نجاح المسلسل أو الفيلم، يعتمد على ثلاثة أشياء رئيسية: نص محبوك، ومخرج يقوم بتفسير النص، وفنان بارع بخلق الانفعالات اللازمة التي تتطلبها القصة.
وليخرج العمل بصورة جيدة، يحتاج الثلاثة لوقت مناسب للتجهيز للعمل.
قبل أشهر، قرأت تصريحاً للفنان السوري باسم ياخور، يتمنى فيه أن يحظى العمل، الذي أدى بطولته، بالتقدير من قبل المشاهدين، فمسلسل «العربجي» الذي سيعرض في رمضان، بدأ التجهيز له من قبل سنتين ونصف حسب ما أشار إليه ياخور.
أما مسلسل «ابتسم أيها الجنرال» المقرر عرضه في رمضان أيضاً، فيقول مؤلفه أنه بدأ بكتابته قبل ثلاث سنوات تقريباً بعد الاتفاق مع الشركة المنتجة، وأكد المؤلف أن الشركة لم تضع خطوطاً حمراء للقصة، لقد اتفقوا معه على أن ينجز العمل بحرية، فلم يتسرع الكاتب بكتابة مشاهد المسلسل خلال فترة وجيزة للدخول في عمل آخر من أجل الحصول على عائد مادي إضافي.
ثلاث سنوات بالكثير، أو سنتان كمتوسط حسابي، أو سنة على أقل تقدير، تكفي لكتابة مسلسل جيد، إن كان الكاتب متفرغاً ومستنداً إلى منتج لا يجعل فكره منشغلاً بمصاريف الحياة ومتطلباتها المادية.
ما أود الإشارة إليه، قبل تأويل النص من قبل المخرج والتجهيز المدروس للإنتاج، هو تأني الكاتب وحريته لإبداع عمله القصصي بعيدًا عن أي ضغوطات من خلال الاتفاق المسبق مع منتج حول بضعة أشياء منها: الفواصل المحورية للقصة "الخطوط الرئيسية"، والمصاريف أثناء الكتابة.
قبل فترة، قرأت حواراً مع الكاتب السوري ممدوح حمادة ــ لا أعرف إن كنت قرأته أو شاهدته في دردشات حول كتابة السيناريو، المهم أنه قال بأنه ظل يعمل على كتابة حلقات «ضيعة ضائعة» على فترات متفرقة لمدة عشر سنوات تقريباً، وهي فترة طويلة ومثالية إذا كان للكاتب مهنة أخرى غير الكتابة طبعاً، وبالتوازي مع ذلك فقد كتب حمادة مسلسل "الخربة"، وقد ظهرت بعض قصص المسلسلين في كتاب عنوانه «دفتر القرية».
ممدوح حمادة، عدنان العودة، فؤاد حميرة، وغيرهم، من أهم الكتاب السوريين الذين يعيشون خارج وطنهم، ينادون بالحرية ويرفضون استبداد بشار الأسد.
رغم عيشة المنفى الا أنهم مخلصون للإبداع، للكتابة بحرية، ولأن بيئة العمل التلفزيوني تتطلب التعامل مع شركات وأفراد يعملون داخل سوريا، وهؤلاء الشركات أو الأفراد يؤيدون بشار الأسد أو على الأقل صامتين عن سطوته الدامية، ولكن هذا البيئة تثق بنصوص الكُتاب المعارضين وتقدر قيمتها، يضطر الجميع للتعاون على انجاز قصة تلفزيونية على اكمل وجه.
حتى وإن كانت توجهات المؤلف اللاجئ ومواقفه تختلف مع توجهات الفنان المؤدي وتأييداته السياسية، أو يختلف الفنان في آرائه مع المخرج، إذ يحرص الجميع على إنجاح العمل بمن فيهم الفنان الذين يؤيد الديكتاتور "الأسد" حتى وإن شعر بأن القصة تتضمن اسقاطات تهكمية أو مسيئة تجاه رئيسه أو السلطة التي يؤيدها.
باختصار، إذا وصل العاملين في مجال الإنتاج التلفزيوني في اليمن، إلى مستوى هذا الوعي أو إلى طرف منه، بالإمكان إحداث نقلة في القصص المعروضة: كاتب حر، يكتب دون اعتبار لضغوط الوقت والمادة ومخرج يقوم بتفسير النص وفنان يفكر بإتقان دوره على أكمل وجه، كان الدور كبيراً أو صغيراً..
على أن تتعامل بيئة الإنتاج كلها، مع القصة كقصة دون اعتبارات سياسية أو مخاوف، أو اسقاطات..
وأن يبدأ التجهيز من وقت مبكر، لا أن يتراكم كل شيء إلى رجب أو شعبان!.
أن تكون الأولوية للنص وتفسيره والتجهيز له.
نجاح القصة، لا يقاس بارتفاع كلفة إنتاجها، ولا بنجومية الممثل، ولا بشعبية هذا الشخص أو ذاك على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا يضيف إلى جانب الفشل خسائر مالية كبيرة، إذ لم يكن هناك اعتبار للمعايير الأخرى.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس