أنفاق مضيئة


مجدي أحمد

عند توصيف الحالة السياسية السيئة وانسداد أفق الحل السياسي وتدهور الاوضاع وانزلاقها نحو الحرب والاقتتال في أي بلد عادة ما يقولون: وصلت الامور إلى نفق مظلم؛ إلا في غزة لا تبدو الانفاق مظلمة رغم تردي الأوضاع هناك ووصولها إلى ما دون السوء وفوق مستوى الاحتمال.
 
حين لم يستطع ظهرها المثخن بالجراح والآلام على حمل وحماية أبناء غزة المقاومين احتضنتهم الأرض في بطنها كأمٍ حنون لا يهون عليها التفريط بأبنائها.
 
 لقد مثلت الأنفاق في غزة مصدراً للضوء ورمزاً للصمود وعلامة على التحدي ومؤشراً على مدى الانتصار والهزيمة.
 
في غزة تُخرِج الارض أثقالها ورجالها للانقضاض على الغزاة وآلياتهم الذكية والمتطورة في مشاهد بطولية أبهرت العالم وأذلت الاحتلال وداعميه.
 
يخرج المقاوم الفلسطيني من بطن أمه الأرض لاصطياد فريسته وتوثيق لحظة الانقضاض عليها ثم يعود اليها سالماً وقد ظفر بإحدى الحسنيين.
 
 احتشدت كل قوى الغرب لكشف سر الانفاق في غزة ولم يصلوا إلى نتيجة، وعجزت أحدث التقنيات الاستخباراتية من معرفة طبيعة شبكة الانفاق فيها دون جدوى.
 
ولان الفلسطينيين أكثر شعوب الأرض بِرا بأمهم الأرض فهي لم تخذلهم ابداً بل بادلتهم ذات الاحسان والبر وقاتلت معهم شوارعها وأشجارها وأحجارها وترابها.
 
وبالعودة إلى جذور الصراع في فلسطين تشكل الارض حقيقته وجوهره إذ أنه صراع وجود بين صاحب أرض أعزل إلا من إيمانه بقضيته ومحتل نازي مدجج بأحدث الاسلحة يسعى إلى قضم وابتلاع ما تبقى من أرضه وتهجيره منها قسراً.
 
منذ اتفاقية اوسلو التي اخذت إسرائيل بموجبها أكثر 70٪ من الاراضي الفلسطينية والاحتلال لا يتوقف عن التوسع والتمدد ومصادرة مزيد من الاراضي الفلسطينية من خلال عمليات الاستيطان رغم أن الاتفاق نص على ايقاف الاستيطان.
 
كان الهدف من الاجتياح البري لغزة اكراه الفلسطينيين على مغادرة أرضهم والنزوح نحو المجهول لكن الفلسطيني شب عن الطوق وتعلم الدرس واعتبر بمآسي التهجير في الماضي.
 
يُهجّر الفلسطيني عنوة ويغادر ارضه مكرهاً لكن علاقته بها لا تنتهي ووصله لها لا ينقطع فهو أينما يذهب تجده يحمل معه مفتاح العودة في يده.
قوة الفلسطيني ونقطة ضعفه أرضه، مسكنه، مسقط راسه وسماء حلمه وقد خسر كل شيء ولا يزال يحتفظ بتماسكه وقوته.

* من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر