قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، الإثنين، إن اليمن يمر بمنعطف حرج وأن أي اتفاق يجب أن يكون بمثابة تمهيد لاتفاق سياسي شامل.
وأكد غروندبرغ خلال إحاطة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، أن الفرصة المتاحة حالياً لإحراز تقدم لم يشهدها اليمن منذ ثماني سنوات، إلا أن ذلك "قد يتغير إن لم تتخذ الأطراف خطوات أكثر جرأة نحو السلام".
وأضاف، إنه على الرغم من عدم تجديد الهدنة إلا أن الأطراف ما زالت ملتزمة ومنخرطة في الخطوات التالية، مشيرا إلى ثمارها المتعلقة بإطلاق سراح 900 من المعتقلين من جميع الأطراف.
وأكد الاتفاق على الاجتماع مجددا الشهر القادم بين الحوثيين والحكومة تحت رعاية الأمم المتحدة في "محاولة لإحراز تقدم والوفاء بالتزاماتها كجزء من اتفاقية استوكهولم للإفراج عن جميع المعتقلين".
كما أكد أن الطرفين "اتفقا على القيام بزيارات مشتركة لمراكز الاحتجاز التابعة لبعضهما بعضا، بما في ذلك في مأرب وصنعاء"، وتحدث عن استمرار" تنفيذ العديد من جوانب الهدنة على الرغم من عدم التجديد لها".
وأوضح أن التقدم المحرز ما زال غير كاف حيث "ما زال اليمنيون يعيشون معاناة لا يمكن تصورها كل يوم.. التطورات الأخيرة تذكر بأن التصعيد يمكن أن يعكس بسرعة المكاسب التي تحققت بشق الأنفس".
وعبر غروندبرغ، عن قلقه "بشأن العمليات العسكرية الأخيرة في مأرب وشبوة وتعز والمحافظات الأخرى، ودعا الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الاستفزازية.
وقال أنه وعلى الرغم من الإنجاز الذي حققته الهدنة إلا أنه "كان من المفترض أن تكون تدبيرًا مؤقتًا لإفساح المجال للمحادثات السياسية لإنهاء الحرب بشكل مستدام؛ لذلك لا يمكننا الاعتماد عليها لتحقيق مستقبل سلمي لليمن".
وأضاف، إنه يواصل مشاوراته مع الأطراف لتحديد الخطوات التالية نحو وقف دائم لإطلاق النار وإعادة تنشيط العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأشار إلى انخراطه أيضاً في إجراءات "يمكن أن تخفف من الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد"، وعقده لقاءات مع ممثلين عن الأطراف اليمنية، ومع مسؤولين إقليميين ودوليين، وزيارته للسعودية، وعُمان، وبروكسل، وجنيف.
ورحب المبعوث الأممي، بالنقاشات الجارية بين السعودية وجماعة الحوثي، مشددا في الوقت ذاته على أنه "يعمل عن كثب مع أصحاب المصلحة الإقليميين واليمنيين لضمان أن تغذي هذه القنوات جهود الأمم المتحدة للتوسط لإنهاء الصراع".
وشدد على أن أي اتفاق جديد في اليمن يجب أن "يكون خطوة واضحة نحو عملية سياسية يقودها اليمنيون. يجب أن يتضمن التزامًا قويًا من الأطراف للالتقاء والتفاوض بحسن نية بعضهم مع بعض. تحتاج العملية السياسية إلى حكم خاضع للمساءلة، ومواطنة متساوية، وعدالة اجتماعية واقتصادية".
وشدد غروندبرغ ايضا على ضرورة أن "تمتنع الأطراف عن استخدام التدابير الاقتصادية كأدوات في حربها، وأن تخلق الظروف للسماح للأفراد والشركات بالعمل دون عوائق".
كما شدد على ضرورة رؤية قدر أكبر من حرية الحركة للأفراد والبضائع في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك الجهود المتجددة لفتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى، والفتح الكامل لمطار صنعاء، واستمرار دخول السلع التجارية بسلاسة ودون تأخير، ونريد أن نرى رواتب القطاع العام تُدفع على الصعيد الوطني".
إحاطة المبعوث الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن:
شكرًا سيدي الرئيس،
السيد الرئيس، بعد مرور عام على اتفاق الأطراف على هدنة تحت رعاية الأمم المتحدة، يمر اليمن مرة أخرى بمنعطف حرج. استمرت الهدنة حتى بعد انتهاء صلاحيتها قبل ستة أشهر، وتناقش الأطراف الخطوات القادمة.. أعتقد أننا لم نشهد مثل هذه الفرصة الجادة لإحراز التقدم من أجل إنهاء النزاع خلال ثماني سنوات. لكن لا يزال من الممكن أن يتحول المسار ما لم تتخذ الأطراف خطوات أكثر جرأة نحو السلام.
أظهرت الأطراف مؤخرًا أن المفاوضات بإمكانها تحقيق النتائج. ففي مارس/آذار، اتفقت الأطراف في سويسرا تحت رعاية الأمم المتحدة على إطلاق سراح ما يقرب من 900 محتجز على صلة بالنزاع من جميع الأطراف. كما اتفقا على الاجتماع مرة أخرى في مايو/أيار لإحراز مزيد من التقدم في التزامهما كجزء من اتفاقية ستوكهولم للإفراج عن جميع المحتجزين على خلفية النزاع. واتفقا على القيام بزيارات مشتركة لمراكز الاحتجاز التابعة لبعضهما البعض، بما في ذلك في مأرب وصنعاء.
نُفِّذت عمليات الإفراج في الفترة ما بين 14 و16 أبريل/نيسان، ولَمَّت شمل مئات العائلات اليمنية بذويهم في الوقت المناسب للاحتفال بالعيد معًا. وقد جدد هذا آمال العديد من اليمنيين في إمكانية إطلاق سراح أقاربهم قريبًا. إن المشاهد المؤثرة للمفرج عنهم في الأيام الأخيرة دليل على قوة المفاوضات السلمية.
أشيد بما أبدته الأطراف من تعاون لتحقيق هذه النتيجة، لكنني أذكرهم أيضًا بمعاناة العديد من اليمنيين الذين ما زالوا ينتظرون عودة أحبائهم. وأحثهم على إحراز تقدم سريع نحو الوفاء بالتزاماتهم بالإفراج عن جميع المحتجزين لأسباب تتعلق بالنزاع.
كما أشيد بالدور المهم الذي يلعبه المجتمع المدني اليمني في الدفع من أجل إطلاق سراح المحتجزين. أشكر الحكومتين السويسرية والأردنية على دعمهما لمكتبي في هذا الملف، وللجنة الدولية للصليب الأحمر دورها في تنفيذ عملية الإفراج. كما أشكر نائبي، السيد معين شريم، والفريق الذي يعمل على هذا الملف، لتفانيهم وإصرارهم.
من العلامات المشجعة الأخرى، سيدي الرئيس، أن تنفيذ العديد من جوانب الهدنة لا يزال مستمرًا بعد انقضاء مدتها. يشهد اليمن أطول فترة هدوء نسبي حتى الآن في هذه الحرب المدمرة. يستمر تدفق الوقود والسفن التجارية الأخرى إلى الحديدة. وتستمر الرحلات التجارية بين مطار صنعاء الدولي وعمان.
إلا أن تلك الإنجازات ليست كافية. فلا يزال اليمنيون واليمنيات يعيشون معاناة لا يمكن تصورها كل يوم. والتطورات الأخيرة تذكير بأن التصعيد يمكن أن يعكس بسرعة المكاسب التي تحققت بشِق الأنفس.
أشعر بالقلق بشأن العمليات العسكرية الأخيرة في مأرب وشبوة وتعز وغيرها من المحافظات. لقد رأينا في الماضي كيف امتد أثر التصعيد، في مأرب على وجه الخصوص، إلى خطوط المواجهة في أماكن أخرى. وأدعو الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الاستفزازية ومواصلة التعامل مع مكتبي لضمان استمرار حالة خفض التصعيد. سيدي الرئيس، كانت الغاية من الهدنة أن تكون تدبيرًا مؤقتًا لإفساح المجال للمحادثات السياسية لإنهاء الحرب بشكل مستدام. إلا أنه لا يمكن أبدًا الاعتماد عليها لتحقيق مستقبل سلمي لليمن. وبناءً عليه، واصلت عملي مع الأطراف لتحديد الخطوات التالية نحو وقف دائم لإطلاق النار وإعادة تفعيل العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. كما تناقشت معهم بشأن إجراءات لتخفيف حدة الوضع الاقتصادي والإنساني في البلاد. في الأسابيع الأخيرة، التقيت بممثلي الأطراف اليمنية وبمسؤولين إقليميين، وزرت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وكذلك بروكسل وجنيف.
وتستمر المناقشات بين أصحاب المصلحة اليمنيين والإقليميين. بناءً على إنجازات الهدنة، زار ممثلين عن المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان صنعاء مؤخرًا حيث انخرطوا في حوار بناء. كما أجرى ممثلو المملكة العربية السعودية مناقشات مثمرة مع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في الرياض. إنني أعمل عن كثب مع أصحاب المصلحة الإقليميين واليمنيين لضمان أن تدعم هذه القنوات جهود الأمم المتحدة للتوسط من أجل إنهاء النزاع.
كما أرحب بالبيان الذي أدلى به وزيرا خارجية المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، في اجتماع وزاري عقد في بكين، بشأن التعهد بتعزيز تعاونهما في الأمور التي من شأنها دعم الأمن والاستقرار في المنطقة. وجود بيئة إقليمية داعمة يعزز من جهود السلام في اليمن.
السيد الرئيس، أي اتفاق جديد في اليمن يجب أن يكون خطوة واضحة نحو عملية سياسية بقيادة يمنية. يجب أن يتضمن التزامًا قويًا من الأطراف للالتقاء والتفاوض بحسن نية مع بعضهم البعض. يجب أن تتجه العملية السياسية نحو المستقبل الذي تريده الكثير من اليمنيات واليمنيين بحسب ما أخبرونا، وهو مستقبل يسوده الحكم الخاضع للمساءلة، والمواطنة المتساوية، والعدالة الاجتماعية، والاقتصادية.
نحن بحاجة لرؤية وقف لإطلاق النار بقيادة يمنية ينهي العنف بشكل مستدام، ويضمن سلامة وأمن اليمنيين، ويبني الثقة من أجل عملية سياسية. نحن بحاجة إلى أن تمتنع الأطراف عن استخدام التدابير الاقتصادية كأدوات عدائية، وأن تخلق الأطراف الظروف التي تسمح للأفراد والشركات بالعمل دون عوائق. نحن بحاجة لرؤية قدر أكبر من حرية حركة الأشخاص والبضائع في جميع أنحاء اليمن، بما يشمل الجهود المتجددة لفتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات. نحتاج أن نرى فتح كامل لمطار صنعاء برحلات إلى جهات أكثر، ونريد أن نرى السلع التجارية تواصل دخول اليمن بسلاسة ودون تأخير، ونحتاج لرؤية دفع مرتبات موظفي القطاع العام على مستوى البلاد.
أعتقد، سيدي الرئيس، أن كل هذا ليس ضروريًا فحسب، بل يمكن تحقيقه أيضًا. لليمن تاريخ غني من التسويات والتفاوض والحوار.
يواصل مكتبي العمل على مسارات متعددة للبناء على مكاسب الهدنة والبناء نحو عملية تجمع اليمنيين للاتفاق على كيفية إنهاء النزاع بشكل مستدام. إن المسارات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بحاجة إلى تعزيز بعضها البعض. ونحن بحاجة لمعالجة كل من التدابير قصيرة الأجل وطويلة الأجل.
كجزء من المسار العسكري والأمني، يواصل مكتبي العمل مع ممثلي الأطراف في لجنة التنسيق العسكرية التي تم تشكيلها خلال فترة الهدنة. ونحن مستعدون لاستئناف عقد هذه اللجنة لدعم أي اتفاق جديد بشأن المضي قدمًا. نعمل أيضًا مع المجتمع المدني اليمني والجهات الأمنية والخبراء للتحضير لوقف إطلاق نار قابل للتنفيذ ومستدام، وللدفع من أجل منهج أمني جامع وخاضع للمساءلة على الصعيدين الوطني والمحلي.
على المسار الاقتصادي، نواصل العمل مع الأطراف وممثليهم الفنيين، وكذلك منظمات المجتمع المدني والخبراء والباحثين والقطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية بهدف توفير مساحة يمكن للأطراف من خلالها حل الخلافات وتحديد الحلول بشكل تشاركي للتحديات الاقتصادية الملحة، بدعم من الخبراء الفنيين اليمنيين والشركاء الدوليين والإقليميين.
كل هذا يحتاج إلى أن يكون مرتبطًا بالعمل نحو عملية سياسية جامعة بين اليمنيين، لأن اليمنيين فقط هم من يمكنهم مناقشة ترتيبات الحكم السياسي والاقتصادي والأمني المستقبلية في اليمن واتخاذ قرار بشأنها في نهاية المطاف. بالإضافة إلى نقاشاتي مع الأطراف والجهات الفاعلة الإقليمية، أستمر في التشاور مع النساء والشباب والمجتمع المدني في اليمن. دائمًا ما أذهلني خلال هذه التفاعلات قدرة النسيج الاجتماعي على الصمود وهو أهم مورد وطني للبلاد، ويجب علينا الاستفادة منه من أجل السلام. أجرى مكتبي مؤخرًا مشاورات مع يمنيين مختلفين حول تعزيز مشاركة النساء والفئات المهمشة في عملية السلام حيث يجب أن يكون لهم رأي في مستقبل بلدهم.
السيد الرئيس، يجب ألّا نتوهم، فهناك الكثير من العمل الشاق الذي يتعين القيام به من أجل بناء الثقة والوصول إلى التسويات. يحتاج اليمنيون إلى الاجتماع تحت رعاية الأمم المتحدة للاتفاق على كيفية إنهاء هذه الحرب الطويلة والمروعة. هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به للتعافي وإعادة البناء والوصول إلى سلام مستدام وعادل ومنصف.
جهود الوساطة سوف تتكيف وتتطور على الدوام. لكن على الأطراف ألّا تسمح لهذه اللحظة بالمرور دون التوصل إلى اتفاق. كما هو الحال دومًا، أظل ممتنًا للدعم الذي تلقيته من هذا المجلس. وأطلب من المجتمع الدولي مضاعفة دعمه لضمان عدم ضياع هذه الفرصة الحساسة والنادرة.
شكرًا، السيد الرئيس.
أخبار ذات صلة
الإثنين, 17 أبريل, 2023
المجلس الرئاسي يطلع من الفريق السعودي للتواصل على نتائج زيارته إلى صنعاء
الإثنين, 17 أبريل, 2023
"خطوة إيجابية لبناء الثقة".. الجامعة العربية تُرحب بعملية تبادل الأسرى والمختطفين في اليمن