هناك عصابة يمنية تريد احتكار الشعر والنقد لها وحدها..
 
لا أدري ماذا قدّمت غير الصخب والصراخ، حتى شهرتها لم تأتِ من جانب أدبي إبداعي (شعرا أو نقدا)، وإنما بإثارة مشاغبات جانبية.
 
وها هي هنا تُفصح عن عدم معرفتها بالشعر والنقد، بل لم تفهم ولا تريد أن تفهم بديهيات القراءة، يقولون: كذاب!ولو أحسنوا القراءة لاكتفوا بالعنوان ليثبت لهم أن القصيدة ليست للمقالح، فلا يمكن أن يكتب المقالح قصيدة ويسميها:
 
(الوصية الأخيرة لعبد العزيز المقالح)
أنا لم أكن في يومٍ من الأيامِ (خلف الأحمر، ولا حمّاد الراوية) الذين كانا ينتحلان الشعر وينسبانه لشاعر جاهلي، لعلّ البعض لا يعلم بأن القصيدة التي مطلعها:
أقيموا بني أمّي صدورَ مطيّكم
فإني إلى قومٍ سواكمْ لأميلُ
 
المنسوبة للشنفرى.. ليست أكثر من قصيدة عباسية، كتبها (خلف الأحمر) ونسبها للجاهلي الشنفرى!
 
ولكنني هنا، في هذه القصيدة، ذهبتُ مذهب المعلم، وأقصد بالمعلم الدكتور عبد العزيز المقالح!
فإن كانت هذه العصابة، تتلمذت في مقيل المقالح، وسعت إليه مستغلة اسمه الأدبي والثقافي لتصعد على أكتافه، ويعرفها الناس، فإنني تتلمذتُ على دواوينه الشعرية وكتبه النقدية!
 
وإن كانت هذه العصابة ضحكت في وجهه ضحكات انتهازية، فإن روحي ابتسمت لروحه في مقاهي المنفى، وشوارع الغربة!
 
وإن كانت قرأتْ الكلمات، ولامستْ الجسد، فإنني قرأتُ الفكرَ، ولامستُ الروح، فمن سيسمو أكثر؟!
 
عصابة تائهة، لا تقف على مبدأ، صفقت للإمامة وتماهت وتعايشت معها حتى صار جلدها يشبه جلد الإمامة، وملامح وجهها تشبه ملامح وجه الإمامة، ثم جاءت تحاضر عن الحرية والعزة والكرامة!! ياللعجب!
 
أعود وأقول: إنني ذهبتُ مذهبَ المعلم، والتمستُ أثره، ولو عرفوا مذهبه وتمرغوا في أثره لما صرخوا، ولكنهم قوم يجهلون!
 
فالمقالح كتب قصيدة بعنوان: (مقتطفات من خطاب نوح بعد الطوفان)، قال فيها:
قلتُ لكم: من قبل أن يثورَ ماءُ البحر
قبل أن تعربد الأمواجْ
وقبل أن يغيبَ وجه الأرض
قلت.. الداء والعلاجْ
لم تحفلوا..
لم تسمعوا..
كنتم هناكَ في الغيومِ في الأبراجْ
أرجلكم ممدودة- كانت- إلى السحابْ
رؤوسكم مغروزةٌ في الوحلِ.. في الترابْ
فلماذا لم تقولوا بأن المقالح كذاب؟.. هل يُعقل أن هذا كلام نوح عليه السلام؟!، لنذهب إلى نصٍّ آخر ثم نشرح.
 
في قصيدة أخرى عنونهابـ: (من يوميات سيف بن ذي يزن في بلاد فارس) قال:
بلادي بعيده
وحزني قريبْ
وأنفي هشيمٌ بسجنِ السعيده
ووجهي غريبْ
صباح وقفنا على بابِ كسرى
نقبَّل أعتابهُ.. كان وجه المدائنْ
على الأفقِ داكنْ
وكان الدخانُ يطلّ حزينا
ويكتبُ أحزاننا في المداخنْ
 
لماذا لم تصرخوا في وجه المقالح هنا أيضا، وتقولوا عنه كذاب؟؛ لأنه لم يكن مع سيف بن ذي يزن في المدائن، ولم يكتب يومياته.
 
ستقولون: هذا شعر، والشعر إيحاء، وهذا إسقاط تاريخي، وما إلى ذلك من هذه التفسيرات.. سأقول لكم: كل كلامكم صحيح، فنحن نتحدث عن الأدب!.
 
لكن، لماذا تقولون عني كذاب وما كتبتهُ مشابه لما كتبهُ المقالح؟
لنذهب إلى قصيدة أخرى بعنوان: (أحزان الليلة الأخيرة من حياة عمارة اليمني)، يقول:
من سيخلصني من عذابي وموتي؟
ومن ينزع السيفَ عن عنقي المستكين؟
أشتكي (للمقطم) للنيل حزني ومسبغتي
وأبث المآذنَ أنباء فاجعتي
لماذا حلال للمقالح أن يتمثل شخصيات أخرى، ويقول ما يشاء باسمها، وحرام على غيره؟. وهنا القصيدة بعنوان: (أحزان الليلة الأخيرة من حياة عمارة اليمني)، وهو عنوان مقارب لعنوان قصيدة: (الوصية الأخيرة لعبد العزيز المقالح).
 
إن كانت القصيدة لم تعجبكم، ولا تمت للشعر بصلة (لغة ركيكة كما تقولون) اتركوها وانصرفوا.. لا تقفوا أمامها، ودعوا تاريخ الأدب يحكم، ويميز الجيد من الرديء!
 
وهناك نماذج كثيرة، في الشعر العربي المعاصر، ولكنني اكتفيت بنصوص من دواوين المقالح، ليبقى النزاع في حدود الأدب اليمني، ولا يتشعب النقاش أكثر!.
 
مع خالص التحية لعصابة الأدب اليمني!
 

*نقلاً عن صفحة الكاتب على فيسبوك