" سجون الموت" هكذا باتت توصف سجون مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية التي تعج بالمئات من المختطفين والمخفيين قسريا بخلاف من يجري اختطافهم بصفة شبه يومية كنهج مألوف دأبت عليه المليشيات منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
سجون معروفة مثل السجون المركزية وأقسام الشرطة التي يسيطرون عليها وأخرى سرية من يدخلها لا يخرج إلا نادرا والمحظوظ من يخرج سليما بلا إصابات أو إعاقة دائمة جراء التعذيب وهناك من يخرج جثة هامدة وهذا المصير هو ما يخيف أهالي المختطفين.
تعذيب حتى الموت
في الرابع عشر من الشهر الجاري، أبلغ الحوثيون أسرة المختطف أحمد صالح الوهاشي أنه توفي منتحرا بعد أن شنق نفسه داخل سجن هبرة بالعاصمة صنعاء الذي تسميه أوساط حقوقية بجوانتامو اليمن نظرا لما يحدث داخله من تعذيب وحشي وعزل المختطف عن العالم.
لكن هذه الرواية تخفي أسباب الوفاة الحقيقية وهي كما تقول مصادر حقوقية تعرض الوهاشي الذي اختطف في منتصف أكتوبر الماضي من منطقة مذوقين بمديرية البيضاء، وأودع السجن المركزي بالمحافظة لأيام ثم نقله إلى سجن هبرة بصنعاء إلى تعذيب شديد لإجباره على الإدلاء باعترافات لجرائم لم يكن مسؤولا عنها مما أدى إلى وفاته.
وتقول ذات المصادر أن الوهاشي كان قد توفي قبل موعد إبلاغ أسرته من قبل الحوثيين بأيام لكنهم تكتموا على ذلك حتى يزيلوا أثار جريمة التعذيب التي تعرض لها بالسجن وظلوا طوال تلك الفترة يخبرون أسرته أنه بخير في الوقت الذي كان ينشر مقربون منه بمواقع التواصل خبر وقاته قبل ذلك بأسبوعين.
قائمة مفتوحة
وينضم أحمد إلى قائمة 111 مختطفا قضوا بالتعذيب بسجون الحوثي استطاعت رابطة أمهات المختطفين توثيق حالاتهم مع أن تقديرات تشير إلى أن الرقم أكبر من ذلك نظرا لعدد المختطفين وبشاعة ما يتعرضون له وتكتم أهالي من يتوفون من إبلاغ المنظمات أو وسائل الإعلام خشية تعرضهم لأذى الحوثيين.
وقد طالبت الرابطة المنظمات الدولية بالتحرك لإنقاذ المختطفين من هذا المصير لكنها لم تلق أي تجاوب رغم كل الوعود السابقة خاصة من قبل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بالاهتمام بهذا الملف الإنساني.
ويرى نشطاء حقوقيون أن تلك الجرائم تعد انتهاكاً لحقوق الانسان وخرقاً لكل النصوص الدستورية والقانونية وتناقضاً مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي توجب مسائلة جهة الانتهاك وتعرضهم للعقوبة القانونية في أي مكان وزمان، كون مثل هكذا جرائم تعد من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم حتى وإن تنازل صاحب الحق فيها عن حقه الشخصي.
اختطاف جماعي
عمران شهبين إعلامي وناشط حقوقي، اختطفه الحوثيون في صنعاء قبل أن تشرع في اختطاف جميع إخوانه، تحدث لـ"يمن شباب" عن تجربته" اختطفوني أنا وإخواني جميعاً واحداً تلو الأخر ودون ذنب ماذا بعد! إنه المعني الحقيقي لقهر الرجال الذي كان يستعيذ منه رسول الله في كل صباحٍ ومساءٍ؛ وهي الحالة التي اعيشها أنا وأسرتي المكلومة البسيطة".
ويضيف "بدأوا باختطافي من مطار وصنعاء وصادرو جوازي ومنعوني من السفر لإكمال دراستي والتهمة شخصية كانت أن موالٍ للناشطة الحقوقية توكل كرمان التي لم تتصل بي أو ترسل حتى رساله تطمئن عليا منذ اختطافي إلى اليوم .. بعدها تم اختطاف أخي مجدي عقب إلقاء خطبة جمعة بعنوان "مصير الظالمين عبر الزمن" بتهمة أنهم المقصودون بهذا العنوان".
وتابع:" بعدها تم اختطاف أخي غير الشقيق وائل من ذمار وهو مسافر إلى صنعاء عندما قال لهم وهم يفتشوا واحد من تعز من أسرة المخلافي:" اتقو الله ما بيعملوا هكذا الاحتلال" ونتيجة ذلك أخذوه إلى سجن رداع وبعد 4 أشهر جاءت لجنه حقوقية وافرجت عنه لتعتقله النقطة الأمنية خارج رداع وتعيده إلى السجن بنفس اليوم ويقضي سنه وقرابة شهرين" .
وأردف:" في اعتقالنا السابقة كان سندنا وعوننا والشخص الذي يتحرك لمتابعة اعتقالنا والذي يبحث عن أشخاص لتقديم الضمانات للإفراج عنا هو شقيقنا الأكبر المحامي "محمد" قبل أيام اختطفوه وهو خارج من المحكمة وأخذوه إلى الأمن السياسي ولم يسمح لنا بزيارته او الاتصال به لنعلم على الأقل ماهي التهمه الموجهة اليه حتى إذا سألنا أحد نجيبه اعتقلوه بتهمة كذا".
وأختتم السجين السابق قصته قائلاً:" طبعاً كل هذا الظلم ولا نستطيع حتى الكتابة أو النشر أو أي شيء بحكم إنك معتقل سابق وهناك شخصيات قدمت ضمانتها عليك بأن لا تتكلم ولا تكتب ولا تنشر".
معاناة تفوق الوصف
وتقول أم أحمد - عضو رابطة أمهات المختطفين، إن معاناة المختطفين في سجون المليشيا الحوثي وصالح لا يمكن وصفها بالعبارات، فهناك الكثير من المختطفين قتلوا تحت التعذيب كما حصل مع الحالة الأخيرة مع المختطف "الوهاشي" حيث تم نقلة من سجن هبرة إلى المستشفى في محاول لإيهام أهلة انه توفي بمحاولة انتحار .
وتضيف في حديث لـ"يمن شباب":" هذه فقط معاناه أسر من يتوفون أبنائهم نتيجة التعذيب، اما الذين في السجون وما يزالون يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات والتعذيب يتمنون الموت ألف مرة بسبب ما يلاقونه من أساليب وحشية في التعذيب فهذه معاناه أخرى".
وأوضحت عضو رابطة أمهات المختطفين أن المليشيات الحوثية تستخدم اثناء التعذيب، الضرب المبرح، والوخز بآلات حادة، والجلد بالنار والسجاير، ونتف الشعر وقلع الأسنان باستخدام آلة الكلبتين الكهربائية، والتعذيب النفسي هذا من جانب، ومن جانب آخر يعاني المختطفين في السجون من إهمال كبير يتمثل في انعدام الخدمات المعيشية، والصحة الأمر الذي يضعنا جميعاً في دائرة المسائلة وهو ماذا قدمنا نحن لهؤلاء المغيبين في سجون المليشيا؟
جرائم متعددة
من جانبه وصف حسين الصوفي - رئيس المنظمة الوطنية للإعلاميين " ما يجري في سجون مليشيا الحوثي والمخلوع، بسلسلة جرائم أو ما توصف "بالجريمة المركبة"، مشيراً إلى أن الاختطاف دون إذن قضائي جريمة والسجن جريمة والتعذيب أشد جرما لأنها تمس أحد الحقوق الأساسية للفرد، هو الحق في السلامة البدنية والعقلية، المكرس ضمن جميع مصادر القانون الدولي بصفة عامة والقانون الدولي الجنائي بصفة خاصة.
وأضاف في تصريح لـ"يمن شباب" أن جريمة القتل تحت التعذيب أبشع وأشنع انواع الجرائم وتعتبر ضمن "الجرائم ضد الانسانية"، تليها جريمة اخفاء جثمان الضحية وتستمر مليشيا الحوثي بعد ذلك في ملاحقة ضحاياها بإجبار أهاليهم على الصمت وارغامهم على تقبل رواية أن ابنائهم شنقوا أنفسهم في حين أن آثار التعذيب واضحة كحالة أحمد الوهاشي تم كسره من العمود الفقري.
وعن دور المنظمات الحقوقية في اليمن من حماية المعتقلين، أوضح" الصوفي" أنها تمثل اليوم غطاء للجريمة بكل ما تعنيه الكلمة، لافتاً إلى أن الإحصائية حتى اللحظة وصلت 111 ضحية قتلوا تحت التعذيب وهذا ما خرج للإعلام، مضيفاً أن هناك كوارث لا تحصى لم يتحدث عنها أحد ولا تزال تقارير المنظمات الدولية جامدة وضعيفة وتجميلية لوجه القاتل والمجرم، وهناك ارقام صادمة ندعو وزارة حقوق الانسان إلى تكوين ملفات قضائية لكل ضحايا التعذيب.
وتابع:" لم يقم ولد الشيخ ولا الصليب الاحمر بزيارة السجون على الاقل وهذا اقل وأدنى مطلب تقدم به الأهالي" مؤكداً سعى المنظمة مع مكونات حقوقية أخرى إلى تكوين قائمة سوداء بالمجرمين الذين تورطوا بقتل المختطفين وعلى رأس هذه القائمة المدعو هاني السريحي والمدعو عبد الخالق المطري وسيتم إعلان القائمة تباعاً، بحسب قولة.