليتيكس، وهي شركة استشارية في مجال المخاطر الجيوسياسية ومقرها واشنطن العاصمة. محلل الشؤون الخارجية للمهنية جورجيو يساهم بانتظام في معهد الشرق الأوسط، مجلس المحيط الأطلسي، مجلس سياسة الشرق الأوسط، المونيتور ولوب لوج.
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 17 أبريل, 2018
الالتزام بوحدة اليمن.. بين تصريحات التحالف وواقع الانفصال (تقرير خاص)
الإثنين, 29 يناير, 2018
مجلة أوروبية: الوحدة في اليمن أمر مطلوب لإنقاذ الشرق الأوسط من الصراعات المستقبلية (ترجمة خاصة)
الخميس, 07 مارس, 2019
الغارديان: الانتقالي الجنوبي قد يجد نفسه يحكم جنوبا صوريا لكنه في الواقع يدار من دبي (ترجمة خاصة)