لم يخيّب بلال الخنوس أمل جدّه، فحمل اليافع، المولود في بلجيكا، ألوان بلد جذوره، المغرب، وشارك بعمر الثامنة عشرة في مباراة تحديد المركز الثالث في مونديال قطر 2022 في كرة القدم والتي خسرها "أسود الأطلس" أمام كرواتيا 2-1، السبت، على استاد خليفة الدولي.
قالت والدته قبل الفوز الرائع على إسبانيا في ثمن النهائي لموقع "سبورتسا" البلجيكي: "لعب ابننا مع المنتخب البلجيكي (للفئات العمرية). طلب منه جدّه اللعب مع بلد جذوره بحال امتلاكه الخيار، وهذا ما قام به. من الرائع أن يتم اختياره لخوض كأس العالم وهو بعمر الثامنة عشرة. نأمل أن يمنحه المدرب بضع دقائق".
وهذا ما حصل، فبعد ست مباريات حقق فيها المغرب إنجازاً تاريخياً وأصبح أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ نصف نهائي كأس العالم، دفع المدرب وليد الركراكي بأصغر لاعب في تشكيلته الأساسية التي أجرى عليها ثلاث تغييرات فقط مقارنة مع نصف نهائي خسره أمام فرنسا.
بدا الخنوس، المولود في 10 مايو 2004، مرتبكاً، فحفّزه قدوته قائد الفريق، حكيم زياش، ثم دخل في الأجواء تدريجاً وبدا مرتاحاً أكثر.
جاء مردوده الهجومي الأول في الدقيقة 32، عندما لعب تمريرة في العمق لسفيان بوفال أهدرها داخل المنطقة.
لكن الدقيقة 42 لم تبتسم له كثيراً عندما كانت النتيجة متعادلة 1-1، فبعد افتكاكه الكرة على مدخل منطقة الحارس ياسين بونو، خسرها لتصل إلى ميسلاف أورتشيتش الذي سجّل الهدف الثاني قبل الدخول إلى غرف الملابس.
يلعب الشاب طري العود ببرودة أعصاب يخرقها تسارع قوي بحال أخطأ في تمريرة، إلى أن استُبدل في الدقيقة 56 فخرج معانقاً الركراكي ومفسحاً المجال لعز الدين أوناحي.
وُلد الخنوس في الضواحي الشمالية للعاصمة البلجيكية، بروكسل، وهو أحد 14 لاعباً في تشكيلة المغرب مولودين خارج البلاد.
من أشبال نادي أندرلخت العريق، انتقل إلى غنك بعمر الخامسة عشرة "بعد عشر سنوات رائعة في أندرلخت حان الوقت لتحد جديد".
دافع عن منتخبات بلجيكا تحت 15 و16 و18 عاماً قبل أن يواجهها على مقاعد البدلاء في دور المجموعات ويشاهد رفاقه يساهمون في إقصائها 2-0 "سأكون متحمساً أمام بلجيكا ولكن ليس أكثر من المباريات الأخرى، ستكون فقط أكثر خصوصية قليلاً".
قال بعد الفوز على "الشياطين الحمر": "هذا رائع، قاتلنا حتى النهاية، سجلنا هدفين جميلين"، وعلّق على أسلوب فريقه "هذا أسلوبنا أن نترك الخصم يلعب ونستفيد من أخطائه".
وبعد تلك المباراة، جذب الأضواء بعدما ألبس النجم البلجيكي إدين هازار قميصه لأحد أطفاله الصغار الذي يشجع نادي غنك ومُعجب بالخنوس.
"ينقصه الحسم"
في يوليو 2020، وقّع على أول عقد احترافي، وفي موسم 2022-2023 خاض 15 مباراة في الدوري البلجيكي مع غنك ومرر كرة حاسمة.
وقال مدرّب غنك فاوتر فرانكن: "يضيف بلال الاستقرار إلى الفريق، لكني أعتقد أن بمقدوره أن يكون أكثر حسماً. لا يمكن العمل على ذلك سوى بخوض المباريات".
وذكر اللاعب المقدرة قيمته السوقية بـ4,5 ملايين يورو بحسب موقع "ترانسفرماركت"، أن مدرب بلجيكا المستقيل الإسباني، روبرتو مارتينيس، حاول استقدامه إلى مركز تدريب بلجيكا، لكنه رفض مفضلاً اللعب مع بلد جذوره "اختيار المغرب قرار نهائي بالنسبة لي، وأنا فخور جدًا بفعل ذلك من أجل أجدادي".
عاش تجربة رائعة مع المغرب خلال مشواره الخيالي في المونديال القطري "لا أصدّق أني أعيش هذه التجربة بعمر الثامنة عشرة، وأن أكون بين لاعبين مماثلين.. زيّاش يُعدّ قدوة لي، أشاهده مذ كنت طفلا يلعب مع أياكس أمستردام. وها أنا اليوم اجلس بجانبه في غرف الملابس. هذا رائع".
وقال والده وعيناه غارقتان في الدموع قبل مباراة إسبانيا: "هو سعيد جداً جداً، فوق الغيوم. هذه تجربة جميلة جداً لشاب بعمر الثامنة عشرة... لم نكن نتوقع استدعاءه إلى التشكيلة ابداً .. أصابتنا القشعريرة عندما استدعي.. تأثرنا كثيراً. كانت فرحة لا يمكن وصفها.. أنا فخور كثيراً به".
تختم والدته "عندما ننظر إلى ما قدّمه اللاعبون في فترة ثلاثة أشهر. هم أسود حقيقيون".
(فرانس برس)