لزيادة شعبيتها؛ تقوم وسائل الإعلام بفتح نوافذ تفاعليه مخصصة للجمهور، مثل البرنامج الذي كان شائعا في المحطات الإذاعية: ما يطلبه المستمعون. هل ما زال برنامج التهاني والأغاني يبث بصوت أنيسة محمد سعيد، أو أروى محمد مسعد، على إذاعة تعز؟ أم أن أحداً لم يعد يحفل بتهنئة أحد؟ رغم أن الأعراس لا تنتهي، وفي كل حي يافطة بنر، لشخص متوشح السيف ومجموعة من أسماء المهنئين.
كان لا بد من تهنئة. تهنئة واحدة في السنة تسمعها القرية كلها لشخص ما: فلان وحرمه، وفلان وفلان، يهنئون الشاب الخلوق فلان، بمناسبة زفافه الميمون فألف مبروك، كما تقول المذيعة. في الغالب يكون العريس المذكور، ليس شاب ولا خلوق، ولا عريس. ذلك اجتهاد المهنئين وشغفهم لذيوع الأسماء عبر ذبذبات المحطة المحلية.
الشباب يتزوجون، وليس هناك من يهنئهم عبر الإذاعة، هذا إن كانت الإذاعة الحكومية في تعز قد استأنفت بثها من عدمه، أما الإذاعات الأهلية التي انطلقت قبل الحرب، فقد تنبهت لهذا النوع من البرامج التفاعلية. كانت إف إم التابعة ليحيى صالح، تستقبل مكالمات طيلة الليل، للحديث عن الأشجان، واللواعج، وخلجات العشاق، وانتكاسات الخائبين، وسر اختيارك للرقم 9.
على غرار هذا النوع من البرامج، وسائل الإعلام حالياً في اليمن بحاجة إلى نافذة تفاعلية اسمها: ما يكتبه المغتربون. حاشا أن يكون هذا سخرية مما يكتبه المغتربون اليمنيون، ولكن وجودهم في بلدان غير بلادهم التي تعيش حرباً، يجعلهم في وضع أفضل لتطقس الأخبار وتحليلها من زاوية رائعة وخاصة مع "قلص قهوة"، ولأن كورونا جلب الفراغ للمغتربين، فقد توفر ما يكفي من الوقت للتعليق على كل شاردة وواردة.
هناك من يحشر نفسه في الرياضة ويتنقل بين برشلونة ومدريد صباحاً، يعلق على أحداث تعز عند الظهيرة، يتكلم عن التفكير الشرقي عند العصر، وما يأتي العشاء إلا وتحدث عن الجيش والمقاومة، والمليشيا، والزعيم، ثم غرق في دخان النارجيلة وحك رأسه آخر الليل، واتصل بأحد أقاربه: رسلوا ببيس، الإقامة تشتي تجديد.
المشكلة ليست مقتصرة على المغتربين، معظم المفسبكين يسيرون في الطريق نفسه، لكن المغتربين يتواجدون في بلدان خدمة الانترنت فيها متطورة، أسوأ انترنت في دولة أخرى لن يصل إلى مستوى سوء الانترنت في بلد تدير المليشيا اتصالاته.
سيكون من الجيد أن تكون النافذة التفاعلية، تحت اسم: ما يطلبه المفسبكون..
انتشار تطبيقات النشر والتواصل الاجتماعي، جعل كل مشترك يشعر بأهمية رأيه، كما جعلت الكثيرين يستخدمونها للتعبير عن قناعاتهم بخبث: الأسماء المستعارة، الترويج للإشاعات، التشكيك بالمواقف، الشتم، إذكاء الكراهية. بعض الأسماء تعمل فقط من أجل الانتصار للمكونات التي ينتمون إليها، ليس بالانتصار للفكرة نفسها، وإنما بتشويه الأطراف التي يختلفون معها.
ما أجمل أن يتداول الناس اسمك، ما ألذ الشهرة التي تحظى بها عند الترويج لإشاعة أو العمل على إغاظة من تراه خصمك.. هذه هي القاعدة كما يبدو.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس