"القوة لا تأتي من المقدرة الجسدية، إنما تأتي من الإرادة التي لا تقهر" غاندي.
يبدو أن الكثيرين ينظرون لمدينة تعز كما يُنظر للولد العاق الذي ألحق بعائلته السمعة السيئة. فلا أحد يفضل التعامل مع المدن التي لا تتوقف عن طرح الأسئلة، يحيد عنها لتلك المستكينة الهادئة التي لا تجلب المشاكل..
وتعز على الدوام كانت من المدن المشاغبة التي لا تكتفي بإثارة التساؤلات، بل تجاهر باعتراضها على القرارات الجائرة، وتسعى بإرادة عصية لطرح الحلول التي تناسبها وتفرضها كأمر واقع.
منذ محاصرة المدينة، بعد رفضها لسيطرة الحوثي، تتوارد الأخبار "العاجلة" تباعاً عن اقتراب لحظة تحريرها، سواء على لسان المتحدثين باسم الحكومة أو من قوات التحالف!..
مهدئات مؤقتة أوقعت المدينة في شركها طويلاً؛ فهناك فرق كبير بين أن تشمر عن ساعديك لمعركة تحرير، وأن تراوح مكانك متخذاً التصريحات الكلامية ساحة ملتهبة لحربك!
تيقنت المدينة بأن المعركة التي تدور رحاها على ضواحيها ليست تحريراً، بقدر ما هي جبهة استنزاف غنية لا يستهان بقوتها وقدرتها على تكبيد ميليشيا المد الحوثي الكثير، وإيقاع العديد من الضربات الموجعة عليها بسلاح بسيط لا يكلف الكثير، فسلاح تحرير المدن يختلف تماماً عما يرسل للمدينة- إن وصل إليها!..
استنزاف لم يعد يعرف من هو المقصود الفعلي به، وقد أصبح المقاتل على جبهاتها يتخذ حيطته من نيران صديقة ترمي بشررها عليه، أكثر من هجوم غادر قادم من الجهة المقابلة..!
رسم الجميع حساباته وراهن على معركة استنزاف طويلة المدى، وقد وضعت مسألة نجاة المدينة من عدمه جانباً، في سبيل نجاح المخطط الذي لا يعرف أحد حتى اليوم توقيتا لنهايته، متجاهلين المخزن البشري الهائل من الأبرياء والمدنيين اللذين لا ذنب لهم سوى انتماءهم لتلك المدينة..
وصل السيل الزبى وبلغت القلوب الحناجر، هذا ما يقوله المواطن العادي الذي تضاعفت فاتورة الحرب الثقيلة على كاهله، ولم يعد يجد مورداً يجدد به إيمانه بالحكومة أو بقوات التحالف..!
"لا يستطيع أحد ركوب ظهرك، إلا إذا انحنيت"
قد يقول البعض أن الأصوات الغاصبة والخارجة من أفواه سكان تعز لا ترى سوى السلبيات ولا تجيد سوى توجيه النقد اللاذع، حتى إن اقتصرت تلك الاصوات على مطالبة الحكومة، التي اقسمت يمين الولاء لهذه الأرض، بأن تكف عن تصريحاتها التي أمست مثار سخرية الجميع، وأن تقدم شيئاً تظهر به بعض من العدالة لسكان المدينة، مقابل الصبر الذي يتجرعون مرارته منذ سنوات.
اقراء أيضاً
في رفقة شبح ديمقراطي غربي
الرسام المجرم
"البالة".. تغريبة اليمني