في يونيو الفائت استشهد الشاب اليمني منذر الجهلاني في تعز، بعد أن واجه الحوثيين في أكثر من معركة.
في الشهر نفسه استشهد الجندي المصري الشاب محمد صلاح، بعد أن ترصد جنود الاحتلال على الحدود المصرية الفلسطينية وقتل وجرح عدد من الإسرائيليين.
كثيرون لا يعرفون منذر الجهلاني لكنهم يعرفون محمد صلاح، نظراً للأبعاد التي حملتها العملية البطولية التي قام بها الشاب اليافع فأرعب الكيان الهش من ساسه إلى رأسه.
الصحف العبرية والمحللون، تناولوا العملية من زاوية مهمة: رغم كل شيء مع العرب، اتفاقيات وتطبيع، خونة وتحييد، ضخ ومغالطات، خطط استراتيجية لخلق جيل لا يفكر بفلسطين، كل ذلك وأكثر طار في الهواء مع عملية المجند الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر.
الرسالة واضحة: العرب لن يرتاحوا لنا، مهما فعلوا وفعلنا معهم.. يفكرون بقتالنا.
لا أحد يعرف كيف تشكل الهدف في رأس المجند المصري محمد صلاح. أحداث العملية التي قام بها تؤكد أنها كانت في رأسه منذ فترة ولم تنشأ لحظتها، كان الهدف واضحاً، والعزيمة على الوصول إليه قوية، وإن كانت الامكانيات ضعيفة والمؤثرات الخارجية لا تشجع على المضي نحو الهدف، ولكن لا شيء يمنع الأبطال عن أهدافهم النبيلة.
جلست مع بعض معاريف الشهيد منذر الجهلاني، فسمعت تفاصيل بطل حقيقي لا يشغله عن هدفه شاغل. كرس الجهلاني جهده لمواجهة الحوثيين والتخطيط لإثخانهم وكأن المعركة معركته وحده، لم يكتف بما قدمته أسرته: ثلاثة شهداء.. ولم يعش متأثراً بما يدار حول إثراء بعض القيادات والوضع المأساوي لرواتب المؤسسة العسكرية في تعز تحديداً.
كان الجهلاني يعيش مع مجموعته المسلحة في خط التماس مع مليشيا الحوثي، يخطط ويهجم، ما الذي يدفعه لفعل ذلك إذا لم يكن الإيمان بالقضية ووضوح الهدف الذي يجعله يرصد الحوثيين ويلتف على متارسهم ويعود حاملاً بنادقهم. قام الجهلاني بتسليح أكثر من عشرة من أصحابه من أكتاف الحوثيين، وكانت آخر عملية قبل استشهاده بأيام.
حسب ما عرفت، فقد جاءت قيادات لتكريم الجهلاني عقب العملية الأخيرة فكان يؤكد لهم: التكريم لكافة شباب الموقع، ويسألهم وهو لا يعرفهم حول إمكانية التعاون والدعم لقتال الحوثيين.
أما المجند المصري محمد صلاح فقد كان يخدم في نوبة على الحدود المصرية، حيث السياج الإسرائيلي الذي وضعه الكيان بقيمة تصل إلى نصف مليار دولار تقريباً، وخلف السياج من جهة فلسطين يخدم جنود الاحتلال. كان صلاح يراقب الوضع، ببندقية صدئة تبدو روسية، وصدارة عسكرية لا تتسع لأكثر من عشرة مخازن رصاص، وخنجر غير مشحوذ، اتجه صلاح نحن السياج ومزق بخنجره ما يكفي لدخول جسده، ثم ذهب للمكان الذي يخدم فيه جنديان من جنود الاحتلال، وقتلهم، ربما كانوا يتصفحون مواقع التواصل، يسمعون أغانيهم أو يشاهدون شنايدر وهو يسوقهم من محرقة الغرب لينصفهم بمجزرة في الشرق! مساكين، يتعرضون للتعبئة ليروا في ممتلكات الآخرين حقهم الموعود.
لم يعد محمد صلاح بعد قتل الجنديين الإسرائيليين، درس المكان جيداً، فكمن لساعات في انتظار الجنود القادمين لاستلام الخدمة، قتل الثالث وأصاب الرابع.. لم يقدروا عليه، أربكهم.. في النهاية، أطلقوا طائرة مسيرة لترصد مكانه بدقة، واستهدفوه.
بعد أشهر، وتحديداً قبل يومين، ستقوم المقاومة الفلسطينية بعملية عسكرية لم يشهدها كيان الاحتلال منذ تأسيسه، سيكبده خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وسيقول أحد قادة المقاومة، بأن ما فعله الجندي المصري محمد صلاح، كان بداية العملية، لقد أوحى لهم كيف يهاجمون، فكان "طوفان الأقصى".
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس