قبل أشهر كانت المعركة في حجور، محافظة حجة، على أشدها، إلتمعت أسماء قيادات قاومت بضراوة وأخرى برقت اسمائها، كان من بينها "الزعكري"، ثم انقطعت الاتصالات عن المنطقة مع تكثيف القصف الذي وصل إلى قيام المليشيا بإطلاق الصواريخ البالستية على حجور.
كانت حجور معزولة من الدعم العسكري على الأرض، فدخلتها مليشيا الحوثي في نهاية المطاف.
عقب أيام من الحزن، ظهر الزعكري في صنعاء إلى جوار المشاط.. لقد صار حوثيًا.
قبل أسابيع، قام شاب حوثي بتسليم مفتاح سيارة لشخص في محافظة إب، كان الصيادي قياديًا ضد الحوثيين، وفجأة على تخوم المعركة استلم مفتاح السيارة التي ـ كما كان يردد الشاب ـ هدية من السيد.. كيف صار الصيادي حوثيًا ونال جائزة على ذلك.. لقد مهد الطريق لإسقاط العود..
قبل أيام كانت هناك حوادث مماثلة على المستوى العسكري، حيث عاد العقيد علي ناصر هاجر إلى أحضان مليشيا الحوثي، وهو قائد الكتيبة الثانية في اللواء الخامس حرس حدود، لقد كان يعمل ضمن الشرعية وفجأة غادر موقعه ووصل إلى صنعاء.
وفي حدث مماثل، كان العقيد أحمد المجنحي قائد الشرطة العسكرية في محور اليتمة في الجوف، قد غادر مكانه في صف الشرعية وانضم للحوثيين.
هذه الأحداث التي تشبه الانشقاقات، قد تكون لصالح الشرعية والوطن بصفة عامة لتبيان صاحب المبدأ من المتلون الذي يبحث عن مصلحته، وحين لم يجدها تامة أو تأخرت عليه غادر موقعه، هذا إذا فصلنا مثل هذه الحوادث عن سياق المعركة وتقدم الحوثيين في بعض المواقع.
غير أن الربط فيما يجري، يجعلنا حيارى ما إذا كان الحوثي قد استخدم هذه التكتيك باختراقه للشرعية والتحالف، وأن التحالف يفتقد الحيطة تجاه الشخصيات المشكوك بعملها للشرعية، الشخصيات التي قفزت للمركب تحمل أهدافًا غير معلنة من الانضمام..
مالا ينتبه له التحالف، ويدرس أسبابه ويعالجه بسرعة، هو تنامي السخط الشعبي تجاه أجندة التحالف المضطربة التي أضرت بسير المعركة بشكل كبير. ومع ذلك لا بد أن يكون هناك فصل بين شيئين: انشقاق بعض الشخصيات وتحولها للحوثيين نظرًا لصغر مبادئها وعدم توفر مصلحتها هنا، وأن انشقاقها هو لمصلحة اليمن والتحالف، والأمر الثاني تنامي السخط الشعبي على التحالف..
سخط شخصيات غير سخط الجماهير، لأن الجماهير هي التي تمد شرعيتها للتحالف وللشرعية، ولعل المسيرات الأخيرة التي خرجت في تعز، سلكت هذا المسار بهدف إعطاء زخم للتحالف، ففي مسيرة الإصلاح الحاشدة مثلًا، تم رفع صور ملك السعودية وولي عهده وولي عهد أبو ظبي وحاكم الإمارات.. لكن هذا الزخم يفتقر إلى المصداقية والتلقائية التي تأتي بها الجماهير دون توجيهات. ليس هذا تشكيكًا بأهداف المسيرات، ولكن احتياطًا من تنامي السخط..
فإلى جانب استغلال الانشقاقات الحاصلة من بعض الضباط والشخصيات وعودتها للحوثي، تعمل المليشيا على استغلال سخط الجماهير تجاه التحالف والشرعية وتوظيفه لصالحها في المعركة.
هذا السخط يحركه:
ـ الأجندة التي ظهرت من خلال مطامع جغرافية للتحالف..
ـ عدم تمكين أدوات الشرعية ومؤسساتها من إدارة مناطقها دون تدخل وتوجيهات.
ـ دعم كانتونات تعمل ضد الشرعية..
ـ التسويف في حسم المعركة مع المليشيا..
أنت بلا شيء بلا جماهير، وإن امتلكت القوة والمال.. قد تصمد طويلًا ولكن ذلك لا يدوم.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس