تحتاج الدراما اليمنية إلى من يأخذ بيدها لتحويلها إلى فن يمكن أن نقيم عليه كل حججنا الناقدة، ويحتاج العاملون في هذا المجال إلى تشجيع ليزدهر سوق الدراما، ولا يعني هذا أن تكون هذه الأعمال بمنأى عن النقد الموضوعي، بل النقد البناء ضروري لنجاح منتجين يعرضون أعمالهم في سوق بلا معلنين ولا بنية تحتية ولا معاهد تدريب!.
هذه السنة تقريباً، أكثر السنوات اليمنية إنتاجا للمسلسلات، وبما أننا في رمضان، فقد تراكب الكثير منها أمام المشاهدين، خاصة تلك التي تعرض عند موعد العشاء، ما جعلها عرضة للنقد والانتقاد..
أكثر المشاهدين الباحثين عن تسلية مؤقتة، يضحكون، تشدهم أحداث، يتنقلون بين القنوات، يشاهدون من كل مسلسل نصفه بعد المغرب، ويشاهدون الباقي عند السحور.
لكن تعليقات المعلقين، تختلف، ومن الطبيعي لكل صاحب رأي أن يدلي برأيه، لكن المفترض من المهتمين بالفن وصناع الرأي أن يقيموا الأعمال المنتجة بذكاء، بحيث يستفيد العاملين بهذا المجال في أعمالهم القادمة، لا أن ننسف عملا لم نشاهده، من أول انطباع تكون من أول مشهد..
ونحن اليمنيون، وهذه طبيعتنا الفطرة، لدينا آراء على كل شيء، ما يحتم على العاملين في مجال الدراما، ألا يأخذوا الآراء كلها على محمل الجد، بل ألا يأخذوا النقد من غير أهله، وليس هذا حثاَ على أن "يزخفوا" ويشيحوا عن وجهات النظر الذكية من المشاهدين.
النقد الموضوعي يمكن أن يأتي من متخصص أو خبير في المجال الدرامي، أو من مشاهد لبيب شغوف بالقصص المنتجة عالمياً أو عربيا على الأقل، ليكون منصفا عند تقييمه لقصة يمنية تكبدت مشاق مراح الإنتاج قبل الوصل لرمضان..
أحد الأصدقاء وصف المسلسلات اليمنية بالتافهة، قال بأنها لم تعجبه، كل شيء فيها يثير استيائه، سألته عن أي مسلسل شاهده وأعجبه من قبل لأكتب له مثله، أكد بأنه لم يكمل في حياته مشاهدة مسلسل واحد.
وحتى الآن، تقريباً، لم نقرأ نقدا موضوعيا حول المسلسلات اليمنية التي تعرض هذه الأيام، وفي المقابل قرأنا الكثير من الآراء، بين التأييد والاعتراض، بدت كما لو أنها انطباعات شخصية، قد لا تنفع الدراما ولكنها تضر السوق.
نحن نخلط بين السياسة والدراما، المكان والمنتج، الممول ووسيلة العرض، بينما النقد يرتكز على: الفعل والشخصية.
لا دخل للحزب الذي ينتمي إليه الفنان أو الوجهة السياسية التي يتبناها في الواقع، بالدور الذي يحاكيه أو يعرضه درامياً، عليك أن تستنبط الملف التعريفي للشخصية التي يؤديها هذا الفنان، ثم هل نجح في تجسيدها أم لا؟
ليس لأن الممثل الفلاني إصلاحي، أو الممثلة الفلانية اشتراكية، أو المؤدي لأحد الأدوار مؤتمري، تنجح القصة من عدمها؟ هل جسد الممثل/ الفنان الدور كما ينبغي؟
تجد ممثلين عالمين يتبنون وجهات نظر معينة، ينتمون لأديان مختلفة، وطوائف غريبة، ومذاهب متنوعة، لديهم ميولات قد تتعارض مع قيم المجتمع أو غالبيته "مثل المثلية"، ومع ذلك يتعامل الجميع مع أدائه عند عرض العمل، لا بحكم مسبق ونظرة متعالية..
رأيي هنا، لا يبرئ المسلسلات اليمنية من أي خطأ، فبرأسي الكثير من الملاحظات سأكتب بعضا منها الأسبوع القادم إن شاء الله..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس