في كل مرحلة تطل علينا وجوه جديدة، كما تبرز قيادات غريبة وتختفي أخرى. ولم تشهد البلاد زحامًا في الوجوه مثل هذه الفترة، فترة الحرب.
كل من يملك رأيًا بالشأن اليمني، يرى أن وجهه جدير بالنظر إليه، أن رأيه ممغنط يجب أن يجذب الدبابيس.
من أين جاء هذا الجديد المسمى هاني مسهور؟ شخصيًا لا أعرفه ولم أقرأ له من قبل ولا من بعد، والمعذرة إن كان معروفًا وصاحب شهرة، من لا يعرفك يجهلك كما يقولون. لا نختلف معه أبدًا ولا على مناصرته لمظلوميات تخص اليمنيين.
في تويتر تتفاجأ من بعض الشخصيات الموثقة حساباتهم بإشارة صح الزرقاء، تتفاجأ حين تجدهم يُعرِّفون بأنفسهم كعمال في وسائل إعلامية خليجية ويضعون في خانة التعريف أيضًا أنهم جنود للجنوب العربي كما أنهم معجبون بتجربة المظلومية أكثر من المظلومين أنفسهم.
لا أتحدث عن هاني مسهور بالطبع، ولا عن تلك الفتاة أسيلة الخد ذات الشعر الأشقر المنسدل والشفتين اللامعتين بلون المستطيل الأول في العلم الجمهوري؛ لقد كانت مدخلًا للاستنتاج المفاجئ لبعض الإعلاميين الذين لم يسبق لهم أن زاروا محافظة عدن، وجل معرفتهم الجغرافية باليمن مستخلصة من قراءتهم لنشرات الأخبار.
من حق أي إنسان تبني أي مظلومية ومناصرة أي مظلوم في العالم، لكن بعض أولئك الجالسين على الكراسي الدوارة يدورون وتدور مواقفهم تحت تأثير توجهات السلطة أو الأنظمة التي تستضيف مقار الوسائل التي يعملون بها. إنهم فقط يناضلون في جبهات الحصول على أقمشة الموضة والتجمل بأحدث قصات الشعر ومن ثم يريدون أن نتصورهم كتوماس بين ومحاكين لتشي جيفارا!. فهمهم للنضال ينقصه الاطلاع على التجارب بكل وضوح.
نصرة مظلوم في مكان ما في العالم هو المقدمة لانصهار الحدود بين الدول وتوحد المشاعر بين أناس يختلفون حتى في الخصائص الديموغرافية مثل الدين واللغة، فضلًا عن اختلاف الآراء والمواقف، هذا النوع من النصرة معناه الوحدة الإنسانية، أما "الناصرون للمظلوم اليمني" فيتبنون رؤية انشطار اليمن بلا مبالاة ـ نتحدث عن النصرة الانتقائية المتأثرة بسياسة دولة ونكاية لأطراف!.
الحديث بمجمله، لا يخص هاني مسهور، ولا تلك الفتاة، فهاني يبدو يمنيًا في تلفته مثل الكثيرين، الحديث هنا عن بعض الصحفيين والسياسيين وهواة التغريد، الذين لا يعرفون شيئًا عن اليمن، الإخوة العرب أو الأجانب، الذين رأوا الساحة خالية من فصائل نصرة المظلوم فشكلوا فصيلًا بلا اسم، هؤلاء لا يعرفون أن ساحة الحراك مزدحمة بالفصائل والقيادات حتى المهتم بها لا يعرفون كم هي ولا إلى أي تيار تنتمي..
لقد ألغى تيار "شلال والزبيدي وبن بريك" تاريخ المناضلين والفصائل الأولى التي تحركت ضد ظلم علي صالح، وجاءت هذه الوجوه برؤية تتغير مثل الحرباء حين تنتقل من الشجرة الخضراء إلى الطريق الترابي، المظلومية لم تعد منشطرة قد ساوت الحرب بين الشمال والجنوب، والدعي، صاحب صعدة، الذي كان يتاجر بمظلوميته تحول إلى ظالم من العيار الثقيل.
النصرة الانتقائية تحت الظهور للوجوه الجديدة، كانت نكاية بحزب، وكانت مطمعًا، لكنها من حيث عرفوا أم لم يعرفوا، كانت نكاية باليمنيين ودعمًا لطغيان المليشيا الباطشة.
الآن على بوصلة النصرة الانشطارية، لدى إخوتنا العرب أن تتغير بعد لقاء بن زايد بوجوه الإصلاح القديمة.. أعجبكم أن تظهروا للناس هكذا.
من الأفضل، إذا لم تدعموا الألفة بين اليمنيين، أن تصمتوا ولا تتبنوا موقفًا لزرع الكراهية، ومن الأفضل لأولئك الذين يكرهون بلادهم ويستدعون كراهة الغرباء للنيل منها أن يتمثلوا قول بوشكين: بالطبع، أنا أحتقر بلدي من الرأس إلى أخمص القدمين، لكني لا أسمح لأي غريب أن يبادلني هذا الشعور..
بالبلدي: مودخلهم..
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس