أحياناً تتلقى عتاباً في اللحظة التي تنتظر فيها شكراً، ويكون هذا العتاب بوابة لدخولك في حيرة، خاصة إذا ما قُرن بمعايرة من نوع ما.
المعايرة المرتبطة بالعتاب، مدعاة للعجب، أحياناً وجالبة للمواساة، وتخفف كثيراً من التثريب الغريب الذي كنت في انتظاره على هيئة "شكر".
وقد تتشكل مواقف فَكِهة عندما تتلقى استفسارات لم تطرق لها باباً أو تقتفي إليها طريقاً، هنا يخامرك شعور بالضحك المعروف بـ "شر البلية" أو "الكوميديا السوداء.
ما علاقة لطالب إعلام، كان يتجول في الرواق العتيق القصير لكليته القديمة أثناء المحاضرات أحيانا، بفقه العيد وصلاته؟
اصطدمت بعتاب يوم العيد، لأني نشرت رسالة سأنقلها لكم، ولم أكن في انتظار شكر، لأني لم أكن صاحب فكرة عدم الذهاب لمصلى العيد والاكتفاء أن يصلي أبناء كل قرية في قريتهم كإجراء بسيط لمواجهة كوفيد19، والتخفيف من الزحام. لقد اتفقوا في المجلس وأنا كتبت الرسالة ونشرتها فقط.
في العيد تلقيت العتب الذي جعلني مشفقا على من ينتظرون شكرا أثناء قيامهم بخدمات من نوع ما، لكنهم يتلقون العتاب بدل ذلك.
لم أكن في انتظار الشكر، وأؤكد على ذلك، أنا فقط شعرت بما شعر به الشُّعبي، الفقيه العالم، الذي كان في انتظار أن ينهي السائل سؤاله، ليغرف ملء كرفه جواباً من بحر تفقهه، لكن السؤال المذيل جاء على عكس المقدمة.
أعتقد أني قرأت الطرفة في "أخبار الحمقى والمغفلين" لابن الجوزي، لقد جاء أحدهم إلى الشعبي وقال له أن دماً نزل من أنفه بينما كان يصلي... كان السؤال المتوقع: هل الصلاة جائزة أم عليه إعادتها؟ لكن السائل الذي تكبد مشقة المشوار وانتظر في الطابور، وأخذ وقت فقيهنا، فقد سأل: ما رأيك, أأفتصد أم أحتجم؟
فرد الشعبي: الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة؟
أنا نشرت الرسالة التوعوية، ولأن أحدهم شعر بأنها مؤامرة على وحدة الأمة، فقد قال لي: الله المستعان، أنا مش مستغرب غير منك، هو أنت متعلم وتعمل نفسك صحفي، وما تؤمنش بالقدر، تهرب من قدر الله؟.
أجبته: "إلى قدر الله" وأنا مستحي..
إليكم الرسالة:
الإخوة جميعاً
لازم نلتزم بالتعليمات الوقائية في العيد، للوقاية من كورونا، المعلومات الواردة من تعز المدينة، أو تعز الحوبان، لا تقول الحقيقة حسب تواصلنا مع عاملين في مستشفيات مختلفة.
المعلومات مخيفة، علينا الالتزام، على الأقل على الأقل، بأبسط الإجراءات:
- للتخفيف من الزحام، مثلاً، وإذا كان ولابد من صلاة العيد، فكل شخص يصلي في مسجد قريته.
- ممنوع المصافحة، والتقبيل بالوجه.
- ممنوع التزاور من قرية لقرية، إلا للضرورة، وإذا كان ولابد من زيارة الأهل، فيجب الإلتزام بعدم المصافحة.
تخيلوا الأمر:
لو شخص مصاب بالفيروس، ولم تظهر عليه الأعراض، جاء من المدينة أو من الحوبان، ليقضي عطلة العيد في القرية، وهذا المصاب إلتقى بشخص ذاهب إلى زيارة أحد أقاربه، عمه أو عمته مثلاً، المصاب سلم على الشخص السليم، انتقلت العدوى إليه، وهذا الشخص وصل وسلم على عمه، فانتقلت العدوى إليه، هذا العم ذهب إلى قرية أخرى ليزور أخته ونقل إليها المرض، الشخص الأول ذهب إلى قرية أخرى ليزور خالته، وهكذا من شخص لآخر.... ستتحول القرى – لا قدر الله - إلى بؤرة للمرض.
نحن لا نقدر على الجلوس في البيوت، أنا أعرف، ولكن على الأقل علينا الالتزام بأقل الاجراءات وهي التباعد الاجتماعي..
ممنوع المصافحة، ممنوع التقبيل، ممنوع المزاحمة.
وتذكروا، الفيروس ينتقل من خلال الجهاز التنفسي، من الفم والأنف، يعني لو امتلكتم كمامات سيكون حلو، ومن لم يمتلك كمامة، فالأمر بسيط: اتغلثموا بالغتر..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس