أشار تقرير، نشرته صحيفة المونيتور الألكترونية الأمريكية، المهتمة بالشرق الأوسط، إلى أن روسيا تسعى إلى القيام بدور أكبر كوسيط مؤثر ونزيه في حل الأزمة المستفحلة في اليمن.
وفي سبيل تأكيد ذلك استعرض التقرير عدد من الاحداث والمواقف وآخر التطورات السياسية المتعلقة، بما في ذلك التقارب الروسي-السعودي، والروسي-اليمني، ومقتل الرئيس السابق (صالح)، ولقاء دبلوماسي روسي رفيع، مؤخرا في أبو ظبي، بأحمد علي صالح الذي يكشف التقرير أن له دور فعال في الحفاظ على تواصل الامارات مع الحوثيين.
أضف إلى ذلك، بحسب التقرير، أن موسكو رفعت من نشاطها بخصوص اليمن لتلحق باللاعبين الدوليين والإقليمي، في الحصول على موطئ قدم في المياه الاستراتيجية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب. حيث حصلت دول كثيرة، بينها دول بعيدة عن المنطقة، على منشأتها العسكرية الخاصة بها هناك.
وأختار "يمن شباب نت" أهم ما ورد في التقرير المذكور، لترجمته، مع الحرص على أن تكون الاقتباسات المختارة ذات سياق متصل ومترابط حفاظا على جوهر فكرة التقرير:
تعزز روسيا من سمعتها كوسيط في صراعات مختلفة وممن الممكن أن تستخدم نفوذها في اليمن لجلب كلا الطرفين الى طاولة التفاوض.
في الوقت الذي طوّق فيه الانفصاليون عدن، العاصمة الفعلية لليمن في 30 يناير، تبرز التكهنات حول ما إذا كانت روسيا ستختار طرفاً في الصراع أم أنها ستعرض التدخل كوسيط وهو السيناريو الأكثر احتمالاً.
فقبل أسبوعٍ فقط، توجه عبد الملك المخلافي -الذي يشغل كلاً من منصبي نائب رئيس الوزراء اليمني ووزير الخارجية -إلى موسكو بحثاً عن النفوذ الروسي لإيقاف إيران عن دعم المتمردين الحوثيين وعن التدخل في الشؤون الداخلية لليمن.
وقد أكدت هذه الزيارة اللافتة تغيراً ممكناً في موقف روسيا تجاه الصراع في اليمن. حيث أنه في العام 2016، اعتبر معظم المحللين الموقف الروسي داعماً لإيران، نوعاً ما، في دعم الحوثيين الشيعة الذين يقاتلون الحكومة المدعومة من السعودية والامم المتحدة والتي تتخذ من عدن مقراً لها.
حالياً، وبرغم ذلك، يبدوا مثل ذلك التوصيف للموقف الروسي منفصلاً عن الواقع على الأرجح.
ومن المحتمل ان تكون المقاربة الروسية الجديدة قد تبلورت منذ الصيف المنصرم، عندما وافقت موسكو أخيراً على قبول سفير يمني جديد عينه الرئيس عبدربه منصور هادي. حيث انها كانت قد رفضت سابقاً ثلاث محاولات لتعيين ممثل دبلوماسي مقبول.
وعلى مستوى أعلى، فإن مستواً جديدا من العلاقات الروسية -اليمنية يعكس أيضاً عودة التقارب الروسي -السعودي الذي دل عليه زيارة الملك السعودي الى موسكو في اكتوبر.
مقتل الرئيس السابق على عبدالله صالح في 4 ديسمبر، ربما كان لحظة نهائية (اتضحت فيها الامور) فيما يتعلق باختيار موسكو للشركاء في الصراع اليمني.
وقد زادت موسكو تدريجياً من نشاطها بخصوص اليمن وسبب ذلك يرجع بدرجةٍ كبيرة إلى أن اللاعبين الدوليين والاقليميين الآخرين تحركوا لضمان حضور عسكري بارز في المياه الاستراتيجية للبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وحتى الدول البعيدة ومنها الصين واليابان، التي حصلت على منشآتها العسكرية الخاصة بها هناك.
"رفعت موسكو من نشاطها إزاء اليمن لضمان
حضور عسكري لها في المياه الاستراتيجية للبحر
الأحمر بعد أن سبقها إلى ذلك لاعبون دوليون واقليميون"
فيما يشمل ذلك ايضاً قوى إقليمية كالسعودية والامارات ومصر وتركيا. فبحسب تقارير في عام 2016 (والتي تحدثت) عن أن السعودية تبني قاعدة عسكرية في جيبوتي وعن تأجير السودان مؤخراً جزيرة سواكن لتركيا، إضافة الى ضمان كلاً من الامارات ومصر لتواجدهما العسكري في اريتيريا مطلع يناير.
إضافة ًإلى ذلك، تواكب روسيا التطورات في اليمن - وهي مفتاح للمنطقة دون الاقليمية- عبر محاولة إبقاء تواصلها مع جميع الفاعلين المُهمين باستثناء المجموعات الإرهابية.
وقد أخبر مصدر مقرب من الدوائر الدبلوماسية الروسية، موقع المونيتور، بأن موسكو لا تستبعد إمكانية أن تصبح أكثر انخراطاً في عملية السلام في اليمن. حيث أن آخر جولة ٍمن المحادثات التي جرت في الكويت قد انتهت بالفشل.
سابقاً، كانت موسكو تعلق آمالها الرئيسية على صالح، الذي اعتقدت روسيا بأنه سيكون مستعداً للتسوية، حيث كان يُنظر الى صالح على أنه كان الأقدر على توفير الضمانات بخصوص الحصص والتقاسمات بالنسبة لمهمة توسطٍ تقودها موسكو.
وفي ذلك الوقت، في 2016، كان هنالك حديث بأن روسيا قد تؤسس منشآت عسكرية في يمن ما بعد الحرب. وبحسب مصدر دبلوماسي، تحدث موقع المونيتور معه، فقد كانت الاتصالات الروسية في صنعاء العاصمة التاريخية لليمن، مرتبطة ايضاً وفي معظمهما بأشخاص يتبعون صالح، بما في ذلك حزبه المؤتمر الشعبي العام، كما جرت هنالك اتصالات مع الحوثيين لكن على مستوى ونطاق أقل.
وقد كانت هناك علامات بأن روسيا، في ذلك الوقت، حاولت التوسط بين الرئيس السابق والحوثيين. حيث على الارجح أن موسكو اعتبرت ايضاً ضمن جهود الوساطة من اجل بناء اتصال مباشر بين صالح وبين ممثلين عن الامارات والسعوديين.
غير أن مقتل صالح قلب الحسابات الروسية وترك موسكو بلا بديل، لكنها ستبدأ بالتجاوب مع ادارة هادي وداعميه في التحالف الذي تقوده السعودية.
بيد ان كلاً من روسيا والسعودية والامارات استمروا بالعمل مع بعضٍ من ورثة صالح. ففي 26 يناير، التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، بنجل الرئيس السابق المقتول، أحمد صالح. حيث كان هذا الأخير صاحب دور فعال في الحفاظ على التواصل بين الامارات والحوثيين.
"بعد مقتل صالح، استمرت روسيا والسعودية والامارات
بالعمل مع بعض ورثته مثل نجله "أحمد" الذي كان له
دور فعال في الحفاظ على التواصل بين الامارات والحوثيين"
وقد كان لموسكو ردة فعل قوية على مقتل صالح. حيث قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف بأن الحوثيين أصبحوا متطرفين وراديكاليين بعد مقتل صالح، الامر الذي "يعقد الوضع في اليمن".
وتم تأكيد ذلك الموقف في مؤتمر صحفي مشترك عقد مؤخراً بين وزيري خارجية روسيا واليمن. حيث وصف لافروف قتل صالح بأنه "جريمة خطيرة" وأنه كان "مخطط لها بهدف حرف جهود التسوية السلمية".
وبعد مقتل صالح في ديسمبر، اغلقت موسكو بعثتها الدبلوماسية في صنعاء ونقلت دبلوماسيتها الى الرياض، حيث سبق وأن تواجدت هناك بعثة روسية أخرى تعمل مع ادارة الرئيس هادي بقيادة السفير الروسي الى اليمن، وبذلك تحول الحضور الدبلوماسي الروسي في اليمن للعمل مع القوات المناهضة للحوثيين.
مع ذلك فهذا لا يعني ان روسيا قد أغلقت أبوابها بخصوص الحوار مع الحوثيين. فقد قالت موسكو إنها نقلت عملياتها الدبلوماسية من صنعاء الى الرياض لدواع أمنية، وليس تغيراً في موقفها تجاه الحوثيين.
"حدوث تغيير في موقف روسيا إزاء الحوثيين بعد مقتل "صالح"
لا يعني أنها أغلقت أبوابها معهم، وتحاول موسكو الامتناع عن
الخطاب المتشدد تجاه الحوثيين الذين هم أشد حرصا في الحفاظ
على علاقتهم معها"
الاكثر من ذلك، هو أن موسكو، باستثناء تعليقها على مقتل صالح، تحاول الامتناع عن الخطاب المتشدد إزاء الحوثيين، على أمل أن تشجعهم على استغلال استعدادها للتوسط في الصراع بهدف المساعدة في إعادة العملية (التفاوضية).
وهذا بدوره ربما يساعد الحركة الحوثية للحفاظ على موقعها في السياسات اليمنية. ومن خلال الحكم على تصريحات بعض ممثلي الحوثيين، فإن الحركة نفسها مهتمة بالأحرى بالحفاظ على اتصالاتها مع روسيا. فهم يرون أن روسيا وعمان هما الوسيطان الوحيدان ذوي الصلة بالموضوع والقادرين على إيصال موقف الحوثيين إلى خصومهم.
أما بالنسبة لإيران، يبدوا نفوذها على الحوثيين أقل مما توحي به الحكمة التقليدية. لذلك فإن ذكر المخلافي لإيران باعتبارها "عاملاً سلبياً رئيسياً في الصراع اليمني"، إضافة الى مطالبته بأن تمارس روسيا الضغط على طهران في هذه المسألة، هي أمور لم تكن لتروق لـ"لافروف".
والمجال الوحيد الذي استطاع فيه المخلافي اظهار بعض الدليل على تعاون إيران مع الحوثيين، تمثل في إنتاج الصواريخ البالستية، غير انه حتى إذا كانت طرق الامداد (المستخدمة لتهريب) الصواريخ التي يتم تجميعها في اليمن بقطع غيار إيرانية، ستقطع، فليس من المتوقع أن يغير ذلك، الوضع على الارض. فإطلاق الصواريخ ضد أهداف سعودية يقصد منه اثارة تداعيات صاخبة في العلاقات العامة.
وبقيامها بخطوات باتجاه هادي، ترسل موسكو اشارات واضحة للحوثيين بأن نافذة الفرص لن تبقى مفتوحة دون مبالاة، وبأن عنادهم حول الشروط المسبقة لاستئناف محادثات السلام قد يعزلهم أكثر حتى، وربما يجرد حركتهم من أي مستقبل أو آمال (للحصول على) الشرعية.
أخبار ذات صلة
الإثنين, 29 يناير, 2018
أول دولة توضح موقفها من أحداث عدن.. روسيا: المطالب لا يمكن حلها بالسلاح
الإثنين, 22 يناير, 2018
روسيا ترحب بقرب انعقاد البرلمان في "عدن" وتؤكد أنها خطوة مهمة لتحقيق السلام
الإثنين, 22 يناير, 2018
روسيا: كل الخطط المفروضة من الخارج على اليمن فاشلة ولدينا تواصل مع جميع الأطراف