قبل أسابيع أفرطنا في الخيال، ومع أن مؤشر ما كتبته كان يفضي أن لا شيء سيحدث، ولكن وللأمانة، كانت تراودني فكرة نجاح السيناريو العسكري على المعركة بموازاة معركة حجور.
تصنعت الحذق بما كتبت وأظهرته، وبما اعتقدت وأخفيته، وكنت أقول: إذ لم تتحرك الجبهات فقد قلت ولست بحاجة للتباهي بنباهتي، وإن تحركت مرة واحدة وتحقق النصر المبين فسأقول: أنا موقُلكوا لكم!.
في الغالب لم أعد أعود لما أكتب وأراجعه؛ خوفًا من الحذف، ولأن ضغط الحياة وروتينها لا يسمحان بذلك، علاوة على انعدام الكهرباء والاعتماد على البطارية لشحن اللابتوب.
هذه المرة عدت لإعادة قراءة المقال "سيناريو عسكري متخيل"، والذي كانت خلاصته، هي تحرك الجبهات مرة واحدة، ولقد اكتشفت رطانة بعض الفقرات، ولأن خذلان حجور هو من قلب موازين المعركة لصالح المليشيا، فقد فرض علينا الواقع شجاعة السخرية من أنفسنا.
ذهبت رغبة الظهور بمثالية أمام الآخر، وسيحل محلها إهمال اليمني لنفسه، سيغيب التنافس في مجالات الحياة! هذه هي العبارات التي سيدفعها الكاتب عند دخوله في عالم ليس له وقد تقمص فرويد باحثًا عن مكنونات اليمني والتأثير النفساني التي ستجلبها الحرب على الناس.
الاستمرار في صناعة مقاربات كهذه، ستوصلنا إلى كارثة، لن تكون هناك ديناميكية تستفيد منها البلد، كلنا متساوون في وضع نفسي واحد، لا أحد يريد أن يتميز بمجاله، أما المليشيا فقد انتصرت بالمعركة الفاصلة بينهم وبين اليمنيين، معركة التنافس بين الهوية والعته، وهكذا سيؤثر الجانب النفسي على الجانب الاجتماعي مستقبلًا وإن لفترة متوسطة، هكذا ستنعكس تحليلات فرويد على افتراضات بن خلدون.
كان مجرد حشر فرويد في فقرة ما، يشعرك بالزهو وضخامة ما تكتب، خاصة إذا ما عُزِّزِت فكرتك بحالة من عوالم ديستوفيسكي.
حسنًا يفعل الكُتَّاب بتعزيز الفكرة، لكن حجور تُركت وحيدة بلا تعزيز، مقابل تعزيز ثقيل من المليشيا.
الشرعية لم تعزز أدواتها، حجور تترك لآلامها وللقهر من الخذل، والكاتب يسخر من تعزيز فكرته.
سيسخر اليمني من أي تهويمة أو خطرة تدور في خلده إن استمر هذا الأداء. سنصاب بحالة فصام، وننكر ما كنا نردده ونكتبه ونؤمله.
لقد جعلتنا حجور ننظر أن الشرعية التي ندافع عنها، شرعية لا يعول عليها، حتى وإن كانت مرتهنة لأوامر التحالف وأجنداته المتضاربة، وليس هذا بجديد.
الجديد هو ما يفترض أن يكون واقعًا، وقد تخيلت أنه سيحدث متزعمًا بأنه سيناريو متخيل، جعلني أضحك من نفسي.
في الغالب، لم أعد أعود لقراءة ما كتبت ومراجعته، ولا لقراءة المقالات بهذه الفترة، هذه المرة عدت لقراءة
"سيناريو عسكري متخيل":
«تجربة حجور تلهب أفئدة المتابعين، تهيج حماسهم.
تتحرك الجبهات مرة واحدة، في وقت واحد. يصل الدواء إلى الجرحى الأبطال.
أكثبة الصحراء تتطاير من جهة مأرب، الجيش هناك يتقدم لإكمال تحرير صرواح.
في الجبال المتاخمة للعاصمة صنعاء، تنطلق الألوية المرابطة في نهم، هاشم الأحمر يشق الطريق ليتقدم الصفوف. في البحر وبموازاة الشاطئ يصعد يحيى صالح بعمالقته إلى الزوارق، ويؤمن عمال الميناء وهم يشحنون البواخر ويفرغونها.
ولتلطيف السيناريو المتخيل، يمكن أن يتحرك الفندم غزوان من جهة الأربعين في تعز».
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس