يلجأ الحوثيون إلى تغطية خسائرهم بالجبهات، باستهداف المدنيين أو البحث عن مناطق لا تمثل جغرافيتها أهمية للمعركة، ولكن من متى يأخذ الحوثيون أهمية الجغرافيا كرؤية استراتيجية في معركة ما؟ هم يريدون الدم والأموال وإشاعة الجنون الطاغي لإرهاب الناس، وحين ينهزمون في الجبهات المختلفة، يذهبون إلى قرية بحثا عن انتصار نفسي هم غير مؤمنين به، ولكن إلى جواره، ينهبون الرعية.
خلال الأسابيع الماضية، والمعارك تشتعل، تهدأ قليلاً لكنها لا تتوقف، يحشد الحوثيون الكثير من الأفراد للهجوم على مدينة تعز، فيعود أفرادهم قتلى بالعشرات، لكن النذالة تُحتم على الجماعات الفوضوية العزف عن مواجهة الأبطال، والانتقام من المدنيين، القذائف التي تطلقها المليشيا الحوثية على الأحياء المدنية في تعز لا تتوقف، والقناصة يبحثون عن الأطفال والنساء.
وبما أن خسائر الحوثيين كبيرة خلال الأيام الماضية، فقد بحثوا عن ذريعة لافتعال معركة لطمأنة أفرادهم، معركة غير متكافئة بذرائع شتى، وكالعادة فإن الضحايا هم المدنيين.
يحاصرون "الحيمة"، شمال شرق تعز، بالدبابات والمدرعات، دخلوا لمنازل مواطنين واستراحوا في المزارع الواسعة للقات، يختطفون الأطفال، ويستهدفون النساء. كل الذرائع التي اختلقوها حتى الآن واهية، هدفهم الكبير إخضاع الرعية ليتقاسموا معهم الأموال التي يحصلون عليها من المزارع، إذ أن هذه المنطقة من أخصب المناطق الزراعية في المحافظة، مع ذلك هناك من يقاوم الحوثيين بعتاد بسيط..
هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض لها الحيمة للاستهداف من قبل الحوثيين، إذ كانت المليشيا قد قامت بهجوم مماثل قبل سنتين تقريباً، وحين وجدت مقاومة شرسة من أبناء المنطقة، اكتفت بالتمركز في بعض المواقع وجباية الأموال من الناس الذين يحيطون بها نظير خسائرهم ووفاء للضحايا الطامعين ولأن ذلك جزء أصيل متجذر في تركيبة جماعة الحوثي!.
هذه هي استراتيجية الحوثي، عند الانكسار وسقوط عدد كبير من المقاتلين، حافظ على جزء من هيبتك بإشاعة الدم عند أكبر قدر ممكن من المدنيين، وعلاوة إلى هذه الاستراتيجية فالحوثي يولي تعز اهتماما خاصًا منذ ست سنوات!.
يحاول الحوثيون اختلاق أهدافا للمعارك الهامشية، بيد أن الحقيقة هي التوحش ضد المدنيين، فحصار منطقة مثل الحيمة واستهداف المنازل فيها، يؤدي إلى القتل والتشريد والنزوح، وهذا ما يجعل المليشيا تشعر بالنشوة.
أتذكر في حصار وهجوم الحوثيين الأول على منطقة الحيمة، كنا نسمع دوي القذائف إلى منطقتنا، لم يدر في رأسي أني سألقى شابة تحمل كيسا على رأسها، وشاب يرتدي الجينز، يمشون حفاة بعد المغرب، كانا في طريقهم إلى قريب لهم كنازحين من القذائف..
في مناطق تعز التي تقع تحت سيطرة الحوثي، هناك حالة استياء وسخط واسعين من سلوك الجماعة المتغطرسة، يلاحقون أصحاب المحلات التجارية، والبساطين أصحاب العربيات، يستولون على أدراج الدكاكين والعيادات، يتحكمون بالمطاعم ومزارع القات، ومؤخراً بدأوا بنهب جيوب المارة بذريعة تفتيش "العملة الجديدة".
تعز بحاجة إلى استثمار هذا السخط الذي ينزل كهدية مجانية للشرعية، بحاجة إلى دعم من يقاوم الحوثيين بسرعة عاجلة، بحاجة إلى تخليص رقبة الشعب من القبضة الخانقة.
لو أن هناك تحييد ـ فقط ـ لأسلحة الحوثيين الثقيلة، أي قرية بإمكانها هزيمة المليشيا... وين اجا طيران التحالف؟ الدبابات لا الأسواق..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس