في تعز، يتعلم المقاتلون تكتيكات المواجهة بشكل سريع وبأقل الخسائر، هناك حاجة واحدة تنقصهم: العتاد.
هجوم كبير هذا الأسبوع، وتحرير مساحة جبلية شاسعة، فقدنا بهذا الهجوم، شهيدين فقط.. ويؤلمنا ذلك..
لم يعد هجومهم غير مرتب، ولم يعد يقتل بضعة منهم في موقع واحد أثناء الهجوم. حتى الألغام، رغم خطورتها، بدأوا يتدربون ذاتيا على فكفكتها أو اجتيازها أحياناً..
تشعر بأن المقاتل، الذي يحرس المدينة من المليشيا أو يهاجم المليشيا الإرهابية، خريج من أكاديمية عسكرية، يعوزه الدعم المادي فقط.
في الأسبوع الماضي اتصل بي أحدهم من خط المواجهة، ليخبرني بأن موقعهم يتعرض للقصف بصواريخ لو "كتف موجهة"، لم يقصد أن يستعرض صمودهم أمام الصواريخ، هو أخبرني بذلك كي أدبر لهم بضعة قنابل يدوية لأنهم لا يملكون أي قنبلة، ظن أن باستطاعتي التواصل مع قيادات عسكرية وشخصيات حكومية، وتفاخرت بمعرفة الكبار حتى ظنوا وظننت إمكانية الوصول إلى رئيس الجمهورية شخصيا ليصرف لهذه المجموعة عدد من القنابل.
ومن شحطة تفاخري شعرت باستطاعتي توفير المدفع الأصفر مادام وهذا العتاد سيذهب لمواجهة أعداء الحياة.. وللأسف اكتشفت أني عاجز عن توفير رصاصة.
في الأسبوع نفسه، كان أحدهم يشتكي من عدم وجود بازوكة "قاذف آر بي جي" مع مجموعتهم التي يقطع بينها وبين مواقع تمركز مليشيا الحوثي شارع مهجور، كان صوت دبابة المليشيا يرتفع قادماً ولم يتمكنوا من ضربها، هم يواجهون بالبنادق من المسافة صفر.
سأوصل الرسالة.. سندبر بازوكة وبي 10.. أقول منتشيا، ويبدو حديثي معنويا لنفسي فقط، فهم أكبر من الحاجة إلى وعد معنوي من شخص موهوم بمعرفة الكبار.
أكتشف أن هؤلاء يعرضون عليّ الحاجة للعتاد، لأني ابن خال حمزة عبدالواسع شداد، حمزة أركان حرب اللواء45 الذي استشهد قبل 75 يوماً، فعندما كان بعض هؤلاء يحتاجون شيئا لأجل المواجهة يتصلون بحمزة، وكان حمزة يضيف فوق احتياجهم شيئا أكبر يدفع معنوياتهم للأمام.
كان حمزة يقول: لماذا احتفظ بعتاد يحتاجه غيري ما دامت معركتنا واحدة؟. وأثناء عمله في الكتيبة، كان حمزة يعيش وضعا طارئاً، أي جبهة تحتاج شيئا، سارع إلى تدبيره بما هو متاح، بالعتاد أو بالرجال.. هكذا صار له بصمة في مختلف الجبهات.
أنا لا أملك شيئا لأدبر للأبطال حاجتهم.. ولكن عندما أكون في أعلى درجات الإحباط، أفكر كيف نشق طريقاً مباشرا بين الأبطال في خطوط المواجهة والداعمين، بحيث يتلقى مقاتلو الجبهات الدعم العسكري مباشرة، من دون أن يمر على مسؤول.
بعدها أعذب الشيطان وارقد.. لأن هذه المدينة يدبر أمرها الله..
لم يعد طيران التحالف يشنف الأسماع حتى بصوته
والانتقالي يحتجز الذخائر التي يرسلها
ونحن أصلا قطاع منفصل..
ومن سوء حظ المدينة، أن القيادات عندما كانت متفقة، قامت الإمارات بدعم تعز عسكريا بسخاء، وكان هذا الدعم عبارة عن مدرعة متوسطة وصل بها أبو العباس وهللت لمقدمها المدنية، لكنه خرج بها إلى ساحل المخا المزدحم بالمدرعات المماثلة..
هل عرفتم الآن لماذا التحرك العسكري في مدينة تعز بطيء؟.
والله لو توفرت الإمكانيات، لمشى أبطال تعز قدام قدام.. فمن حمل الآر بي جي سار خلفه بضعة أفراد ليهجموا..
هذه الخاتمة، خط رجعة للقيادات في تعز، من أجل توفير شغمة قنابل وآر بي جي وسُعنَّه معدل، وآخر مرة أتبختر بقدرتي على التواصل مع المسؤولين..
*ملاحظة: الكلام هنا، يدور حول حاجة الأبطال في الصفوف الأمامية.. لا المفصعين..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس