مهما بلغت درجة الاختلاف مع الآخر، مهما كان الخلاف، لا يكون ذلك مدعاة للتشفي عند الموت.
للموت هيبة وللمشاعر احترام، هذه من صفات الإنسانية، الاحترام عند الشدائد بين خصمين آخر الصفات التي تميز الإنسان الشهم من المبغض الحاقد.
أقول الإنسان، ولم أحدد اليمني، لحساسية الموت في هذه الظروف، وتأويلات الناس عن الخواتيم، مثل مقتل/ استشهاد أبو اليمامة.
مع ركام الانفجار ورائحة البارود والدم، سطت نبرة الجدال والاتهامات على كل شيء، مع أن مليشيا الحوثي أعلنت مسؤوليتها، ذهب نبيل الصوفي الذي كان مع الحوثيين حتى القريب، ليتهم الشرعية والإرهابيين.
ومازال الضحايا يرحلون واحدًا تلو الآخر، قفز تجار المواقف وأصحاب المشاريع الانتهازية ليستخدموا الدم المراق لتقوية مشاريعهم ولو بأفكار ساذجة تضعف المشروع من قبيل "مع وجود كم منفلت ممن يسموا بالنازحين داخل عدن ونحن في حالة حرب، علينا مراجعة كثير من الأمور" كما قال القيادي في الحراك الجنوبي أحمد عمر بن فريد، في لغة تحريضية ببعد مناطقي..
وقبل مواراة الشهداء للثرى، ودفن أبو اليمامة، كان الصغار يتجادلون، تحركهم البواطن الداخلية، يستخدمون القضايا والإيديولوجيات لرصد المواقف والكلمات، لماذا قال فلان: مقتل أبو اليمامة؟ ولم يقل: استشهاد؟ تحركت النزعات الداخلية مع دم أبو اليمامة وبقية الشهداء، لا المشاعر الإنسانية لإدانة العنف مع أي كان.
وامتدت النزعات تلك حتى للصراع اللغوي حول المفردات، لنبحث في القاموس عن مادة شهد وقتل، ولكن الله قال: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله) قتلوا، وليس (استشهدوا).
في خضم الجدل واستغلال الجريمة لتغذية الأجندة، واستخدام أبو اليمامة في الواجهة، ما يزال الجنوب اليمني يعيش الوضع الدامي، ما يقارب من عشرة شهداء في المحفد محافظة أبين سقطوا في مواجهات مع إرهابيين، لم تلق دماء هؤلاء اهتمامًا من قبل الذين ضجوا وعجوا بدم أبو اليمامة، ما يؤكد استغلال دم الرجل باعتباره شخصية شهيرة.
يفترض أن نتحد للخروج من مشكلة حقيقية تواجه اليمن كله، هذه المشكلة التي تنبي وكأن هناك تنسيق ثنائي بين الإرهابيين والحوثيين، ففي اليوم نفسه الذي أكدت فيه المليشيا الحوثية من تنفيذ "سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية عملية مشتركة استهدفت عرضًا عسكريًا في معسكر الجلاء"، ليس في اليوم نفسه، بل في التوقيت نفسه كان الإرهابيون يقومون بعملياتهم في عدن وأبين.
*
أن يفرغ انتقاليو الجنوب غضبهم، على شقاة في عدن ونازحين لأنهم من الشمال كما يقولون، كارثة تحسب عليهم، وتظهرهم ككيان هش لا مشروع دولة كما يقولون، لم يجدوا من يستعرضون عليه القوة غير بائع الطماط أو فارش البلاط، لم نسمع في تاريخ الحروب، أن حربًا اندلعت بين دولتين فتوجهت دولة لترحيل مغتربي الدولة الأخرى أو النازحين..
مرة اختطف أناس من منطقة مجاورة رجلًا من منطقة قريبة منا، وقتلوه. بعض من رجال منطقة القتيل الغاضبين اتجهوا للسوق، كان هناك شاب من منطقة القتلة يعمل في صندقة بنشر، اتجهوا لإفراغ الغضب بإغلاق صندقة البنشري المسكين..
أتدرون ما حدث؟
اعترض أهل القتيل، وأعادوه البنشري إلى صندقته.. لا دخل للباحثين عن الرزق بالدم!.
لا تفرغوا غضبكم على الباحثين عن الرزق في عدن أو أي مكان في العالم..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس