الحادثة التي تعرضت لها الباخرة المدنية الإماراتية عرض البحر وفي الممر المائي باب المندب من قبل إيران وحلفائها تزامنت مع إقرار قانون( جاستا ) وبالتحديد خلال المعركة التي شهدها القانون بين الإدارة الأمريكية وبين السلطة التشريعية الأمريكية بغرفتيها الشيوخ والكونجرس.
استغلت إيران هذا الظرف الذي بدت فيه دول المنطقة مستهدفة بهذا القانون لتختبر الوضع المعنوي لدول المنطقة من ناحية وتأثير هذا العامل المستجد على موقف الدول الكبرى من أمن المنطقة الذي يندرج ضمن النطاق الاستراتيجي للامن العالمي .
ما يهمنا هو انه كيف تصرفت دول المنطقة إزاء هذا المستجد الدولي وما رافقه من محاولة لنشر الفوضى في هذا الجزء الهام من جغرافيتها وفي ظرف تظافرت فيه عوامل إرباك ضخمة كانت كفيلة بارتكاب أخطاء قاتلة من شانها تحقيق الفوضى التي استهدفها العدوان على الباخرة .
لا بد من الإشارة هنا إلى أن الطريقة التي تعاملت بها دول المنطقة مع القانون (جاستا) أظهرت إلى الآن تماسكاً جسد قراءة دبلوماسية مرنة وهادئة للمزاج السياسي الأمريكي المحكوم ببيئة مصالح متحركة وموجهة بقفازات القوة التي أخذت تتخبط في بحث عشوائي عن ( خصوم) بالاستناد إلى ما أطلقت عليه جذور الإرهاب ، وهو التخبط الذي يضع أمريكا في مواجهة مع نفسها قبل أي شيء آخر .
هذه القراءة الدبلوماسية الهادئة تدرك من واقع التجربة أن هذا المزاج أشبه بموجة بحرية تتحرك نحو الشاطئ ، وسيبتلعها الشاطئ ، وإن ألحقت به بعض الأضرار ،المهم هو أن تتم المواجهة في الوقت الذي تأخذ فيه بالانكسار لا سيما وانه مهما بدا ان تعقيدات العلاقة مع أمريكا قد تفتح أكثر من بوابة نحو صدام أشد ، إلا أن الحقيقة هي الخلاف مع الولايات المتحدة لا بد ان ينتهي الى تسوية وتفاهم ذلك انه ليس في مصلحة الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال ان تسقط هذه المنطقة في فوضى الدولة الفاشلة ،كما حدث مع اكثر من دولة عربية ، ولذلك فانه مهما بدا ان الفجوة كبيرة الا ان أسباب التفاهم والتسوية تظل أقوى ، على عكس الحال فيما لو أخفقت هذه الدبلوماسية في تحديد أولوياتها بدقة ، لان الذهاب إلى المواجهة يعني تحقيق ما يريده المشروع الإيراني الذي يقوم على تدمير الدولة العربية وإدخالها جميعا في فوضى عارمة .
على هذه الدبلوماسية ان تعيد بناء أولوياتها بالاستناد إلى الأخطار التي يواجهها مشروع الدولة العربية والتفكير جيداً في امتصاص الموجة التي ستتلاشى عاجلاً ام آجلاً مع القبول بتضحيات محسوبة وإصلاحات جريئة تَخلق شروطاً أفضل لعلاقات دولية أقوى مع العمل بجدية على وضع اليمن ضمن أولويات الإنقاذ السريع بعدان أنهكته الحرب وبلورة الإستراتيجية التي ستنتظم في إطارها علاقة اليمن بمحيطة .
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
لا تراجع.. بل المزيد من فرض قيم وسيادة الدولة
البنك المركزي اليمني.. وقرار توسيع وترشيد المعركة
هل تعلمنا من الدرس؟!