تحرير الجيش الوطني في تعز، لمناطق شاسعة ومهمة غرب المحافظة، أذهل الجميع، إذ لم يكن أحد يتوقع أن تجري المعركة بهذا النمط، وأن يحرر الجيش الكثير من المناطق بهذه السرعة..
حتى أن الصحفي المقرب من طارق صالح قائد قوات في ساحل المخا، نبيل الصوفي، قام بتشغيل نغمة المؤامرة، قبل أن يحرك وعيه الباطن الحبكات والأساليب التي كان أحد مهندسيها إبان صالح، فقال بأن ما يقوم به الأبطال في تعز "انتصارات وهمية" وأن قوات الجيش تحرر الجهة الغربية من أجل الاقتراب من الساحل، وأن ما يحدث هو "استلام وتسليم"، وكأن الرجل ما زال يعيش في كنف التحالف القديم، يوم كان الحوثي يستلم العتاد والأفراد وفريق مثل نبيل من أذرع صالح.
يؤمن التعزيون بأنهم في خندق واحد مع طارق صالح رغم الماضي الأليم، الآن العدو واحد، وإذا ما تحرك أي طرف لمواجهة العدو ستصفق له المحافظة، ويمشي خلفه أبناؤها، غير أن الأبواق الممسوسة بالوهم إرضاء للممول وإشباعا لتصوراته، تحاول أن تصنع حاجزا بيننا وبين الساحل، بين قوات الجيش والقوات المشتركة، ولأن اللقانة سمة هذه المحافظة، فتنثال الأسئلة والتحليلات، وتتفق الأجوبة، أن الفريق الذي يطعن في تقدمات طرف ضد مليشيا الحوثي أو يشكك به، مازال في ضلاله القديم، عندما كان بمثابة المستشار للحوثيين ولسان حالهم وهم يقتلون اليمنيين وجنود التحالف العربي..
والآن، وقبل الرد على نبيل الصوفي، لنبحث عن أسباب التقدم الكبير الذي أحرزه ويحرزه أبطال الجيش:
أولاً: كانت الجبهات هادئة على امتداد سنتين على الأقل، إلا من تحركات قليلة، ما جعل الملل يدب بنفوس مقاتلي الجيش والمقاومة، ومع زيادة جرائم المليشيا، كان بعض الأفراد يطلبون من قاداتهم السماح لهم بالتقدم.. دعني أتقدم وأقتل هناك.. زاد عطش المقاتلين بزيادة ملح جرائم الحوثي.. هذه الحماسة تظهر بجلاء في المعركة.. ولا ينكرها إلا بوق ممول أو ملحد سلالي أو شخص يرحم..
ثانياً: مع إطالة المعركة، خسر الحوثيون عناصرهم العقائديين، لتأتي بأنساق متفاوتة، بين مغرر به وباحث عن بندق، وذليل استحب العبودية لكن إيمانه بالسيد غير راسخ، وفي المقابل: يكسب الجيش الوطني في تعز، خبرة في القتال، وفكفكة الألغام، وتكتيكات مكاوشة العدو.
ثالثاً: انشغال الحوثي بمحافظة مأرب الأبية، حيث أن حشده مركز إلى هناك، وقد سحب الكثير من مقاتليه من جبهات تعز، وهنا لم الجيش الوطني لتوقيع هدنة مع الحوثيين في هذه الفترة، كما فعل مع قوات في الساحل كما قيل، تتبع طارق صالح.
رابعاً: ظهرت القيادات العسكرية، متوحدة، وفصائلها متآلفة، فكانت خطة التحرك محكمة، وكل يعرف أين سيتجه.
خامساً: في مناطق سيطرتهم، مارس الحوثي أبشع الجرائم بحق المواطنين، وصل إلى الحصار في أقواتهم بل ومصادرة الأموال من أدراج البقالات والدكاكين، والأطباء وبائعات الكراث، بحجة العملة القديمة والعملة الجديدة، وكلما اقترب من مناطق الجيش الوطني والمقاومة زاد العذاب، فتزيد كراهية الناس لهم، ما يسهل للجيش التقدم.. وقد ظهر هذا الزخم الشعبي الكبير على شكل دعم مادي أو التحاق المدنيين للمشاركة في المعركة..
سابعاً: القيادات العسكرية كلها في الميدان..
ثامناً: الكثافة السكانية في تعز، ستغطي جبهات الجمهورية، والمعنى أن كتيبة تتقدم وترتاح في اليوم التالي ليأتي أفراد جدد ويهجمون.. مابش ربخة.
تاسعاً: لأنها تعز..
عاشراً: توفيق من الله..
أما لماذا الجبهة الغربية بالذات؟ فإن الخطط العسكرية تحتم على الجيش دراسة الخصم جيدا وأماكن ضعفه ليؤته منها..
والآن لنرد عن التقولات التي تسخر من الانتصارات، وتصفها بالوهمية أو أنها "استلام وتسليم" أو أنها معارك في نطاق عين القوات المشتركة..
ولنبدأ بالرد:
بسم الله الرحمن الرحيم
وجدنا بعض أتباع طارق، زعلانين من تقدمات الجيش، مع أننا كنا في انتظار فرحتهم بهذا التقدم على مليشيا الحوثي، وكان سبب زعلهم هذا، أن الجيش الوطني يتقدم غربا، في مناطق قريبة للساحل.. لماذا لم تتقدم القوات المشتركة هناك؟ أو يشتوا عُزامة..
أما بعض المنظرين، مثل نبيل الصوفي، والذي ذهب بأن ما يحدث وهم واستلام وتسليم، فنعرف أسباب تنظيراته "حلال زلال"، لكنه غلفها بالوهم، على أنها اتفاق، ولم يعرف وهو الصحفي الخبير والعقل المستنير، أن احدى استراتيجية الحرب وأعظم الانتصارات فيها، تلك التي لم تخض بها أي معركة، وعندما قال أنها اتفاق، فأي عدو ساذج هذا الذي سيقول لك: تعال اقتلني، وخذ مني الأسير، وشل الأطقم والمدافع، ودس صور القائد المؤسس وملازمه تحت بيادات أبطالك.. تعال افعل ذلك لننفذ هذا الاتفاق.
الخاتمة:
لو كنا لؤماء، وأردنا أن نلمز العميد طارق صالح وأبطال قواته، لقلنا أن الجيش اتجه غربا لتأمين ظهره للاتجاه شرقاً، أو لنقل أن إمكانية الجيش تحتم عليه التحرك بهذه المنطقة من أجل قطع طريق تهريب السلاح للحوثي من جهة المخا، وقطع الطريق أمام السرايا المدربة التي تتسرب من هناك جهة الحوثي، ولفتحنا بابا من التأويل والتحليل والتفسير للمؤامرات.
ولكننا نؤمن أن الجيش فتح طريقا للمحافظة من جهة الساحل، ليسهل مرور مدرعات طارق إلى فرزة صنعاء ومنها تنطلق إلى صنعاء إن شاء الله.. وهكذا تكون الخطط.. لكن من شخلك تسكت؟ نبيل الصوفي!
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس