في ظل ظروف قاسية وبقايا وطنٍ مزقته الخلافات السياسية وادعائات الأحقية في قيادة زمام أموره تنطلق أحلام مئات بل آلاف الطلاب اليمنين المبتعثين في الخارج الى ما يحسن أوضاعهم ويغير واقعهم من خلال تحسين مستواهم التعليمي والذي يطرقون من أجله أبواب الجامعات في أكثر من 38 دولة موزعة حول العالم، آملين أن يرتقوا في سلم المعرفة والعلم درجة تمكنهم من رسم مستقبل أفضل لهم ولوطنهم المكلوم ليعودوا بعد الانتهاء من دراستهم راسمين ابتسامة فرح على شفاه وطنٍ هجرته الابتسامة منذ زمن..!
تتعالى أحلامهم وأمنياتهم لترتطم بسحابة الواقع الداكنة فتتضاعف بذلك معاناتهم ، فبعيداً عن وطنً يتجرع الويلات، يلاقي الطالب اليمني في الخارج ويلات متعددة وكأنما كتب عليه ان يقتسم مصيره مع مصير وطنه المجهول في خضم زحمة الاحداث وتتاليها.
لا يخفى على أحد ما يعانيه الطلاب اليمنيون منذ أمدٍ بعيد في مختلف الدول التي يتوزعون عليها بمختلف تخصصاتهم ومستوياتهم الدراسية فمن معاناة شبه دائمة تلف مصيرهم خارج أسوار الوطن يواجه الطلاب تأخر صرف الأرباع او المستحقات المالية الخاصة بهم والتي بالكاد تكفي للإيفاء بالتزاماتهم الدراسية ليواجهوا بعدها مأساة عدم قدرتهم على توفير تكاليف المعيشة والمأكل والمسكن..
فتلك المستحقات التي يفترض أن تصرف لهم كل ثلاث أشهر حسب اللوائح المحددة من قبل وزارة المالية والتعليم العالي تصر الا أن تتأخر كثيراً كثيراً..حتى انه ليمر الشهرالخامس وهي لا تزال في خدرها لم تصرف بعد لمستحقيها من الطلاب الذي لا يمتلكون سوى المطالبة بها كمن يتسول حقاً بيع وصودر دون وجه حق.
فبدلاُ من تحسين أوضاع الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج من خلال زيادة نسبة المنح المالية المستحقة لهم تتولد معاناة جديدة ليتفاجئ مئات الطلاب اليمنين في دول مختلفة منها ماليزيا وتركيا ومصر وباكستان وألمانيا وغيرها بأنه تم اسقاط أسمائهم من كشوفات أسماء الطلاب المبتعثين في الخارج رغم أنهم لم ينهوا دراستهم التي ابتعثوا لها بعد..وعدم صرف تذاكر سفر للطلاب الخريجين ولعوائلهم الذين ما زالوا يقبعون في موطن الدراسة.. وبذلك تزداد معاناة هؤلاء الطلاب دون سبب متأرجحةً بين زاوية معلومات و بيانات مغلوطة وزاوية سوء إدارة وقلة وعي في التعامل مع ما يمكن لهذا الأمر أن يخلفه من تبعات على الطالب المرمي في كنفات الغربة.
ومن دائرة المشكلة العامة التي تلف مستقبل الطلاب اليمنيين في الخارج في مختلف الدول بمختلف تخصصاتهم ومراحلهم الدراسية.. تعصف بالطلاب اليمنيين المبتعثين في ماليزيا وحدها مشكلة أشد و أنكى صودرت فيها حقوقهم وأهدرت مستحقاتهم نتيجة احتقان سياسي لا علاقة لهم به سواء أنهم قرروا المضي في تحقيق أحلامهم وتطوير أنفسهم و بناء بلدهم عندما يعودون اليه.
فبين إقالة المسؤل المالي في الملحقية الثقافية المسؤل عن صرف مستحقات الطلاب المالية والتي صدر من داخل الرياض معلناً اقالة فساده المالي وبين ردة فعل حكومة الداخل المدعومة من قبل الحوثيين ورفضها تنفيذ قرار الاقالة تتأرجح كفة الميزان لتعلن عدم قدرتها على حل مشاكل الطلاب والحد من معاناتهم وتدور رحى الصراع السياسي لتطحن معها حقوق الطلاب ومستحقاتهم ليوقف صرفها الى جانب تأخرها المعتاد.
وقد صرح رئيس اتحاد الطلبة اليمنين في ماليزيا الدكتور يوسف عبد الإله الشراعي بأن مصير الطلاب اليمنيين في ماليزيا أصبح ككرة قدم يتقاذفها لاعبان فلا الأول أجاد التسديد ولا الأخر أحسن الدفاع عن مرماه، وأن كل محاولاتهم للتوصل إلى حل مع السفارة والملحقية الثقافية تصطدم بمشاكل الاهمال الإداري والتهرب من المسؤلية، وعدم استشعار معاناة الطالب.
ويوماً بعد يوم تتفاقم معاناة الطالب اليمني في الخارج لترسم حلقة مصير مجهول لم يتحدد بعد..فبين غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف السكن وعدم القدرة على سداد الرسوم الدراسية يواجه أغلب الطلاب اليمنيين في ماليزيا و البالغ عددهم بالآلاف قرارات فصلهم وإيقافهم واسقاط أسمائهم وعدم صرف مستحقاتهم وتذاكر سفر خريجيهم .. لتصبح معاناتهم مأساة أكبر مواجهين خطر التشرد واستجداء انقاذ مصيرهم نتيجة تهديد بعض ملاك البيوت لهم بالطرد وطرد البعض الاخرلهم فعلاً من مساكنهم الذي يقطنونها نتيجة عدم قدرتهم على دفع ايجارات المساكن ..ومع ظروف العجز التي يواجهها أهالي الطلاب المغتربين نظراً لظروف البلاد المتردية وظروف الحرب القاهرة والوضع الاقتصادي وموجة الغلاء العارمة التي تحول بين حصول الطالب على مساعدات مالية من أهله يلاقي الطالب اليمني ويلات عديدة ..وفي ظل الظروف القاسية يلجأ بعض الطلاب الى اقتطاع جزء من منحهم المالية وارساله الى أهاليهم في أرض الوطن على حساب مأكلهم ومشربهم ومسكنهم علهم يخففون المعاناة و يدخلون البسمة على ذويهم فمن يا ترى يدخل البسمة على قلوبهم هم ويخفف من معاناتهم..؟!
ورغم تصدر الطالب اليمني المبتعث في الخارج أولى المراتب وأعلى المركز في التحصيل العلمي والبحث العلمي وتميزه الدائم، إلا أنه قد تصدر أخر المراتب في قائمة الحصول على الحقوق وصرف المستحقات المالية، فأصبح الطالب اليمني في الخارج يعيش دوامة صراع دائم بين توفير ما يسد به احتياجه واحتياج اهله داخل الوطن، وبين رحلة معاناة تزداد يوماً بعد يوم..
وبدلاً من أن تواجه أحلامه النبيلة في اكمال دراسته والعودة لبناء وطن جديد ويمن تحفه المحبة والخير بالتشجيع وصرف المستحقات والحفاظ عليها، لا يجد الطالب نفسه الا امام موجة إهمال وعاصفة من التقصير والخذلان .. ليقف في صف معركته وحيداً ..!
فهل سيجد الطلاب اليمنيون في الخارج من يدافع عن حقوقهم ويحميها في ظل مصادرة الدولة لحقوق ابنائها واستهاناتها باحتياجاتهم ومعاناتهم ومماطلتها في صرف مستحقاتهم ضاربة بمصيرهم عرض الحائط ..؟!
وفي خضم كل تلك المشاكل والويلات ورحى المعاناة التي تعصرهم عصراً وبين مطرقة الوعود وسندان إهمال الدولة وخذلانها ..ومن منطلق المطالب الحقوقة البحتة وبعيداً عن أي مطالب أخرى.
اقراء أيضاً