إذا كان كسرى قد أرسل المجرمين إلى اليمن قبل 15 قرناً فها هو خامنئي يطمح لأن يكون كسرى الصغير، يعبث في اليمن عبر مجرمي هذا العصر من ميليشيات سليماني والحوثي
كما توقع كثيرون فقد فشلت مفاوضات الفرقاء اليمنيين في الكويت حتى وإن حصلت على عملية إنعاش تتمثل في تمديدها لمدة أسبوع. كما أن المشروع الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة وقبلت به الحكومة اليمنية قد تم رفضه من قبل وفد الحوثي والمخلوع. وبالتالي بات من المؤكد أنه لن يتم تطبيقه من قبل الانقلابيين كما هو الحال لمصير المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2216. كما أن الاتفاق الثنائي الجديد الذي أعلنه الانقلابيون فيما بينهم لا يعدو كونه تأكيدا على تجاهلهم التام للقرارات الدولية والاستمرار في عمليتهم الانقلابية.
نعلم جيدا الأطماع الإيرانية في الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية وأهدافها الإستراتيجية المدفوعة قوميا ومذهبيا. إن الأهمية القومية لإيران في اليمن تتمحور حول الحلم الإمبراطوري الذي تردده طهران في أدبياتها ومحاولة إقناع الرأي العام الداخلي بصواب قرار تدخلها في اليمن ودعم الحوثي، من خلال: أولا العزف على الجانب القومي بأن إيران الساسانية قد حكمت اليمن (عبر مجرمين تم إطلاق سراحهم من السجون لهذا الغرض) قبل بزوغ فجر الإسلام لبضعة عقود عندما لجأ إليها ملك اليمن لإنقاذه من المد الحبشي. حاليا يكرر النظام الإيراني مزاعم وجود مواقع أثرية تشهد بالحضور الإيراني، هناك والحلم الإمبراطوري الفارسي تضعف أمامه العقلية الفارسية وتحلم باستعادة "أمجاد" الماضي المزعومة.
أما في الجانب المذهبي، فإن طهران قد حقنت العقول المؤدلجة بحلم الدولة المهدوية وتلعب اليمن دورا محوريا في ذلك، حيث الاعتقاد بظهور اليماني لنصرة المهدي المنتظر ومن هنا يتحقق لإيران في حال سيطرتها على اليمن استجابة إلهية لدعوة "التعجيل بالفرج" للإمام الغائب الذي لن يظهر وفق الأيديولوجية الشيعية في نسختها الإيرانية حتى تسيل الدماء في مكة وتتلطخ أجدار الكعبة بالدماء، (هذه نظرية متداولة في إيران وهناك من يؤمن بها أو يروج لها لأهداف سياسية). وبالتالي من لم يقتنع بالدافع القومي يستهويه الدافع المذهبي.
في ظل هذه الأطماع الإيرانية في اليمن يمكننا تخيل وضع المنطقة في حال استقرار الأمر للحوثي المدعوم إيرانيا بكافة الوسائل، وانعكاسات ذلك على دول المنطقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية! لن يكون الوضع كالحالة اللبنانية حيث نجد دولة "حزب الله" داخل الدولة اللبنانية وَقاد ذلك لبنان للعديد من المآزق السياسية والاقتصادية لم تنهض منها لبنان بعد. للأسف إن الأمر في اليمن سيكون أكثر خطورة خاصة على المستوى الجيوسياسي، حيث ستشكل إيران كماشة على أهم معبرين للطاقة في المنطقة هما مضيق هرمز ومضيق باب المندب. أما اجتماعيا، فسيتم شحن المجتمع اليمني ضد شعوب المنطقة ومن لا يستجيب سيكون مصيره مماثلا لما يحدث في العراق بعد تمكن إيران منها من قتل وإحراق وتعذيب على الهوية. وفي الجانب العسكري فسنشهد عشرات النماذج من حزب الله ومليشيات أبو الفضل العباس والزينبيين على الشريط الحدودي للمملكة العربية السعودية وعمان، وربما حلم قاسم سليماني ورفاقه في التقاط الصور على الحدود اليمنية السعودية وهذا حلم كبير للنظام الإيراني، قبل أن يصبح كابوسا بعد عاصفة الحزم وإعادة الأمل.
يجب التذكير بأن دول المنطقة العربية تسعى إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، وهو خيارها الأول تجنبا لإراقة الدماء وحفاظا على اليمن ومقدراته، ولكن إذا كانت سياسة الميليشيات الانقلابية لا تعترف بأي من الحلول السياسية لسبب بسيط أن قرارها في طهران وليس صنعاء، فإن الحل العسكري الذي يفتت الخطر الإيراني ويعيد الشرعية لليمن هو اللغة الوحيدة التي تفهمها طهران قبل الحوثي ومليشيات المخلوع. كذلك إذا كان كسرى قد أرسل المجرمين إلى اليمن قبل 15 قرناً فها هو الخامنئي الذي يطمح ليكون كسرى الصغير يعبث في اليمن عبر مجرمي هذا العصر من ميليشيات قاسم سليماني وعبد الملك الحوثي.
ولتجنب ذلك كله، على الشعب اليمني، مواطنين وساسة ومفكرين إدراك الأمر قبل غيرهم، أن مصالح دول الجوار تتمثل في يمن مستقل ومستقر، بانتماء عربي لا فارسي، كما أن عليهم الالتفاف حول الشرعية وتحرير الأرض من براثن المد الفارسي التوسعي. الواقع الذي لا مفر منه هو أنه لن يحرر الأرض إلا أبناء اليمن المخلصون، أما دول المنطقة فلن تألوا جهدا في تسخير كافة الإمكانات والدعم اللازم لتحقق طموح هذا الشعب الجار والشقيق ليعود اليمن سعيدا كما كان، ودوّل الخليج العربي لم تتخل عن اليمن سابقا ولن تتخلى عنه حاليا، والتاريخ يشهد على ذلك من قبل ومن بعد.
خلاصة القول، إذا تم استنفاد كافة الحلول السياسية فإن الكي آخر العلاج، وعلى الشعب اليمني أن يشمر عن سواعده ويقول "نحن لها، نحن لها".
------------------------------------------
* محمد السلمي: مهتم بالشأن الإيراني
- المصدر: نقلا عن الوطن أونلاين في 2016-08-04
اقراء أيضاً