ظهر الفنان فؤاد عبد الواحد في موسم الرياض الترفيهي، وغنى: يا ليالي.
صفحة قناة روتانا نسبت الأغنية لماجد المهندس ثم حذفت تغريدتها في تويتر.
مقاساة اليمنيين ومعاناتهم، تجعلهم يستثقلون أدنى ظلم، ذلك أن أعباء الحياة تراكمت بسبب الحرب، وحين يصل الأمر إلى السطو على أغنية، تشبه واحدة من القشات القاصمة ـ مجازًا ـ لظهور المهتمين بالفن.
عتبت على ظهور فؤاد اليمني بتلك النبرة، في لحظة شعوري بالمظلومية، في لحظة ما تصورت الأمر استضعافًا لليمنيين ومحنتهم الراهنة، وهكذا رحت أكتب مهاجمًا نبرة فؤاد ولكنته الخليجية.
بعد مرور أيام، وجدت أن لاثنين من أصدقائي الافتراضين، الحق فيما ذهبوا إليه، أن لكل مقام مقال، وأنه لا بد من مخاطبة الناس بلسانهم لتسهيل وصول الرسالة..
وفي لحظات تناحر اليمني مع مزاجه، تتلاطم الأفكار: فؤاد لديه الحق، لا ليس لديه الحق، ليغني بلسان القوم، لا بل يفترض أن يعتز بلهجته، بدأت أغاني يمنية تمتد في الساحة العربية، يأخذونها بألفاظنا، ليساعد الفنان اليمني ذائع الصيت في الخليج للترويج للفن اليمني.. التخلي عن اللهجة انسلاخ عن الهوية، لا لا، هذا هراء، الفنان الكبير أبو بكر سالم كان يرتدي العقال ولهجته أقرب للخليج، ولكن أغانيه، في أغانيه عبق الأصالة اليمنية، الاعتزاز والفخر، كما أنه لم يأخذ أغنية معروفة يمنيًا ويلقيها بلهجة غير لهجتها الأصل..
نحن لا نفهم بالفن.. غير أن الأحاسيس تصلنا، والعواطف تنفذ من الأغاني إلى الجمهور، وعند إحداث تغيير كبير في أغنية شهيرة، نشعر بخلل يربك العاطفة، لعل هذا ما أثار الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه، حسبما سمعت من أحد المثقفين والمهتمين بالفن، عندما غنى راغب علامة أغنية أبو بكر "سر حبي فيك غامض" استاء فناننا الكبير، مع أن أكثر الشباب فرحوا بأداء راغب من باب شهرة الأغنية اليمنية واستشعار عظمتها حين يؤديها فنان مشهور وغير يمني، كيف والقفل يتكرر عند كل مقطع: لا تعذبني وإلا.. سرت وتركت المكلا لك.. إذا ما فيك معروف!
قال أبو بكر: أنا راغب إنه يغني لي راغب، بس مو بهذا الشكل.
الشكل هو ما يتحتم على فؤاد عبد الواحد أن يجده، ليس شكل الفنان، وإنما شكل الأداء، في الشكل سر يمكن التلميح من خلاله بأصالة الفن اليمني وتجلياته.
وفي الأداء، إفراط الفنان بإبداء أحاسيسه، علة، كما أن التقتير في إبداء أحاسيسه علة مماثلة.
في وقت ما، انقسمت آراء العرب حول الغناء ما بين أعلام "نجد والحجاز"، منهم من يحلله ومنهم من يحرمه، وفئة ثالثة لم تبدي رأيها فيه، كان التابعي الحسن البصري ضمن الفئة الثالثة...
ومما جاء في العقد الفريد، أن رجلًا قال للحسن البصري: ما تقول في الغناء يا أبا سعيد؟ قال: نعم العون على طاعة الله، يصل الرجل به رحمه، ويواسي به صديقه (يتحدث عن غنى المال)، قال الرجل: ليس عن هذا أسألك. قال الحسن: وعمّ سألتني؟
قال: أن يغني الرجل؟
قال الحسن: وكيف يغني؟
فجعل الرجل يلوي شدقيه وينفخ منخريه (بالغ في الإحساس). وعندما رآه الحسن هكذا قال: والله يا بن أخي، ما ظننت أن عاقلًا يفعل هذا بنفسه أبدًا.
القصة قد لا تكون لها علاقة بالموضوع، ولكنها تثير الإعجاب.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس