تراجع نادي برشلونة الإسباني عن خوض مباراة ودية كانت مقررة الشهر المقبل مع فريق بيتار الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، بعد ضغوط فلسطينية على مدى الأيام الماضية.
وأعلن نادي بيتار إلغاء المباراة أمام برشلونة، بعد إصرار الأخير على عدم إقامتها في مدينة القدس المحتلة.
وكتب رئيس النادي موشيه هوغيغ، عبر صفحته في فيسبوك، الخميس: "بحزن شديد، اضطررت إلى إلغاء المباراة ضد برشلونة".
وأضاف: "بعد أن تسلمت العقد (الخاص بالمباراة) للتوقيع، والذي كشف عن مطالبة قاطعة (من برشلونة) بعدم إقامة المباراة في العاصمة القدس، وبعض المطالب الأخرى التي لم تعجبني، نمت بقلب مثقل وفكرت كثيراً، وقررت أنني أولاً وقبل كل شيء يهودي وإسرائيلي".
واعتبر الثري الإسرائيلي أن "مباراة ضد بيتار تستحق أن تُجرى في القدس، وإذا كان الدافع لعدم وجودها في القدس سياسياً فإنني لن أتسامح مع نفسي إذا ما خضعت".
وأضاف: "لست غاضباً من برشلونة، فهم ليسوا نادياً سياسياً، وليس لديهم مصلحة في المشاركة في صراعنا هنا، وستظل علاقتنا جيدة".
ويتهم الفلسطينيون نادي "بيتار القدس" بالعنصرية، وعادة ما يهتف أنصاره بـ"الموت للعرب" ويسبون النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وبالتعاون مع رابطة مشجعي فريق برشلونة في فلسطين، توجه النائب العربي بالكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، سامي أبو شحادة، قبل أسبوعين، إلى إدارة النادي الإسباني ورئيسه خوان لابورتا بطلب لإلغاء المباراة.
وقال مكتب شحادة في بيان، الخميس، إنه تم توجيه هذا الطلب "لما يمثله هذا الفريق من مظاهر عنصرية، وما يحمله جمهوره من أفكار عدائية تجاه كل ما هو عربي وفلسطيني في البلاد".
واعتبرت الرسالة أن "نادي برشلونة يحمل قيماً إنسانية ويرفع شعار "أكثر من مجرد ناد" لا يمكن أن يعطي شرعية لفريق "بيتار" العنصري وجمهوره".
كما تطرقت إلى أن المباراة ستقام في ملعب "تيدي"، وهو مقام على أراضي قرية "المالحة" الفلسطينية المهجرة.
وشددت على أن لاجئين من هذه القريّة يعيشون بعيداً عن الملعب ببضعة كيلومترات فقط، ويُمنعون من الوصول إليه، وليس فقط من العودة إلى قريتهم، وفقاً لقرار الأمم المتحدة.
وقال النائب أبو شحادة: "يسعدنا جداً أن نادي برشلونة وإدارته استجابت لمطلبنا ولمطلب جماهير النادي في البلاد".
وأردف: "ففريق بيتار القدس يجب أن يدفع ثمناً على عنصريته وهتافات جماهيره العنصرية التي تتمنى الموت للعرب، وتشتم الأنبياء عليهم السلام، وتدعو لحرق القرى والمدن العربية".
واستطرد: "أشكر كل من ساهم في هذا الإنجاز، وأخص بالذكر رابطة مشجعي برشلونة "عرب بلوغرانا"، الذين قاموا بعمل جبار لمنع قيام هذه المباراة، وعدم إعطاء شرعية للعنصرية والعنصريين".
وزاد: "أتمنى أن تكون هذه الخطوة سبباً لأن يقوم العنصريون بمراجعة جدية لما يقومون به، وأن يعرف أصحاب هذا الفكر والممارسات العدائية تجاه شعبنا أن هنالك ثمناً على ذلك، حتى ولو كانت الشرطة تعطيهم الأمان، ولكن العالم ينظر بازدراء لكل ما يمثله نادي بيتار وجمهوره العنصري".
انتقاد الاتحاد الفلسطيني
وكان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أعرب عن انتقاده لخطط إقامة المباراة، وذلك في خطاب أُرسل إلى الاتحاد الدولي للعبة (فيفا).
وبعث رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، جبريل الرجوب، رسائل إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر تشيفرين، ورئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان بن إبراهيم، حول مكان إقامة المباراة.
وقال الرجوب في رسالته: "لا بد أنكم تابعتم الأخبار حول قرار نادي برشلونة الإسباني بلعب مباراة ودّية أمام نادي بيتار، النادي الذي تمت معاقبته أكثر من مرة بسبب العنصرية والعنف من قبل مجموعة من مشجعيه المتطرفين، والمعروفين باسم (لا فاميليا)، وسياسة هذا النادي المتمثلة في الحفاظ على النادي (نقي إلى الأبد) من العرب والمسلمين".
وأضاف: "على الرغم أنه ليس من اختصاصنا، وليس من حقنا إخبار أي نادٍ بكيفية تنظيم مبارياته الودية، فإن لدينا الحق في الاعتراض على اختيار القدس كمكان لإقامة هذه المباراة المقترحة"، مؤكداً أن مدينة القدس وفقاً للشرعية الدولية تعد "مدينة مقسمة"، ويُعتبر شطرها الشرقي أرضاً فلسطينية مُحتلة، لافتاً إلى أن هذا الأمر يُعطي للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم سلطة قضائية على أية أنشطة كروية تقام في هذا الجزء.
انتهاك للحقوق الفلسطينية
وقدم الرجوب في الرسائل شكوى باسم الاتحاد الفلسطيني حول اختيار مكان إقامة المباراة والفعاليات المرافقة لها، بما في ذلك النشاطات المجدولة في البلدة القديمة في القدس المحتلة، (المكان الذي لا يزال فيه الوضع غير مستقر بسبب الأعمال الوحشية الإسرائيلية الأخيرة)، مؤكداً أن ذلك يشكل "انتهاكاً لحقوقنا، وهذا ما يخول للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مطالبة الفيفا والاتحادين الأوروبي والآسيوي بضمان احترام حقوقنا".
كما خاطب أيضاً رئيس نادي برشلونة خوان لابورتا، قائلاً: "كنت أتمنى أن أراسلكم بأخبار سعيدة، ولكن حقيقة أن نادي برشلونة -الذي يحظى بتشجيع ملايين الفلسطينيين- قرر للأسف أن يخيب آمال الملايين من محبيه باختيار لعب المباراة أمام نادي بيتار في القدس الشرقية، ليكون وقع ذلك ثقيلاً على قلبي وقلب الملايين الذين كبروا على احترام نادي برشلونة لكونه أكثر من مجرد نادٍ".
وكان اتحاد كرة القدم الفلسطيني احتج في العام 2018 على مباراة كان يريد منتخب الأرجنتين لعبها مع نظيره الإسرائيلي على نفس الملعب، ووقتها قررت الأرجنتين إلغاء المباراة.