يقول المثل الشعبي: "سَرَحَهْ تدور لِهْ قرون، رِجَعه بلا آذان"، أي ذهبت تبحث عن قرنين غير أنها عادت وقد فقدت الأذنين.
المثل عن شاه، كانت تطمع بتزييد نفسها بقرنين لتشبه المعزة، غير أنه انتقص من هيأتها الأذنين.
الأمثال تجربة ملخصة بكلمات، درس مستفاد عن خبرة، وعصارة أحداث طويلة، يمكن الاستشهاد بها لمطابقة أحداث أو مشاكلة نتائج.
قد تجد المثل نفسه في الحرب، عندما يهجم فريق ما لتوسيع رقعته، غير أنه يفقد ما كان يسيطر عليه.. عاد بلا آذان!
في السياسة، عندما يذهب مكون سياسي إلى مفاوضات ليطالب بقرون المناصب، غير أنه يفقد أدواته ويتم تحجيمه!
في الحياة الشخصية، عندما تذهب إلى شخص ما بحثًا عن الراحة بالفضفضة له بهمومك، فيأخذ بقايا راحتك بالحديث عن همومه وأحزانه.
وجرّ لك ما شئت من الأحداث.
تذكرت المثل الشعبي مع تضاعف بطء الانترنت في اليمن، مع خروج 80% عن الخدمة، إذا كانت المشكلة متواجدة والخدمة بكامل لياقتها 100%، فكيف سيكون الحال مع توفر 20%. لا ينقص إلا قولهم: البركة بالحاصل! والحاصل كثير.
في ذلك الزمن، عندما كانت الخدمة كاملة، على سبيل المثال، بقيت ثلاثة أسابيع وأنا أحاول تحميل فيلم كوميدي اسمه "المذيع"!
ثلاثة أسابيع ولم أفلح. الناس بدأت تتحدث أن بعض الشباب يقومون بتحميل مقاطع .. ومن ذكريات زمان المراهقة، أي ما قبل الحرب، كان من ينوي إتباع نزقه، ويبحث عن تلك الحاجات ويبدأ بالتعرق، يصطدم برسالة "محجوب من يمن نت".
عندما وصلت الشبكة اللاسلكية إلى ريفنا، قال أحد سائقي الدراجات أنه أصيب بنزلة برد أثناء ما كان يقوم بتحميل مقطع خليع، وظل حتى مطلع الصبح، ليتفاجأ بالخدعة، بدلًا من عنوان الفيلم المثير، وجد موعظة دينية عن أهوال القيامة.
في ذلك الوقت، اعتبرته محظوظًا، كيف تمكن من تحميل شيء، ولم أتمكن من تحميل حتى تتر الفيلم الذي أبحث عنه لأضحك، لأطلب الفيلم من صديق في السعودية!.
الناس يطلبون من المغتربين: الغتر والشالات، العطور والملابس، وأنا أطلب كتاب أو فيلم!.
وذلك بسبب عدم تمكني من الحصول عليهم من الانترنت، كان ذلك قبل المشكلة..
المثير للضحك، هو كثرة البيانات والتصريحات وتبادل التهم حول مشكلة الانترنت حاليًا، في صنعاء يتحدث المسؤولون عن حلول إسعافية ويتهمون المسؤولين في عدن بعرقلة الحلول، الشركة تتحدث عن الكابل، والمشغلات، وتستدعي أسماء دول مجاورة لتؤكد أننا "مشبوكين من نفس السلك اللي انقطع في البحر".
التوضيحات لا تتوقف، وتبقى القليل لإعلان حالة الطوارئ، وكأنهم يتعرقون في عز البرد.. باقي قليل. باقي قليل.
هونوا على أنفسكم، دعونا نحن من يتعامل مع الحوت الذي أقض مضاجعكم، وأزعج السكينة التي تنعمون بها، المشكلة لا تحتاج إلى كل هذه الأعذار، من يسمع القائمين على الانترنت، سيظن أن خدمة الشبكة العنكبوتية تسابق البرق، وتعلموا من ذلك المسؤول الغريب في صنعاء الذي زار عدة دول العالم، واكتشف ما يستحق الاهتمام: في الدول المتقدمة لا توجد هناك مشكلة في الانترنت، لأنهم يرقدوا من مغرب!.
كان اليمنيون في انتظار ترقية الخدمة، مع انقسام البلد إلى شرعية وانقلاب، وحديث الشرعية عن إنشاء شركة جديدة للانترنت، ولكن حدث العكس: افتقدوا الحاصل.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس