إلى الآن مازال الكثير متأقلمين على نمط رمضان، يجدون صعوبة في استعادة نسخة ما قبل رمضان، في النوم تحديدًا.
كانوا يقولون أني الأكثر تمسكًا بسهر الليل ونوم النهار، يعيبون نومي، ويريدون أن أفعل العكس كما يفعلون.
كنا ننام بعد الفجر، إلى الظهر على الأقل، وإلى العصر بالكثير.
مر الأسبوع الأول من شوال زاد النوم إلى الرابعة عصرًا، لقد احتجت لسهر يومين متتالين لألحق بركب الأسرة ومغادرة نمط رمضان، عملية التغيير أو الانتقال من شكل إلى شكل، عملية شاقة، عليّ أن أقول للذين يعيبون نومي وفوضوية استخدامي لليل والنهار أني قادر على فعل ذلك، السهر ليومين متتالين كان الحل الأمثل لعملية الانتقال، وبالفعل نجحت، لقد تراكم النوم ونمت وحين استيقظت الصباح كان الذين استثقلوا نومي نائمين، بدا الأمر عاديًا، سيستيقظون بعد قليل، جاءت الظهيرة، حتى الأطفال نائمين، إذا كنت أنام للرابعة عصرًا فإنهم ينامون للثالثة والنصف!
يقولون: عملية التحول التي تحدث من الفطر إلى الصوم، من شعبان إلى رمضان، سهلة، الله يعين والشياطين مربطين، بعكس عملية الانتقال من الصوم للفطر، من رمضان إلى شوال..
من المؤكد أن عملية الانتقال ـ أي انتقال ـ ترافقها مصاعب، ومهما كان "التحول/ التغيير/ الانتقال"، من سيء إلى أسوأ أو العكس، تكمن المصاعب، ثم بعد ذلك تبدأ مرحلة التأقلم مع الوضع تدريجيًا للوصول إلى التكيف والعادية.
في البلاد، هناك بيت يقوم بطقس غريب، للانتقال من رمضان إلى شوال، يجهزون العدة للخروج بأقل التكاليف التي يمكن أن تأخذها مصاعب التغيير، يعصدون في صبح العيد، نعم، في صبح العيد يأكلون العصيد والوزف، يقولون أنها أكلة مجربة لتجنب مشاكل المعدة التي تحدث يوم العيد، بعد هذه الوجبة يقومون بمزاورة أقاربهم بأريحية ويأكلون ما يشاؤون من الحلوى والمكسرات ولا يصابون بالبشم أو الحموضة، لم أجد تفسيرًا علميًا لهذه الوصفة التي بدأت الأسرة بالترويج لها: العصيد في صبح العيد.
هل حقًا تكون عملية الانتقال سلسة إلى هذا الحد؟ لا أعتقد، يتجبنون ذلك ولكن تحدث أشياء أخرى، هذه سنة التغيير.
قطف أبي كل غصون النعناع لإصلاح معدته، ومع ذلك لم تصلح، لقد جربنا العصيد ولكن في اليوم الثاني من عملية التغيير.
هذه العملية، تنطبق تمامًا على شتى جوانب الحياة، بما في ذلك السياسي للبلد، ولاختصار الطريق لنقل في كافة الأوضاع.
للتغيير من حالة إلى حالة، هناك مخاضات وإرهاصات، هناك كلفة دائمًا.
الثورة على علي صالح، انتقال من عهده إلى عهد جديد، انتقال السلطة إلى عبدربه منصور هادي والذي كنا نقول عنه "رئيس انتقالي" أي قائدا للمرحلة الانتقالية فحسب، ومن ثم انتقال من حالة شبه السلام، إلى حالة الحرب الشرسة ببركة الحوثي وأتباعه!.
كانت الحرب مرعبة في بدايتها، أما الآن فتسمع صوت القذائف مع أصوات الأطفال، أطفال يلعبون، وأطفال يقنصون، وسيارات الإسعاف تمشي بلا زوامير، هذا إن وجدت لأن غالبية المصابين يتم نقلهم عبر دراجات نارية..
الطفل في أول الحرب، لم يكن ليلعب في الشارع.. أما الآن فقد ينزل، قد يعود سليمًا، وقد لا يعود، أو إن شئت قل: قد يعود أشلاء.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس