هي أطول سلسلة أعراس عشتها هذه الفترة، منذ العيد وحتى الآن لم تتوقف أفراح أبناء المنطقة، في كل موسم عيد نعلم من سيحتفل بعرسه، أحيانًا تزدحم خمس حفلات في يوم واحد هو ثاني العيد أو ثالث العيد، المعرسون هذه السنة عددهم قليل، غير أن توزيع حفلاتهم أشبه ما يكون بسلسلة مازالت تمتد وتمتد موشاة بالبهجة والأغاني والوطن!.
إطالة أمد الأفراح العرائسية بهذا الشكل التسلسلي، كان تلقائيًا وبلا تنسيق، ينتهي عرس شاب فتقرر عائلة ما تزويج ابنها الأسبوع التالي، وهكذا حتى اليوم، لم تتوقف الأغاني القديمة الرائعة، مع الأغاني الحديثة ذات الكلمات الساذجة والإيقاع الراقص.
وسط الأجواء الضاجة، ثمة فسحة للواقع الوطني، ليس في أحاديث المجالس وسيطرة النقاش حول الأحداث وحسب، وإنما بشكل الحفلة حتى.
مؤخرًا بدأنا نعايش ما يشبه الطقس الجديد: في الأسمار الاحتفائية للرجال والتي تبدأ من بعد العشاء، يتم افتتاح الحفلة بالنشيد الوطني، ينهض الكبار والصغار، العريس وأهله، من يصطف مع المقاومة ومن يميل بأحاديثه للمليشيا، كلهم يقفون بثبات للنشيد الوطني، يحدث هذا في الريف.
نحن أبناء مدارس تعوزها الفصول، لم نعرف موسيقى النشيد ونردده في طابور الصباح، في ساحة العرس ينتابنا شعور لا يمكن وصفه بعظمة موسيقى "رددي أيتها الدنيا نشيدي"، هكذا تخيلت الأمر قبل أن أرى اغروراق عيون جنود قدامى لا شك كانوا يصغون للنشيد في طابور الجمع الأسبوعي كل أربعاء.
الإحساس بالمؤامرات الجادة على اليمن هي من تفعل ذلك، لتتداخل فرحة العرس مع مظهر الذود عن البلد، نحن هنا لم ننس البلاد في ذروة انشغالنا بفرحة شخصية في القرية، في المدينة، وفي الغربة أيضًا.
يكتشف اليمني عظمة نشيده/الكلمة، ليستخدمها كأبسط سلاح لإغاظة المتآمرين. المتآمرون كان في حسبانهم أن اليمني جاهل، من السهل تقاسم أرضه والعبث بمصيره، الثراء مع المطامع ستتحقق على حساب الفقر مع الجهل، هذا ما جعل من "الملاقيف الأربعة" ـ وهي تسمية أطلقها الكاتب محمود ياسين على أبواق الإمارات الذين يعملون على تمزيق اليمن في تويترـ يقطعون البلاد كما لو أنها وصلة لحم تحت سطوة جزار لئيم معجبًا بحدة ساطوره!.
هذه العجرفة تنم عن جهل محض باليمن واليمني، فبمجرد استشعار اليمنيين بخطر المؤامرات، بدأ يدرأ الأخطار بمظاهر صغيرة تؤكد اندماجه الوجداني ببلده، ومن حفلات العرسان ستجد: أعراس في عدن بالنشيد الوطني، وفي صنعاء، في الريف وفي المدينة، أحد الأصدقاء أرسل لي بمقطع لعريس يمني في مصر، أصر أن يقف ثابتًا لنشيد بلده في القاهرة. يحدث ذلك في افتتاح الحفلة، بعدها تترى الفقرات التالية مثل الأغاني ورقص الشرح أو البرع، بغض النظر عن الكلمات، خاصة أغانينا في تعز: خلي لي حالي يا أخي ضجيتنا!.
قبل ذلك، شاهدنا أحد الأعراس في شبوة، وفي قلب الحفلة يهزجون ويرقصون بشكل جماعي:
"والنبي ما خذيتوا وطنا.. يا عساكر قفا الشيخ طحنون".
سأتوقف هنا، أحد عرسان القرية يريد مني بعض المعلومات لاستخدام تويتر، يريد الدخول على ضاحي!.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس