نعيش تأثيرات المرحلة الانتقالية للطقس..
رياح الشتاء بدأت بالهبوب، ونوبات الصقيع تأتي وتذهب دون اعتبارات لرادارات الأرصاد الجوية وتكهنات الفلكيين الشعبيين وأصداء لحفلة عقد قران في القرية المجاورة.
ما الذي نفعله لمواجهة الزكام ووجع الصدر وهذا الخمول، لنشارك الناس أفراحهم؟ ما الذي نستخدمه لمواجهة الشتاء الغريب؟
هذه الهواجس تراود ذهن الإنسان، عندما يكون في فسحة خالية من الآلام، أما وقد جاء الخبر القاتل، فلتتحول الفرحة إلى مأتم، لتمسح النساء المساحيق عن وجوههن ويغسلن الماكياج بالدموع، وتتحول الزغاريد العالية إلى نواح عارم.
كانت، ومازالت، التصريحات الدولية تترى، والبيانات تتوالى، قبل أن يجتاح الخبر القاتل عزلتنا.
الولايات المتحدة الأمريكية تدعو لوقف إطلاق النار في اليمن. بومبيو يقدم الاقتراحات: نزع السلاح على الحدود، منطقة عازلة، وحكم ذاتي للمليشيا، ومن هناك يجيء صدى لافروف بدعوته لتطوير الحوار الوطني في اليمن. فرنسا، بريطانيا, ودول أخرى يضغطان على السعودية لإيقاف الحرب.
رئيس تحرير موقع إيلاف، الجريدة التي تمثل الوجهة الليبرالية في السعودية، عثمان العمير يبشر: «يُعتقد أن أخبارًا سارة آتية لحل المشكل اليمني، يرتكز على: وقف إطلاق النار، منطقة عازلة، قوات دولية».
كلٌ يُدلي باقتراحاته، كضغط على السعودية ليس إلا، لتسجيل موقف أخلاقي عقب جريمة اغتيال جمال خاشقجي، أين كان هؤلاء قبل الجريمة، قبل مجيء الشتاء؟
يذكرون حرب التحالف الذي يقوده السعودية والإمارات، لكنهم يتناسون التناحر الداخلي في اليمن. الحرب التي يشنها الحوثيون على اليمنيين.
القيادي في المليشيا، محمد علي الحوثي، يركب موجة المواقف الدولية، ويغرد بحمق منقطع النظير: «تم التواصل معنا من قبل بعض المعارضين لنظام الحكم في السعودية راغبين في الوصول إلى اليمن. نقول لهم ولكل من يرغب من السعوديين: أهلًا وسهلًا بكم». ضاقت الأرض بالسعوديين ولم يجدوا غير الحوثي ليستضيفهم، ياللكذبة السخيفة!.
ظاهريًا، موقف المليشيا يلمح إلى سلام ممكن. وبدمج كل المواقف والبيانات تتاح لنا رؤية سراب السلام.
مقدمة الرؤية يمكن بلورتها على الواقع من خلال هدوء على الجبهات، صمت المدافع وتأجيل توجيه الصواريخ. لقد اعتقدنا ذلك في القرية، لنذهب مبتهجين لحفلة عقد القران.
كان "تحالف رصد" يعلن توثيقه 1034 ضحية، فقط أصيبوا بانفجارات الألغام التي زرعتها المليشيا. كانت تعز، والتي تبعد كثيرًا عن "المركز الذاتي للمليشيا" في المركز الأول من حيث عدد الضحايا، لكن لا مشكلة، يمكن وضع الأطراف المبتورة وأجساد الضحايا ضمن بنود السلام.
لنحتفل فقط..
على وقع دعوات السلام، والبيانات المنادية لوقف الحرب، والترحاب المسيس، وفرحة الحوثيين بالضغط الدولي وتماهيهم المفترض مع المواقف الدولية، حدث ما يلي: تحويل الحفلة إلى مأتم، لتستقر في أعماق اليمنيين العطاشى للطمأنينة، قناعة أن: لا سلام يأتي في الشتاء.
شباب من المنطقة، بعضهم تخرج من الثانوية هذه السنة، كان يخططون للذهاب إلى الجامعة، يفتقرون للمال ولا يريدون تحميل آبائهم ما لا يستطيعون، كان لا بد من إيجاد فكرة توائم بين الدراسة والتكاليف. ذهبوا إلى التجنيد، سيدافعون عن المدينة ويستلمون رواتبهم ويذهبون للجامعة. للأسف، الخميس الفائت، قذيفة حوثية أخذت ثمانية منهم، من بينهم أقرباء لأهل الشاب والشابة الذين كانوا على وشك الاحتفال بعقد القران.
شتاء عارم في وجهات مختلفة.
اقراء أيضاً
شقة "لوكس"
القصة التلفزيونية في اليمن
والذين لا يسألون الناس