خلال يوم الاثنين وقبل زيارته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة -وهما النظامان الملكيان اللذان يقودان تدخلاً عسكرياً مدمراً في اليمن- دعا وزير الخارجية البريطاني "جيريمي هانت" لوقف إطلاق النار بين قواتهما وبين وجماعة المتمردين الحوثيين المدعومة من إيران".
وقال هنت:"إن التكلفة الإنسانية للحرب في اليمن لا تحصى،فمع وجود ملايين المشردين والمجاعة والأمراض وسنوات من إراقة الدماء ، فإن الحل الوحيد بات يتمثل في قرار سياسي ووضع السلاح جانباً ومن ثم المضي بمسار السلام".
يأتي ذلك في الوقت الذي تضغط فيه حكومته من أجل إصدار قرار جديد لمجلس الأمن يشجب الحرب.
وفي الوقت نفسه، في واشنطن، فقد منحت الانتصارات التي حققها الديمقراطيون في الانتخابات النصفية الأسبوع الماضي مزيدًا من الزخم للمشرعين المعارضين للدعم القوي الذي قدمته إدارة ترامب للسعوديين. ولذا فإنه وعند سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب في كانون الثاني (يناير) المقبل، فإنهم على الأرجح سيعززون الجهود الرامية لممارسة رقابة أكبر على التدخل الذي يصاحبه مساندة بالأسلحة والدعم الأمريكي .
هل يمثل كل ذلك نقطة تحول في الحرب في اليمن؟
حالياً يبدو ذلك ممكناً حيث أثار مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي مؤخراً غضبًا دوليًا على الرياض، والذي يبدو بأنه دفع حلفاء المملكة الغربيين لإعادة النظر في دعمهم للتدخل في اليمن والذي أودى بحياة 10000 شخص على الأقل ودفع بنصف سكان البلاد إلى حافة المجاعة، وفقا للأمم المتحدة.
وفي رسالة مشتركة يوم الجمعة الماضية كتب السيناتوران الأمريكيان جين شاهين وتود سي يونج "يجب أن نبعث برسالة واضحة وملموسة بأننا نتوقع أن تشارك الرياض بحسن نية في مفاوضات عاجلة لإنهاء الحرب الأهلية" مضيفين :"بأنه "يجب على الرياض أيضا أن تتفهم أننا لن نتسامح مع الغارات الجوية العشوائية المستمرة ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية والتي ساهمت في إيصال 14 مليون يمني إلى حافة المجاعة".
ويوم الأحد الماضي، قام 30 من كبار المسؤولين السابقين في إدارة أوباما بتوزيع رسالة تدعو الرئيس ترامب إلى وقف الدور الأمريكي في الصراع في اليمن، حيث قالوا بأنه يقع على عاتقهم مسؤولية البدء في دعم الولايات المتحدة للحرب، لكنهم قالوا إن "الوضع قد تدهور في ظل ترامب الذي ينتهج إستراتيجية تدور إلى حد كبير في الشرق الأوسط حول مواجهة إيران وتبني مواقف الرياض وأبو ظبي".
وكتب المسؤولون السابقون بمن فيهم مستشار الأمن القومي السابق سوزان رايس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان :"لم نكن نعتزم أن يتحول دعم الولايات المتحدة للتحالف ليصبح شيكًا مفتوحاً. لكن اليوم ومع استمرار ارتفاع الإصابات في صفوف المدنيين وعدم وجود نهاية للنزاع تلوح في الأفق فإنه من الواضح أن هذا هو بالضبط ما حدث.
وأضافا :"ومع ذلك بدلاً من التعلم من هذا الفشل؛ فقد خففت إدارة ترامب من تأييدها مقاضاة القيادة السعودية عن الحرب وسط إزالة القيود التي كنا قد فرضناها. ولقد حان وقت إنهاء دور أمريكا في هذه الحرب الكارثية الدائرة في اليمن.
وقد برزت أولى مؤشرات التحول الملموس والأبرز في السياسة الأمريكية يوم الجمعة، وذلك عقب وقف عمليات تزويد طائرات التحالف بالوقود والتي كانت تتولاها القوات الأمريكية، وهي مسألة لطالما أثارت الجدل منذ فترة طويلة بسبب الأعداد الكبيرة من المدنيين الذين قُتلوا في غارات جوية للتحالف، كما ضربت غارات جوية للتحالف مستشفيات وعيادات صحية وحفلات الزفاف وجنازات ومصانع وغيرها من الأهداف غير العسكرية.
وقد لاحظت جماعات حقوق الإنسان وصحيفة واشنطن بوست وجود شظايا لذخائر أمريكية الصنع في العديد من مواقع الهجمات.
وما تزال الإدارة الأمريكية تقدم قدراً كبيراً من المساعدات الأخرى إلى التحالف، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، كما تتحدث تقارير عن أنها تستمر بتنفيذ مهماتها السرية الخاصة في اليمن.
ومع ذلك يرى بعض الخبراء في الإعلان الأمريكي الأخير كمؤشر على هبوب رياح التغيير في واشنطن.
وقال بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية، وهو الآن باحث في معهد بروكينغز :"هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الولايات المتحدة تدبيراً ملموساً لكبح الجهود الحربية السعودية"..مضيفاً "لقد أعطت إدارتان أمريكيتان (اوباما وترمب ) السعوديين شيكًا مفتوحاً لفعل ما يريدون. ومن الآن سيكون من الصعب على السعوديين القيام بغارات جوية عميقة في الأراضي اليمنية بعد العاصمة، على سبيل المثال ".
أما بالنسبة لآخرين فقد بدأوا أقل اقتناعاً لذلك حيث قالت إليزابيث كيندال، وهي باحثة في الشؤون اليمنية في جامعة أوكسفورد:"إن قرار الولايات المتحدة بإيقاف تزويد طائرات التحالف بالوقود يعد مهماً، لأنه يشير إلى أن الولايات المتحدة تحاول أن تنأى بنفسها عن التأثير المدمر على المدنيين جراء الغارات الجوية الخاطئة.
وأضافت" لكن ذلك ليس عاملاً مغيراً للعبة. "
حالياً أصبح الاهتمام الدولي منصباً على المعركة الدائرة حول ميناء الحديدة المدمرة، إذ يعد الميناء بوابة دخول الغذاء والدواء لما يقدر بـ 80% من سكان البلاد.
ويعتقد التحالف أن السيطرة على الحديدة سوف تلقي ضربة قاضية للحوثيين، وتجبرهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وقد صعد التحالف المدعوم من السعودية هجومه على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في المدينة، في حين يحذر مراقبون من احتمال وقوع إصابات كبيرة في صفوف المدنيين.
أما بالنسبة للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة فتراجعت في وقت سابق من هذا العام. حيث ألقى مسؤولون سعوديون وإماراتيون باللائمة على الحوثيين لعدم انخراطهم في العملية بحسن نية.
لكن الحوثيين يتحججون بالسبب ذاته بشأن خصومهم حيث كتب زعيم الفصيل الحوثي محمد علي الحوثي في مقال نادر نشر في صحيفة واشنطن بوست: "القادة السعوديون متهورون ولا يهتمون بالدبلوماسية". وأضاف "لدى الولايات المتحدة النفوذ لوضع حد للنزاع - لكنها قررت حماية حليف فاسد".
ومع تخندق كلا الجانبين، تخشى منظمات الإغاثة حصول الأسوأ. حيث قال أمين عواد، مدير عمليات الشرق الأوسط في وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في جلسة عقدت الأسبوع الماضي في واشنطن إن "هناك حاجة إلى المساعدة الإنسانية في اليمن"..مضيفاً "لا يوجد طعام وهناك الكوليرا فيما الأطفال مستمرون في الموت. نحن نخدع الناس وأنفسنا أيضاً ".
لقرأة التحليل من واشنطن بوست:هنا
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 13 نوفمبر, 2018
وزير الخارجية البريطاني: فرض إجراء محادثات سلام لإنهاء حرب اليمن باتت اكثر واقعية
الإثنين, 12 نوفمبر, 2018
وزير الخارجية البريطاني يتوجه إلى السعودية والإمارات لحث قادتها على إنهاء حرب اليمن
الثلاثاء, 13 نوفمبر, 2018
غريفيث يرحب بخفض التصعيد في الحديدة ويقول "الاستعدادات جارية لجولة المشاورات"