مطلع الشهر الجاري توفي مختطف آخر جراء تعرضه للتعذيب في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية في محافظة تعز- جنوبي غرب اليمن.
وكانت مصادر حقوقية، أفادت "يمن شباب نت"، في حينه، أن "المختطف محمد سعيد الصلوي، توفي، الأربعاء: 3 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد نحو يومين من الإفراج عنه من سجن ميليشيا الحوثي بمدينة الصالح شرق مدينة تعز، وهو في حالة موت سريري وغير قادر على الحركة، وذلك عامين على اختطافه.
وتشبه حالة المختطف المتوفي "الصلوي"، حالة الصحفي أنور الركن، الذي كان توفى أيضا بعد يومين من إطلاق سراحه من سجن الصالح بتعز، مطلع يونيو/ حزيران الماضي.
وبوفاة الصلوي، يكون عدد ضحايا من لقوا حتفهم جراء التعذيب، من قبل ميليشيات الحوثي، قد بلغوا 17 شخصا في تعز لوحدها فقط. من بين 130 شخصا، إجمالي من قتلوا تحت التعذيب على يد ميليشيات الحوثي منذ بدء انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر/ أيلول 2014، وحتى يومنا هذا.
ويأتي هذا العدد، من بين قرابة 5000 مختطفا في سجون الحوثيين، بحسب احصائية لـ"رابطة أمهات المختطفين اليمنيين"، والتي تؤكد على أن معظمهم يتعرضون لانتهاكات غير قانونية، وطرق تعذيب وصفتها بـ"الوحشية".
ومن بين المختطفين والمخفيين قسرا، آلاف المدنيين من مختلف المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات، بينهم ناشطون سياسيون وحقوقيون وصحافيون، وأغلبهم يطالهم التعذيب بحسب شهادات عدد من المفرَج عنهم في صفقات تبادل الأسرى.
الإحصائيات ومصادرها
وجمع "يمن شباب نت" إحصائيات بعدد المختطفين الذين لقوا حتفهم جراء التعذيب، وفقا لكل محافظة خلال الفترة: من بعد الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وحتى الأسبوع الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري (2018). وضمّنها الجدول المرفق أدناه.
وللحصول على الإحصائيات المضمنة في الجدول أعلاه، استعان "يمن شباب نت" بالتقارير السنوية الصادرة عن "رابطة أمهات المختطفين اليمنيين". وهي منظمة نسوية معنية بمتابعة حالة أبنائها المختطفين لدى ميليشيات الحوثي، ولديها فروع في معظم المحافظات. وتشمل أنشطتها القيام بفعاليات تضامنية مع أبنائها المختطفين، في محاولة منها للضغط على الميليشيات والمجتمع المحلي والدولي لتحسين ظروف اعتقالهم. كما تشمل أنشطتها اصدار تقارير سنوية عن حالة المختطفين، تتضمن محورا خاصا يرصد حالات الموت تحت التعذيب.
وقد أصدرت الرابطة، حتى الأن، تقريرين سنويين؛ يشمل الأول الفترة من 21 سبتمبر وحتى نهاية 2016، بينما خصص الثاني للسنة الماضية (2017).
ولغرض هذا التقرير، استعان "يمن شباب نت" بالتقريرين المذكورين لفرز المعلومات وتجميعها، فيما استكمل الاحصائيات المتبقية، والخاصة بالفترة التي مضت من العام الجاري (2018)، عن طريق البحث والمتابعة والرصد.
قراءة عابرة للأرقام
وبحسب الجدول أعلاه، نجد أن الفترة المشمولة: من 21 سبتمبر 2014، وحتى نهاية 2016، هي الأكثر في عدد ضحايا القتل تحت التعذيب، بواقع (96) حالة وفاة لمختطفين جراء التعذيب. حيث يعتبر هذا العدد الكبير، شاملا لعامين هما: 2015، و 2016، مضافين إلى الأشهر الثلاثة الفاضلة من العام الأول للانقلاب (2014). ولم تحدد الرابطة في تقريرها السنوي الأول، عدد الحالات لكل عام على حدة.
ويأتي العام الماضي (2017)، تاليا، بواقع (19) حالة، حسب تقارير الرابطة. فيما وصلت عدد الحالات (15) حالة وفاة تحت التعذيب، خلال التسعة أشهر ونيف، الماضية من العام الجاري. وذلك وفقا لرصد الذي تتبعه "يمن شباب نت".
وبالنسبة لتوزيع الضحايا على المحافظات، تأتي محافظة إب في المرتبة الأولى من حيث عدد الضحايا تحت التعذيب. حيث وصل عدد الضحايا إلى (19) مختطفا تمت تصفيتهم، أو لقوا حتفهم جراء التعذيب. كما تعتبر الفترة الأولى (سبتمبر 2014- نهاية 2016)، هي الأكثر في عدد الضحايا، بواقع (12) حالة من مجموع الـ(19).
فيما تأتي محافظتي عدن وتعز، في المرتبة الثانية، بعدد (17) حالة لكل منهما. وبالنسبة لمحافظة عدن، فإن كل هذا العدد من القتلى، تضمنه التقرير السنوي الأول لـ"رابطة أمهات المختطفين". ما يعني أنه محدد فقط بالفترة الأولى (2014 – 2016). حيث لم تظهر عدن في التقرير التالي للرابطة، التقرير السنوي الثاني (2017)، لأنه كان قد تم طرد الميليشيات من عدن في أواخر يوليو/ تموز، ومطلع أغسطس/ آب، 2015.
وقد أوضح تقرير الرابطة المشار إليه، أن حالتين فقط- من بين الـ(17) حالة في عدن- قتلوا تحت التعذيب، بينما الحالات الـ(15) المتبقية تم تصفيتهم جسديا. كما رصدت الرابطة خمس حالات فقط من أبناء عدن، كانوا ما زالوا قابعين في السجون والمعتقلات حتى نهاية العام 2016، إلى جانب سبع حالات إخفاء قسري، بينهم حالة واحدة فقط لازال مصيرها مجهولا. وذلك من بين (2535) حالة إخفاء قسري رصدتها الرابطة في تقريرها المذكور، لعموم الجمهورية.
ولم تظهر محافظة عدن ضمن تقرير الرابطة للعام الماضي (2017)، الذي رصدت فيه (721) حالة إخفاء قسري، و (19) حالة قتل تحت التعذيب. والحال نفسه هذا العام (2018)، أيضا. كون الرصد- وهذا التقرير الخاص بـ"يمن شباب نت"- يركز فقط على جرائم حالات القتل تحت التعذيب التي ترتكبها ميليشيات الحوثي الانقلابية، دون غيرها.
"أنفوجرافك" تفصيلي
وتكمن أهمية هذا التقرير، أنه يجمع كافة احصائيات وأرقام الفترة الماضية- منذ بدء الانقلاب وحتى اليوم- في سياق تقريري واحد، بدلا عن تلك التقارير السنوية المنفصلة عن بعضها، ومن بين الأخبار اليومية المبعثرة المتعلقة بهذا الجانب.
الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تسهيل معرفة تفاصيل هذه القضية الجوهرية الحساسة في قالب تفصيلي واحد. والتي تعتبر واحدة من أخطر جرائم الحروب التي تعاقب عليها القوانين الدولية، ولا يمكنها أن تنتهي بالتقادم، بل تظل حية على الدوام، ويمكن مقاضاة مرتكبيها متى ما تسنى رفع دعاوى قضائية ضدهم في محاكم دولية- بشكل خاص- بعد انتهاء الحرب.
ولتسهيل معرفة تفاصيل القضية، قام "يمن شباب نت"، بتصميم "أنفوجرافك" توضيحي، ضمّنه كافة التفاصيل والأرقام وتوزيعها على المحافظات. أنظر الصورة المرفقة أدناه:
ومن خلال الأرقام والإحصاءات الواردة في الجدول السابق والانفوجرافك أعلاه، يمكننا- بعملية حسابية بسيطة حساب المتوسط العام لعدد حالات القتل تحت التعذيب خلال الشهر، والتي تصل إلى ثلاث حالات تقريبا في الشهر الواحد. وذلك بتوزيع إجمالي الحالات التي تم احصائها والمقدرة بـ(130)، على 48 شهرا، هي مجموع عدد الأشهر خلال الفترة من سبتمبر 2014، حتى مطلع شهر أكتوبر الجاري (2018).
وسائل التعذيب القاتلة
ويتعرض المختطفون في سجون الحوثي للتعذيب الجسدي والنفسي، خاصة في فترة الإخفاء القسري، وأثناء التحقيق مع المختطفين لإجبارهم تحت التعذيب على الإقرار بما يُملى عليهم من قبل المحققين. كما أشار تقرير رابطة أمهات المختطفين (2017).
وسرد التقرير، بعضا من أساليب التعذيب التي تنتهجها جماعة الحوثي في السجون وأماكن الاحتجاز، والتي نلخصها بشكل نقاط، على النحو التالي: -
- الضرب بالسياط والأسلاك الكهربائية أو الادوات الغليظة؛
- الوخز بالأدوات الحادة، وغرز الدبابيس أو الإبر تحت الأظافر، وفي منطقة الركبة وفي الأنف؛
- الصعق بالكهرباء، ووضع المختطف في برميل ماء ووصله بالكهرباء؛
- نزع أظافر اليدين والرجلين، والتعليق من اليدين لأيام وليالي؛
- الكي بالنار في أماكن متفرقة من الجسم؛
- سحل المختطف من رجليه وهو مثبت من يديه، مما يتسبب في تمزيق الأعصاب والإصابة بالشلل؛
- تعرية المختطف في أيام البرد الشديد ورشه بالماء البارد طوال الليل، والمنع من الطعام والشراب والنوم لفرات طويلة؛
- حرمان بعض المختطفين من المياه الصالحة للشرب، وإجبار بعضهم على شرب مياه الصرف الصحي، وحبسهم في خزانات مياه فارغة أيام الحر الشديد (تحت درجة حرارة تصل إلى 45 مئوية واغلاقها بإحكام على عدد من المختطفين)؛
- التهديد بالتصفية؛ وإيهامهم بإعدامهم رميا بالرصاص؛
- التهديد بالاعتداء الجنسي والتحرش بالمختطفين خاصة صغار السن...
وهناك أساليب ووسائل تعذيب أخرى، لم تذكر في التقرير، وتحدث بها مختطفون تم تحريرهم عن طريق صفقات تبادل الأسرى. مثل: وضع الضحايا جوار جثث ميتة، ووضعهم في ما يطلق عليه بـ"الضغاطة"، وهي عباره عن حفرة بمقدار جسم الانسان، يتم وضع المختطف فيها لمدة تستمر من يوم الى أسبوع. وإجبار الضحية بالجلوس على بوتاجاز، حجم صغير، مشعل بالنار حتى تنطفي، كما يتم تجميع عدد من المختطفين وتلغيم المكان وتفجيره، تعرض المختطف للإهانة أمام أسرته أثناء الزيارة.
نماذج تعذيب وقتل
كما تحدث بعض ممن أطلق سراحهم لـ"يمن شباب نت"، إلى وسائل تعذيب أشد وأنكى، بينها- على سبيل المثال لا الحصر: خدر (ثقب) أجزاء من جسم الضحية، بألة حادة (مثل الدريل الكهربائي)، وفي الغالب يكون ذلك في أحد الأطراف، وأحيانا في الصدر.
وتبرز في هذا الجانب حالة المختطف، عبد الغني جهلان- محافظة عمران، والذي تعرض لتعذيب بشع، توفى على إثره في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بعد قرابة ثلاثة أشهر فقط على اختطافه. وبعد استلام جثته من قبل أسرته، بعد شهرين من وفاته، وجدوا كسرا في جمجمته، وثقوبا في صدره وبطنه، وظهره محترق بالكامل، مع تفحم أجزاء كبيرة من جسده بما في ذلك وجهه.
وظهرت حالات أخرى كشفت تعرضها لوسائل تعذيب أشد بشاعة، كصب المواد الكيميائية- مثل الأسيد الحارق (حمض الكبريتيك)- على جسد الضحية بهدف إيلامه لإجباره على الحديث وأخذ الاعترافات منه اثناء التحقيق، أو لتشويهه كي لا يعود قادرا على العمل ضدهم مستقبلا...!!
كما حدث مع المختطف الدكتور منير الشرقي، من مديرية وصاب- محافظة ذمار، والذي اختطفته ميليشيات الحوثي عام 2017، واخفته في احد سجونها في ذمار، واستخدمت معه شتى أنواع التعذيب، بما في ذلك صب المواد الكيميائية الحارقة على جسده. وبعد عام من التعذيب، وبعد أن اعتقدت أنه فارق الحياة، رمت جثته في شعب من شعاب محافظة "إب"، على الحدود الشرقية لمحافظة "تعز"، حيث تم العثور عليه في يوليو/ تموز الماضي، وهو في حالة مزرية، فاقدا للذاكرة، وغير قادر على الكلام، ونصف جسده ورأسه محترق بمواد كيميائية غير معروفة.
الشيخ القبلي، محمد زيد السبل، وهو من وجهاء مديرية القفر- محافظة إب، اختطفته ميليشيات الحوثي الانقلابية، وعرضته لعملية تعذيب بشعة، توفى على أثرها في اليوم التالي على اختطافه، في شهر فبراير/ شباط 2016. وبعد تسليم جثته، كان جسده بالكامل شبه متساقط، حيث كان قد تم تقييده وسحله وقطع عضوه التناسلي.
وهناك حالات أخرى كثيرة من محافظة إب (التي تأتي في المرتبة الأولى في عدد ضحايا القتل تحت التعذيب، وفقا للإحصائيات المشار إليها أنفا)، أبرزها حالة الضحية علي محمد عايض التويتي (35 عاما)، الذي تعرض لعملية تعذيب أشد بشاعة، ليلقى حتفه على إثرها، بعد أربعة أيام فقط من اختطافه في الـ 19/11/2017، تعرض خلالها للإحراق بالماء الساخن، وقلعت أذنيه وعينيه وأسنانه، كما زرعت عدد من المسامير على باطن قدميه، وتعرض أيضا للصعق بالكهرباء والضغط على كليتيه.
قتل مباشر وتصفية
وإضافة إلى ذلك، ظهرت حالات قتل مباشر عبر إطلاق النار على الضحية، كحالة المختطف وليد علي قاسم الإبي. الذي اختطفته مليشيا الحوثي الانقلابية في الـ10/11/2016، من منطقة الجراف- وسط العاصمة صنعاء، وتم احتجازه في سجن البحث الجنائي، وبعد أربعة أيام فقط تم إبلاغ أسرته أنه فارق الحياة. وبحسب الأسرة، أكد الطبيب الشرعي في تقريره، على أن وليد تعرض للتعذيب الشديد، لكن سبب وفاته كان إطلاق النار المباشر عليه.
وإلى جانب كل ذلك، استخدمت الميليشيات مع معتقليها أساليب التصفية الجسدية، من خلال تعريض المختطفين لخطر الموت، بوضعهم كدروع بشرية، أو في أمكان معرضه للقصف، كما حصل في الشرطة العسكرية بصنعاء، وسجن الامن السياسي في الحديدة، وسجن هران بذمار، وغيرها...
وماتزال مليشيا الحوثي تمارس التعذيب على المختطفين في السجون الخاضعة لسيطرتها. ولا يكاد يمر شهرا واحد دون أن نسمع فيه عن موت ضحية جديدة تحت التعذيب الوحشي والممنهج بحق مواطنين مدنيين أغلبهم مدنيون ونشطاء، أو طلاب وتربويين أو مواطنين بسطاء عاديين.
أخبار ذات صلة
الإثنين, 11 يونيو, 2018
منظمة حقوقية: 14 ألف معتقل في سجون الحوثيين والإمارات باليمن توفي منهم 121 تحت التعذيب
الأحد, 08 أبريل, 2018
تقرير طبي يؤكد وفاة "باقطمي" نتيجة التعذيب في سجون قوات مدعومة إماراتياً بشبوة (وثائق)
الجمعة, 17 نوفمبر, 2017
"سجون الموت" الحوثية.. 111 مختطفا قضوا بالتعذيب، فمن ينقذ الباقي؟ (تقرير خاص)