ثلاثة أيام هي زهو التاريخ اليمني المعاصر: 26 سبتمبر، فيه هزم اليمني الإمامة، و14 أكتوبر، فيه هزم الاحتلال، و22 مايو، فيه حقق وحدته قانونياً وسياسياً. الوحدة التي تنطق بها كل تفاصيل اليمني، كل تاريخه وكل ملامح أرضه.
حين نريد قياس وطنية شخص أو حزب أو كيان يمني، فعلينا فقط تمريره عبر هذه القنوات الثلاث: الجمهورية، السيادة، والوحدة. مثلث لا ينفصم. لا يمكنك ادعاء انحيازك للجمهورية إن كنت تتنصل من الوحدة، أو العكس، أو إن كنت ذيلاً لقوة إقليمية أو دولية.
في ما يتعلق بالوحدة، فهي قانونياً، وشعورياً، لا تزال متحققة. لم تفلح التنظيمات التي أعلنت الحرب عليها، ولا تلك التي تمالأت مع هذه الحرب، في اجتثاث هذا الثابت الوطني. لم تفلح كل نقاط التفتيت، بكل براميلها ورصاصها، في إفراغ الوجدان الوطني اليمني من هذا الثابت.
لا جدال في أن أخطر ما تعانيه البلاد اليوم هو المشروع الحوثي الإمامي، هو رأس الفساد.. منه انطلقت جميع الشرور، وبدون هزيمته سنبقى في أفضل الأحوال مراوحين في هذا الهباء، في هذه الصيغة المشوهة الملامح، بلا جمهورية ولا وحدة ولا سيادة ولا انفصال حتى.
هناك طريقة واحدة لجعل انفصال الجنوب قانونياً وممكناً: أن يحدث ذلك بناء على استفتاء شعبي وليس بقوة فصيل طرأ في زمن الحرب. وفي ظل سيطرة الحوثي على المناطق التي يحتلها حالياً، فإن حدوث مثل هذا الاستفتاء مستحيل. الطريق إلى الانفصال إذن يمر بالضرورة عبر هزيمة الحوثي كخطوة مبدئية أولى.
سنوات مرّت على سيطرة الانتقالي على أغلب مساحة الجنوب، لكنه لا يزال عاجزاً حتى اللحظة، ليس فقط عن تحقيق حلم الانفصال الذي هو عرّابه، وإنما حتى عن تأمين الكهرباء لحي واحد فقط من أحياء عدن..!
سيظل الانفصال، كما الوحدة، مجرد شعار للتراشقات الكلامية كلما حل تاريخ 22 مايو، ولن تعود الوحدة كواقع سياسي عملي، كما لن يحدث الانفصال أيضاً كواقع قانوني سياسي عملي، إلا بعد هزيمة المشروع الحوثي.
ما لم يكن ذلك، فإن أقصى ما تستطيع عمله النخب التي تمثل هذه المشاريع هو الظهور أمام الكاميرا بربطات عنق أنيقة وفخمة.
اقراء أيضاً
خنجر قحطان
الاعتياد، كارثيّته وجماليّته
عن الزّمن الهباء