آلمتني آثار التعذيب على جسد محمد حسن العديني، الجراح مفتوحة في كامل جسمه، واضح أن التعذيب كان بآلة حادة، اختطفته نقطة تابعة لمسلحي المجلس الانتقالي بينما كان في طريقه لقضاء إجازة العيد مع عائلته.
طبيعة الاختطاف تحمل مسحة مناطقية لا يمكن أخذها في الاعتبار. مهما بلغت نعرتك المناطقية ومشروعك الجهوي لن تختطف عابراً من الطريق وتعذبه حتى الموت. علينا تقصي نفسية الجلاد، الأشخاص الذين قاموا بتعذيب الرجل لا تحليل الضحية.
بيان إدارة الأمن في محافظة أبين، أشار إلى تواصل الأمن مع القائد الذي ينتمي لتشكيله مسلحي النقطة، وقد نقل القائد كلاماً لا معنى له غير المغالطة، ومنه أن المسلحين عثروا على العديني بعد انفجار إرهابي، فأخذوه وعذبوه بصورة انفرادية، لظنهم علاقته بالحادث الإرهابي.. عذبوه حتى مات.
الرجل لا علاقة له بالإرهاب ولا بأي تشكيلات مسلحة، هو عامل مسكين، كان قبل موته يعمل في شبوة، المبرر الذي نقله قائد المسلحين لم يكن مقنعاً، حتى لو افترضنا اضطلاع شخص في حادث إرهابي، بعد القبض عليه يسلم للجهات المختصة المخولة بالحساب والعقاب. لم نسمع أن متهماً بالجرم المشهود أو حادثة إرهابية تم القبض عليه وتعذيبه حتى الموت خلال أيام قليلة.
لنستبعد مبرر التعذيب حتى الموت بظن المسلحين علاقة الضحية بانفجار إرهابي، كما استبعدنا أن يكون التعذيب بنعرة مناطقية تحت تأثير دعاية تعبوية هدفها تمزيق مناطق الشرعية وتشتيت جهود مكوناتها التي تواجه الحوثيين.
من عذب العديني ولأي غرض؟
من يرتكب جريمة كهذه، لا يمكن أن يكون شخصاً طبيعياً على الإطلاق. التلذذ بتعذيب عابر طريق على مراحل، هذا سلوك سيكوباتي مرعب، من مصلحة الانتقالي التبرؤ منه ومحاسبة المتسببين على وجه السرعة، تساهل الانتقالي مع تصرفات مسلحيه العدوانية مع عابري الطرقات يرسم صورة سيئة ولا إنسانية عن المجلس. ومهمة أي مجلس تطمع قيادته لتوسيع سيطرة مشروعه وإرسائه هي تحقيق مصلحة الإنسان وإن كان عابر طريق.
والحقيقة أن العابرين من الطرقات التي يسيطر عليها الانتقالي، يشتكون من تصرفات لا إنسانية، ويتعرضون لابتزازات، لا يكاد يمر يوم دون اختفاء مسافر، لا يصل للإعلام غير النزر اليسير.
نأمل من الانتقالي مراجعة سياسة مسلحيه المنتشرين في الطرقات، كي يعكس نموذجاً أخلاقياً يخلي الناس تحبه.
أخيراً، أنقل هذه الشهادة علّها تصل إلى أحد قيادات الانتقالي، وهي شهادة لأحد أبناء البلاد اسمه عبدالواسع سعيد، كان عائداً من المملكة العربية السعودية قبل أيام: «وأنا عائد من أداء فريضة الحج بسيارتي، ومعي زوجتي، وفي أبين وبالتحديد في مدينة زنجبار وسط المدينة، بجولة القدس، نقطة مسلحين يتقطعون للمسافرين، ولهم غرفة جانبية، طلبوا مني البطاقة، أعطيتهم البطاقة، راح العسكري إلى زملائه وعاد ومعه اثنين من أصحابه، صاروا ثلاثة جنود ببدلات عسكرية، على أكتافهم علم الانفصال وعلم الإمارات، طلبوا مني تلفوني، أعطيتهم التلفون، لحظات وعادوا إلي وأنا على السيارة، قالوا لي تعال معنا، أنا مع خوفي على زوجتي، أطفأت السيارة وانطفأ المكيف ونزلت معهم، أدخلوني غرفة الإرهاب، هددوا وتوعدوا بإرسالي إلى موقع التحالف بأني جاسوس مع الحوثة، شخص هددني إلى أذني، والثاني يقول لصاحبه: اعمل محضر بإرساله إلى موقع التحالف، والثالث يكلمني إلى أذني: اعطيهم 500 ريال سعودي، أنا كنت خائف على زوجتي، السيارة مكتم، والجو حار، معي مصاريف الطريق 70 ألف ريال، أخرجتها واعطيتهم، قال كبيرهم: باتحلف ما معك غيرها.. حلفت..
الحديث طويل، أنا اختصرت الكلام..
حصل هذا يوم الخميس 13/7/2023، الساعة 11:20».
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس