الكدادون الذين يعتمدون على الحيوانات، يتعلقون بها، أحدهم يملك جملاً قال إنه يراه مثل ابنه، كيف نواسي من افتقد بهيمته في واقع صارت المواساة في الآدميين روتينًا مكررًا.
قبل أيام قرأت تقريرًا عن نفوق عشرات المواشي بمرض مجهول في جبل حبشي، بدا الخبر عاديًا، أغنام وماتت، اسحبوها للكلاب الجائعة. لا يوجد مشاعر تجاه الحيوانات، غير أنه لو فكر الإنسان تجاه مالكها يتولد شعور الأسى أحيانًا إن كان الإنسان في حالة مزاجية بعيدة عن السخرية والخذلان..
نحن مشغولون بمتابعة كورونا، حدث نفوق "أغنام" في جبل حبشي، لا يبدو مهمًا، على الأقل بالنسبة لي، أنا بعيد عن أبناء جبل حبشي، وقطعت علاقتي بالرعاة زمان، عندما كانت الشياه تدخل الوديان ويشتكي الناس، رغم أننا نملك بقرة، وعندما تعسرت ولادتها الأخيرة جلبنا الطبيب البيطري.
بن ناجي، أحد من استعنا بهم لجلب الطبيب يسميه "دكتور البقر"، وعندما حضر الدكتور وكان في كامل أناقته، وبعد مساعدته في توليد البقرة، ظل يشرح عن أجهزة الحيوانات، إنه تخصص معقد ويحتاج للدراسة والفهم تماماً كدراسة الطب البشري، وبن ناجي كان يظن أن "البيطرة" خبرة تتوارث كما يحدث عند العشابين، أو بعض الأسر التي تستخدم الأعشاب للتطبب..
استشعرت الحزن، عندما ماتت بقرة بن ناجي هذا الأسبوع، ماتت فجأة، هناك بعض كبار السن من يشبه البقرة بالأم، ربما كان هذا سببا في انتقال شكل الموت من البشر إلى الحيوانات، وفي البداية كان هذا الموت عاديًا، لأن بن ناجي قادر على تدبر أمر حياته، لكن أشياء حدثت بعدها، جعلت الحياتين الحيوانية والبشرية متشابهة، لقد مرت غنمة على الأشجار، كانت تتنقل بنشاط وفجأة كحت ثم ماتت..
أغنام أخرى وشياه، غير أن الأهمية ترتبط بالقيمة، ولهذا بدا الأمر أكثر من عادي، وكل ما حصل أن بعض الرعاة أو الكثير من الرعاة والشباب الذين يربطون حياتهم ومواردها بالتربية الحيوانية تخوفوا بشكل كبير، لذا جلبوا الحيوانات إلى الأسواق، ومازالوا، ويبيعونها برخص خوفًا من تفشي جائحة غير مفهومة.
لن يستطيع البياطرة تشخيص المرض، إذ يظن الآدميون الرعاة أن حياة المواشي تشبه حياة الآدميين، وإذا تمكن البشر من تسمية وباء كورونا المستجد، فإنه لا أحد يعلم تسمية وباء الحيوانات، رغم استعصاء وجود أمصال للوبائين.
الفاجعة كانت عند عارف، وعارف هذا يملك تبيعًا، والتبيع هو الثور في فتوته، أو لنقل العجل الشاب، كان قد عرضه في السوق السنة الماضية، ولم يزد المشترون عن خمسمائة ألف، رفض بيعه، هو يراه كابنه، خاصة عندما يعق الابن المراهق، حمرته الذابلة وسمنته تجلبان له أناقة ومنظرًا رائعين، للثور وليس للابن، أما الابن فدائمًا أغبر في انتظار موعد العرس.. لقد كان الأب يراهن على سعر الثور، عاد به من السوق ليبيعه هذه السنة ظناً منه أن ثمن الثور سيساوي مهر العروس، إنه حساب اعتيادي للخروج من الحياة بأقل الخسائر، غير أن الثور مات فجأة هذا الأسبوع..
في بلد يموت الآدميون فيه.. روح الإنسان رخيصة.. كيف يمكن أن نوجد قيمة للحيوانات.. في بلد يتكلل فيه الراعي بحزمة من الأوبئة من الضنك إلى الكوليرا ولا يجد اهتمامًا، كيف تجد الحيوانات الرعاية الصحية؟..
الأثوار ليست السبب فيما يجرى لبلدنا..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس