في هذه المادة القصيرة، نمزح مع «الممنوحين». أرجو التأكد من الكلمة حرفاً حرفاً، إذ لو تقدم حرفاً في الكلمة على حرف آخر لاختلف المعنى، وإذا اختلف المعنى سيؤدي ذلك إلى حنق آباء وأقارب الممنوحين معتبرين "الكلمة" إساءة متعمدة، وعليه لابد من التوضيح اللغوي حول المقصود بكلمة ممنوحين: أي من لديه منحة دراسية في الخارج، وهو بن مسؤول أو قريبه ولم يكن يستحق المنحة، حسب ما تظهره الكشوفات المتداولة.
وتأكيداً على سلامة النوايا فإن هذه المادة، تنتصر بشكل مازح للممنوحين وتعاتب اليمنيين الذين ينتقدون المسؤولين على ابتعاث أولادهم على حساب الدولة.
والوقوف مع "أبناء المسؤولين والمسؤولين المشار إليهم" ليس من أجل مصلحة، وإنما من وجهة نظر نفسية بحتة، وعليه فإنه من الخطأ مهاجمة الذين ظهروا بكشوفات المنح، فنحن في منعطف خطير ومرحلة عويصة تترك تأثيرات نفسية عميقة عند كل «فرد وفردة مهما كانت مكانته» وهذا ما يؤكد بأنه حين ننتقد هؤلاء فإن الانتكاسة النفسية لن تلحق "بالممنوحين فقط"، بل سيصل الأثر السلبي لآبائهم مما يؤثر على أعمال المسؤولين في مؤسسات الدولة، صحيح أننا لا نعرف ما يعمله هؤلاء، ولكن الأثر النفسي ستكون نتيجته خسارة الدولة لجهود القيادات، وبنفس الوقت فإن "عيالهم وبناتهم" ستكون نفسياتهم معكرة فوق سيارات الهمر، وشهياتهم مسدودة ولن يتمكنوا من إلتهام الهمبرجر.
من حق المسؤولين والقيادات أن يدرسوا أولادهم نظير جهودهم التي يبذلها في خدمة البلاد في اللحظات الراهنة. رئيس أو وزير، أو قيادي في حزب، يعيش خارج بلاده، يتعب لكي يملأ منصبه البعيد عنه، يبذل جهدًا ذهنيًا وعضلياً، ليقود مسيرة البلاد ـ للهاوية! لماذا ننسى كل هذه الجهود حين نكتشف جزء ضئيل من فساد هذا المسؤول، أو يجن جنوننا لو عرفنا أن ابنه أو ابنته تدرس في الخارج على حساب الدولة!؟
صحيح بأن المسؤولين، بعضهم أو غالبيتهم، يظهرون أنهم «شوية فرغ» بلا عمل حقيقي، ولكن هذه تهيؤات يتوهمها الفارغين أمثالنا، بينما إذا نظرنا لهم بعين الحقيقة لتبين لنا أن هؤلاء المسوؤلين مزحومين بالأعمال: مسيرة حافلة بالرقدة والتنقل من فندق إلى فندق ومن شقة إلى شقة، ومن مطار إلى آخر: الرياض، إسطنبول، القاهرة، أبو ظبي. كم سيكون جهد المسؤول وهو يقوم بكل هذه الأعمال، ومع ذلك ليتهم يسلمون من انتقادنا وعتابنا.
هل تخيلتم حجم الأثر النفسي الذي يتعرضون له بسبب الاستياء من كشوفات المنح؟
أقترح أن نتبرع للمسؤولين، أو نجد لهم حيلة قانونية يستطيعوا من خلالها شراء طائرات خاصة لأولادهم الممنوحين، كي لا يتعرضوا لضربة شمس أو تتعكر أمزجتهم بسبب زحام السيارات، ولنوفر لهم البيئة المناسبة كي يتفرغوا للتعليم في الخارج ويعودوا إلى البلاد لإكمال مسيرة آبائهم، حتى وإن رأى الممنوح العائد لاستكمال مسيرة والده الناجحة هذا الشعار: خير خلف ملعون جدف، لخير سلف ملعون جدفين!.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس