لا صوت يعلو في المغرب والبلدان العربية فوق صوت المواجهة المصيرية والمرتقبة أمام البرتغال في الدور ربع النهائي لكأس العالم يوم السبت، إذ يأمل أشرف حكيمي ورفاقه مواصلة المغامرة والتأهل للدور نصف النهائي للمونديال للمرة الأولى في تاريخ المنتخبات العربية والأفريقية.
وأطاح "أسود الأطلس" بمنتخب إسبانيا من دور الستة عشر للمونديال بعد مباراة ملحمية استمرت 120 دقيقة وانتهت بالفوز بركلات الترجيح بثلاثة أهداف مقابل لا شيء.
وأصبح المغرب الفريق الوحيد من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية في دور الثمانية بمونديال قطر.
فهل يتمكن المغرب من كتابة التاريخ ومواصلة مفاجآته بعدما تصدر مجموعته وأطاح بالماتادور الإسباني الذي كان أحد أقوى المرشحين للفوز باللقب؟
وما هي نقاط القوة والضعف في منتخب المغرب قبل مباراته الصعبة أمام كريستيانو رونالدو ورفاقه؟
قوة الدفاع والالتزام الخططي
فاجأ منتخب المغرب كل عشاق كرة القدم بمستواه الرائع وتصدره للمجموعة السادسة التي ضمت اثنين من أبرز المرشحين للمنافسة على اللقب، كرواتيا وبلجيكا، اللذين احتلا المركز الثاني والثالث بالترتيب في نهائيات كأس العالم السابقة في روسيا 2018، ثم أطاح بمنتخب إسبانيا المتوج بلقب المونديال في جنوب أفريقيا 2010.
وتسببت خسارة المنتخب الإسباني أمام المغرب في إقالة المدير الفني لإسبانيا لويس إنريكي.
ولم تهتز شباك المنتخب المغربي سوى مرة واحدة فقط في أربع مباريات لعبها في المونديال، ويعد أقوى خط دفاع في البطولة حتى الآن.
وبالتالي، يعول المدير الفني لأسود الأطلس، وليد الركراكي، على صلابة خط دفاعه وتألق حارس مرماه المميز ياسين بونو، الذي لعب دورا حاسما في الفوز على إسبانيا بعد التصدي لركلتي جزاء.
ويقول الصحفي التونسي نزيه كرشاوي لبي بي سي: "الحلم أصبح حقيقة، ومن الممكن أن نرى منتخبا عربيا يرفع كأس العالم في حال فوز المغرب بالمباريات الثلاث القادمة. المغرب أثبت أنه قادر على مقارعة الكبار بعدما فاز على بلجيكا وإسبانيا، وبالتالي فالأمر ليس مستحيلا".
وأضاف: "أهم نقاط القوة في المنتخب المغربي هي اللعب الجماعي والالتزام التكتيكي، بالإضافة إلى التقارب الشديد بين خطوط الفريق الثلاثة. وعلاوة على ذلك، يتمتع المنتخب المغربي بفعالية كبيرة في خط الهجوم بقيادة النصيري وحكيم زياش".
وتابع: "أما النقطة السلبية لمنتخب المغرب فتتمثل في الإرهاق بعدما لعب 120 دقيقة أمام إسبانيا، واحتمال غياب أكثر من لاعب مهم بسبب الإصابة".
الإرهاق والإصابات
أصبح نجم خط وسط المنتخب المغربي سفيان أمرابط حديث الصحافة الرياضية وعشاق الساحرة المستديرة حول العالم بعد الأداء الاستثنائي الذي قدمه خلال مونديال قطر. وأشارت تقارير إلى اهتمام العديد من الأندية الكبرى بالحصول على خدماته، بما في ذلك ليفربول الإنجليزي.
لكن نجم فيورينتينا الإيطالي لعب مباراة إسبانيا لمدة 120 دقيقة وهو مصاب، وقال عقب نهاية المباراة في تصريحات نشرتها وسائل إعلام مغربية: "بقيت مستيقظا في اليوم السابق للمباراة حتى الساعة الثالثة فجرا من أجل القيام بالعلاج الطبيعي، كما تلقيت حقنة مسكنة قبل المباراة. لا يمكنني أن أتخلى عن بلدي".
وبالتالي، تحوم الشكوك حول مشاركته في التشكيلة الأساسية أمام البرتغال، ومن المؤكد أن غيابه سيكون ضربة موجعة لخط وسط أسود الأطلس.
كما شهدت مباراة إسبانيا إصابة الثلاثي الدفاعي سايس ومزراوي ونايف أكرد، وهناك شكوك حول مشاركتهم أيضا أمام البرتغال.
وقال الركراكي ردا على سؤال حول فرص اللاعبين الثلاثة في اللحاق بمباراة البرتغال: "لدينا شكوك دائما على غرار كل المباريات التي لعبناها حتى الآن، لكننا نتخذ القرار كل مرة في يوم المباراة".
وأضاف: "لدينا جهاز طبي رائع يبذل كل ما في وسعه من أجل علاج اللاعبين وتجهيزهم ليوم المباريات. مهمتهم صعبة وحساسة جدا في ظل ضيق الوقت، لكنهم نجحوا حتى الآن ولم نخسر أي لاعب".
وتابع: "إذا لم يتمكن أحد من اللعب فسيدخل مكانه لاعب آخر سيقوم بالعمل ذاته، إن لم يكن أفضل. ومثلما قلت للاعبين، لا يهم اللاعب الذي سيدخل، فالمهم هو أن يكون في قمة مستواه بنسبة 100 في المئة".
وفشل مزراوي، مدافع بايرن ميونيخ الألماني، في استكمال المباراة ضد إسبانيا وترك مكانه لمدافع الوداد البيضاوي يحيى عطية الله في الدقيقة 82، قبل أن يتعرض أكرد لإصابة في ركبته بعد دقيقتين ودخل مكانه مدافع بلد الوليد جواد الياميق.
أما سايس، مدافع بشيكتاش التركي، فأصيب في فخذه الأيسر في الدقائق الأخيرة من الوقت الأصلي وتمكن من مواصلة اللعب حتى النهاية.
الثلاثي الهجومي وحكيمي
وتضع جماهير المغرب آمالا عريضة على قدرة الثلاثي الهجومي حكيم زياش وسفيان بوفال ويوسف النصيري، بالإضافة إلى الظهير الأيمن أشرف حكيمي، على صنع الفارق أمام البرتغال، التي كانت أكثر منتخبات دور الثمانية استقبالا للأهداف، بخمسة أهداف خلال المباريات الأربع التي لعبتها في البطولة حتى الآن.
ويقول كرشاوي: "قوة البرتغال تكمن في خط الهجوم في ظل تعدد الخيارات الهجومية، والدليل على ذلك وجود لاعبين مثل رفائيل لياو وكريستيانو رونالدو وبرناردو سيلفا على دكة البدلاء. لكن البرتغال تعاني من مشاكل واضحة في خط الدفاع، إذ تقدم بيبي في العمر ويفتقد للسرعة، بل والمرونة التكتيكية في بعض الأحيان، وهو الأمر الذي يجب أن يستغله منتخب المغرب".
وتاريخيا، التقى منتخبا المغرب والبرتغال في مباراتين في كأس العالم. فاز المغرب في المباراة الأولى في مونديال 1986 بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، بينما فازت البرتغال بهدف دون رد ضمن منافسات المجموعة الثانية لكأس العالم بروسيا 2018.
ويسعى منتخب البرتغال للصعود للدور قبل النهائي للبطولة للمرة الثالثة في تاريخه، بعدما بلغ المربع الذهبي للمونديال عامي 1966 بإنجلترا، وحصل آنذاك على المركز الثالث، وفي مونديال 2006 في ألمانيا، عندما حصل على المركز الرابع.
وسيلتقي الفائز من مباراة المغرب والبرتغال مع الفائز من مباراة إنجلترا وفرنسا في الدور قبل النهائي يوم الأربعاء القادم على ملعب خليفة الدولي.
(بي بي سي)