صرنا من مشجعي ليفربول، صار النادي وجهة للعرب بسبب محمد صلاح، حتى من ينتقص من موهبة الفذ لايستطيع كتم فخره بفخر العرب وإن كان يشجع فريقًا آخر.
وضعتنا الكرة في ورطة، وكنت كشاب قد كتبت هنا عن "عطش الحاجة إلى بطل"، وكان محمد صلاح هو المقصود، والآن أحك رأسي محتارًا بين صلاح وميسي في المواجهة التي ستجمع برشلونة وليفربول في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
مما ذكره ابن الجوزي في "أخبار الظراف والمتماجنين، أن مطر الورّاق قال: إذا سألت العالم عن مسألة فحك رأسه، فاعلم، أن حماره قد بلغ القنطرة.
هذا التعبير المجازي لا يتقمصه العالم فقط، بل السياسي والرياضي، والطفل والمرأة، وكل من تصادفه صدمة تربكه من حيث لا يتوقع، كأن تتبعه كرة إلى رأسه من أرضية الملعب.
في المنطقة هناك شاب متعلق بالرياضة جدًا، ويشجع بايرن ميونيخ بإفراط، بدأ يتعرف على اللاعبين من خلال الراديو، وتفاجأ من شكل ريبيري حين رآه في التلفاز لأول مرة، يحفظ أسماء اللاعبين بطريقة مذهلة كما لو أنها أسماء غنمه، وخلال هذا الموسم بدأ يتحمس لمباريات ليفربول حبًا بمحمد صلاح، هذا الشاب يمثل حالة اليمني الباحث عن من يقدر آماله ويرعاها، حين يحف الضياع آماله من كل حدب، اتجه صوب بطولات لا يعرف شكلها، ذات يوم اتهمه أحد الأشخاص بأنه بلا مبدأ لأن جمع في قلبه بين ناديين "ليفربول، وبايرن ميونيخ"، لكنه رد وبنبرة جادة: هذا محمد صلاح يابني، أسطورة العرب والمسلمين، كيف مشاشجعوش".
لم يكن يعرف بأنه يساق إلى نقطة حك الرأس، لقد تساقط شعره وتبقع بالصلع كما لو أنه أرضية ملعب الشهداء نسى العاملون من ري العشب فتصحر، قبل العشب الصناعي طبعًا.
إلتقى الليفر بالبايرن، وحك صاحبي رأسه.. كان يريد الفوز للبايرن ولمحمد صلاح أن يسجل، وكان من اتهمه أنه بلا مبدأ، يستفسره: هيا ماهوه يا أسطورة العرب والمسلمين.
لقد فاز الليفر بأرض الألمان، خرج البايرن من البطولة ومعه خرج الشاب من البلاد صوب المدينة.
أنا لا أضحك منه ولا عليه، لأني أعيش بذات الموقف بعد أن ضرب ليفربول موعدًا للقاء برشلونة في نصف نهائي دوري الأبطال..
مبررات التشجيع الرياضي تشبه تحليلات المقوت للوضع السياسي، حتى اللحظة أختلق مبررات لتشجيع ميسي أمام صلاح، وواحدة من المبررات الثقيلة هي استدعاء ماضي المرأة الحديدية "تاتشر" وحرب الفوكلاند، الجزر الأرجنتينية التي احتلتها الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس، عدن اليمنية كان محتلة أيضًا من الانجليز أنفسهم، وإذن نحن وميسي في خندق واحد..
لقد مضى وقتًا على انتصار المرأة الحديدية في الفوكلاند، غير أن أجندات الإمبريالية تعود بشكل غير عسكري، وهذا الشكل التبريري يقودنا للتصفيق إلى ميسي، الطفل الذي كان مريضًا ويعاني "من نقص في هرمونات النمو لعدم إفراز جسمه لكمية كافية من السوماتروفين"، الفتى الذي لم يكن يستطيع الوقوف على قدميه، سيغزو القارة العجوز بعد أن يعالجه البرشا، وبتلك الأقدام يلقن درسًا للإمبريالية الجديدة..
لا تأخذوا المبررات على محمل الجد، لو فعلتم ذلك وخاصة اليمنيين، فلن نجد ما ندافع عنه حين نتهم بالاصطفاف إلى جوار مثيري النعرات الانفصالية في كاتلونيا، ثم بالتالي تشجيع أبو اليمامة كرأس حربة في فريق عيدروس.
الأمر ليس كذلك، برشلونة بعرقيات متعددة وخصائص ديموغرافية مختلفة "لغة، دين، جغرافيا"، أما نحن فلسنا كذلك..
أشعر بأن حماري بلغ القنطرة.. أريد للبرشا أن يفوز ولصلاح أن يسجل.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس