أعلن العقيد آسيمي غويتا نفسه قائد للانقلاب العسكري الذي أطاح مساء الثلاثاء بالرئيس المالي أبو بكر كيتا، فيما قرر الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مالي في كافة أنشطته حتى استعادة النظام الدستوري، وطالب مجلس الأمن قادة الانقلاب بالإفراج الفوري عن المسؤولين الماليين، والعودة لثكناتهم دون تأخير.
وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن العقيد غويتا صرح اليوم، عقب اجتماع مع كبار الموظفين في وزارة الدفاع، بأنه رئيس اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، وهي اللجنة التي أنشائها العسكريون الانقلابيون أمس عقب سيطرتهم على السلطة.
وكان غويتا قد ظهر أمس ليلا ضمن مجموعة من الضباط، والذين أعلن أحدهم في خطاب تلفزيوني القيام بالانقلاب، وتعهد الكولونيل إسماعيل واغي مساعد رئيس أركان سلاح الجو بعودة الحكم المدني عن طريق تنظيم انتخابات عامة في آجال معقولة، غير أن العقيد غويتا لم يتحدث حينها.
وبرر الكولونيل واغي تنفيذ الانقلاب على السلطة بالقول "قررنا تحمل مسؤولياتنا أمام الشعب وأمام التاريخ".
وأضاف واغي "بلادنا تغرق يوما بعد يوم في الفوضى وعدم الاستقرار بسبب الرجال المكلفين بمصيرها".
ودعا الناطق باسم العسكريين المجتمع المدني والقوى السياسية في البلاد إلى "تهيئة أفضل الظروف من أجل انتقال سياسي مدني يفضي إلى انتخابات عامة ذات مصداقية"، وأعلن الانقلابيون إغلاق الحدود وفرض حظر تجول، وطمأنوا المجتمع الدولي بشأن عدم طمعهم في الاستيلاء على السلطة.
دعوة للمواطنين
واعتقل الانقلابيون أمس رئيس البلاد، ورئيس الوزراء بوبو سيسي، وكبار المسؤولين الحكوميين، وبعد ساعات قليلة أعلن الرئيس كيتا في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون الرسمي صباح اليوم استقالته من رئاسة البلاد وحل البرلمان.
ودعا الناطق باسم العسكريين الكولونيل واغي الماليين إلى مزاولة أعمالهم بحرية، وحث الموظفين الحكوميين على العودة لعملهم اعتبارا من غد الخميس.
ولم يتطرق واغي إلى مصير الرئيس كيتا أو رئيس الوزراء سيسي اللذين لا يزالان معتقلين في معسكر كاتي الذي انطلق منه الانقلاب.
وأوردت وكالة رويترز أن قادة الانقلاب سيجتمعون مساء اليوم مع محمود ديكو، وهو رجل دين سلفي ألهب حماسة المحتجين خلال المظاهرات المناهضة للرئيس كيتا في الأسابيع الأخيرة، والتي اجتذبت عشرات الآلاف من الأشخاص.
وديكو شخصية سياسية نافذة في مالي، اعتبر دعمه حاسما في فوز كيتا في الانتخابات الرئاسية للعام 2013، قبل أن يتحول ديكو إلى معارض للرئيس.
وذكرت وكالة رويترز أن قادة الانقلاب نفوا صحة تقارير عن سقوط ضحايا أمس جراء الاضطرابات التي تلت الإعلان عن الانقلاب، غير أن منظمة العفو الدولية "أمنستي" (Amnesty) قالت إنها وثقت مقتل 4 ماليين وجرح 15 آخرين في إطلاق نار.
المواقف الدولية
ومباشرة عقب الإعلان عن الانقلاب سارع الاتحاد الأفريقي ودول العالم للتنديد به، والمطالبة بالعودة للوضع الدستوري والإفراج الفوري عن قادة البلاد، وتطور التنديد باستيلاء العسكريين على السلطة إلى قرارات، فقد قرر مجلس السلم والأمن الأفريقي التعليق الفوري لمشاركة مالي في أنشطة الاتحاد الأفريقي كافة حتى استعادة النظام الدستوري الطبيعي في البلاد، وفقا لبيان صادر عن المجلس.
وشدد المجلس في بيانه على الحاجة الملحة إلى حل سريع للأزمة "على أساس احترام النظام الدستوري، ويعكس تطلعات شعب مالي في إطار مواثيق الاتحاد الأفريقي".
وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" (ECOWAS) -التي تبذل جهود وساطة لحل الأزمة التي تشهدها مالي منذ يونيو/حزيران الماضي- قد أدانت مساء أمس الانقلاب، وعلقت عضوية البلاد في المنظمة، وأغلقت حدود الدول الأعضاء في المجموعة مع مالي.
وفي السياق نفسه، طالب مجلس الأمن الدولي اليوم عقب جلسة طارئة بشأن أزمة مالي قادة الانقلاب للإفراج الفوري عن كل المسؤولين، والعودة إلى ثكناتهم دون تأخير، واستعادة حكم القانون والعودة إلى المسار الدستوري.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن آخر ما تحتاجه مالي هو المزيد من عدم الاستقرار، مضيفا أن الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش أدان التمرد الذي وقع في العاصمة بماكو، ودعا إلى عودة سريعة إلى النظام الدستوري.
وأدان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ما سماه التمرد الذي حصل في مالي، وقال في تغريدة له على تويتر إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حلفائها، بما فيهم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في رفض هذه الأعمال.
بدورها، دعت فرنسا إلى إطلاق سراح الرئيس المالي وأعضاء الحكومة المحتجزين فورا، واستعادة السلطة المدنية دون تأجيل، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن باريس والاتحاد الأوروبي يقفان إلى جانب مجموعة الإيكواس لإيجاد حل لأزمة ماليا.
وقال مصدر عسكري فرنسي لوكالة رويترز إن الجيش الفرنسي عرض عدة خيارات على الرئيس ماكرون بشأن التعامل مع التطورات في مالي.
خلفيات الأحداث
يشار إلى أن مالي شهدت موجات متتالية من المظاهرات بقيادة حركة "5 يونيو" المعارضة وعدد من المستقلين منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في مارس/آذار الماضي، وفاز فيها حزب الرئيس كيتا ورفضتها المعارضة.
ويعبر معارضو كيتا عن استيائهم من مواقف نظامه إزاء قضايا كثيرة، على رأسها تدهور الوضع الأمني، وعجز حكومته عن وقف العنف في البلاد، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي، وفشل خدمات الدولة، وتفشي الفساد.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي يخرج عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع بماكو مطالبين كيتا بالاستقالة، بسبب ما يقولون إنها إخفاقاته في معالجة تدهور الوضع الأمني والفساد.
المصدر: وكالات
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 18 أغسطس, 2020
"انقلاب في مالي".. متمردون يقتادون الرئيس وكبار المسؤولين إلى قاعدة عسكرية